كشف أحد العاملين الفلسطينيين بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) عن شروع الوكالة اليوم بتوزيع خريطة لقطاع غزة على عدد من مدارس مدينة غزة وفقًا لتصور العدو الصهيوني. وتشير الخريطة إلى الأراضي الفلسطينية المحيطة بالقطاع بأنها الكيان الصهيوني، وهو ما يرى فيه لاجئون فلسطينيون ترويجًا لوجهة النظر الصهيونية وترسيخًا لواقع الاحتلال وتجاوزًا للمهام المنوطة بالوكالة والمنحصرة في تشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين. وقال الموظف -الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه- إن إدارة التربية والتعليم بالوكالة زودت بعض مدارس مدينة غزة بعدد من النسخ، وبدأت بتوزيعها اليوم على الفصول. وتحمل الخريطة توقيع مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وهي من القطع الكبير المعد لغرض تعليقها على الجدران، وتتضمن كافة تفاصيل ومعالم قطاع غزة بما في ذلك التوزيع السكاني والمناطق البرية والبحرية التي يمنع جيش الاحتلال سكان القطاع الاقتراب منها. ووفق الموظف فإن الوكالة راكمت قبل أكثر من أسبوعين الكثير من النسخ التي لم يتمكن من تحديد عددها في تلك المدارس التي شرعت بتوزيعها على فصولها. وأضاف أن توزيع الخريطة من قبل إدارة أونروا بغزة قوبل باستهجان واستغراب كبيرين من المدرسين الفلسطينيين الذين رأوا في ذلك تعمدا من الوكالة للزج بنفسها في أتون السياسة. وعبر عن اعتقاده بأن الوكالة الدولية لم تعد تلتزم بالدور المهني المنوط بها على صعيدي الإغاثة والتشغيل، مشيرًا إلى أن توزيع خريطة القطاع وفقًا لوجهة نظر العدو الصهيوني خرق فاضح لسياسة أونروا منذ نشأتها. من جانبه قال أمين سر هيئة مراقبة (أونروا ووتش) عصام عدوان إن الوكالة تثبت مرة تلو الأخرى عدم مبالاتها بمشاعر اللاجئين، فرغم أن الكيان الصهيوني أمر واقع فإنه مرفوض من قبل الشعب الفلسطيني. وتساءل المسئول بأونروا ووتش -وهي هيئة شعبية فلسطينية تشكلت مؤخرًا للرقابة على أداء أونروا بما يكفل الحفاظ على حقوق اللاجئين الفلسطينيين- عن سبب إقدام الوكالة على توزيع خريطة لقطاع غزة -ليست من إعدادها- على مدارس أبناء اللاجئين. ورجح عدوان، وهو يشغل أيضًا رئاسة دائرة شؤون اللاجئين التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن يكون توزيع الخرائط من فعل جهات ترغب في تعويد أبناء اللاجئين على رؤية الكيان الصهيوني على أرض آبائهم وأجدادهم التي رُحّلوا منها بالقوة. وأوضح أن الخريطة الموزعة تشير إلى أن الأجزاء الشرقية من القطاع تابعة للعدو الصهيوني، في حين أن تلك الأراضي تقع بمنطقة تابعة للقطاع ولم يحتلها العدو الصهيوني عام 1948، وإنما انتزعتها بعد توقيع اتفاقية الهدنة الدولية الدائمة مع مصر عام 1949. وأضاف عدوان أنه لا يليق بمن يخدم اللاجئين الفلسطينيين مصادرة حقوقهم ومعاداة قضيتهم، مطالبًا بإقالة كل المتورطين في هذا العمل المنافي لدور الوكالة الإغاثي والتشغيلي، على حد تعبيره. وعبر عن استهجانه لقيام الوكالة بتوزيع مثل هذه الخرائط في مدارس الوكالة ومؤسساتها التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين، داعيًا إياها إلى النأي بنفسها عن التدخل في الشأن السياسي "لأن الصراع ما زال قائمًا بأبعاده السياسية والعقائدية". وتمنى ألا يكون هدف أونروا من وراء توزيع الخرائط الانخراط في مشاريع تهدف من ورائها إلى تهيئة الفلسطينيين لتقبل حالة اللجوء، والدفع بهم للتخلي عن طموحاتهم وأمنياتهم بالعودة إلى أراضيهم. وذكر أن هيئته بدأت تلمس الآونة الأخيرة أن الوكالة بدأت تُقدم على خطوات مثيرة لشكوك اللاجئين وتستفز مشاعرهم، مشيرًا إلى أن توزيع الخرائط يأتي في إطار جملة من الخطوات التي اتخذتها الوكالة مؤخرًا كمسألة تعليم المحرقة اليهودية وتغيير شعار أونروا وغيرها. من جانبه رفض المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين عدنان أبو حسنة التعليق على الموضوع قائلًا "إن أونروا ليس لديها رد".