بعد أن انتهت المرحلة الثانية من الانتخابات واتضحت كثير من المعالم التي كانت تخفى على كثير من الناس ، أصبح جلياً لكل عاقل أن السلفيين يتقدمون بخطى سريعة نسبة لعمرهم السياسي، فالحرب التي أُعلنت عليهم بعد الاستفتاء العام على التعديلات الدستورية والتخويف منهم بشتى الطرق وبكل الأساليب الإعلامية أدى في النهاية إلى الدعاية لهم وتعريف الناس بهم . السلفيون لم يكن يعرفهم كثير من الناس قبل الثورة باسمهم ، ولكن الكل يعرف أن هناك التيار الإسلامي ، وأغلب الشعب يطلق هذا على جماعة "الإخوان"، ولكن رُبَّ ضارة نافعة، فالنتيجة أنه حدث تمييز بين كل فكر وانتصر "السلفيون" على الحملة المسعورة ضدهم التي أدت إلى قبول الجميع بالواقع السلفي ومحاولة التصالح معه سواء كان من قبل التيار الليبرالي العلماني أو من قبل التيار اليساري ، لكن الذي لم يقبلهم حتى الآن ويحاول أن يهمشهم ويقلب حقيقتهم هو التيار الإسلامي الآخر ، ولا أدرى أهو حسد أقران أم إنهم يخشون أن يسحب البساط الذي لم يقفوا عليه من تحت أرجلهم ؟. لكن الكل يجب أن يعلم أن "المارد السلفي" قد خرج فعلاً وأنه يتعلم بسرعة وأنه ولد وله أسنان ، والسلفيون تحملوا الكثير من بني جلدتهم من شيوخهم الذين اتهموهم بأنهم ليسوا رجال المرحلة ، وأن الأسبق في السياسة أفضل منهم مع ضعف دينه ،وقامت الدنيا عليهم لمجرد أنهم أعلنوا أن أحد شيوخهم يؤيدهم ، وغيرهم كان يؤيد علناً في كل برامج الفضائيات ،والعلمانيون والليبراليون يعلنون تأييدهم لأحزابهم ، أما نحن لمجرد التأييد أصبح هذا خرق ديني وقانوني وخروج على الملة . ثم جاءت الانتخابات وظهر ما كان دفيناً من إخواننا من التيار الذي ينادي ليل نهار بأن "القرآن دستورنا" فصنع في الانتخابات ما كان يفعله معه الحزب الوطني السابق ،وهم تعلموا منه ذلك ، إلا أن الحزب الوطني كان واضح المعالم ينادي بالكرسي لحسابه الشخصي ، أما أن تنادي بالكرسي باسم الدين ، ولا تطبق تعاليم الدين ولا تنافس منافسة شريفة وتستخدم كل الحيل والأكاذيب التي لم يستخدمها حتى التيار الليبرالي ، بل أن التيار الليبرالي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنهم لم يعرفوا تلك الحيل ، وكانوا ينافسون منافسة شريفة . إن هذه الانتخابات كانت مذبحة للدين ومذبحة لكل التعاليم ، ولذلك هم قالوا أننا لا نفهم في السياسية وحقاً إن كانت هذه هي السياسة فإننا فعلاً لا نفهم فيها ، أن نكذب وأن نلفق ونغش ونغتاب ونرشي .... نعم لا نفهم فيها ، نحن أردنا أن نعَّلم الناس الأخلاق ونتعامل معهم كما كان يتعامل النبي ( ص) وكما علمنا ديننا . إن المرحلة المقبلة منعطف خطير يجب أن يقف أمامه الجميع لكي نخرج بالبلاد من هذه الهاوية ، والشباب في ثورة وهو قد عشق أن يثور وعشق الموت بسبيل وبدون سبيل ، وها أنتم ترون ما يحدث ولا زال يحدث في الميدان والشوارع المحيطة به . يجب أن يقف الجميع ويتصالح الجميع ، وأن نترك مساحات واسعة للحوار وأن يكون لدينا قناعة بألا يستأثر أحدنا بالأمر ،وذلك من كل التيارات لأن ذلك هو مفتاح الحل.
إن التيارات التي تهاجم السلفيين لا تعرفهم ولم تجلس معهم ولم تناقشهم وتحاورهم ، وها هو رئيس حزب ليرالي كبير يقول في جريدة الأخبار أنه لم يجلس و لم يحاور سلفي واحد في حياته .. !! فيكف يحكم علينا ولم يجلس معنا ؟ نحن نرحب بالحوار وبالتواصل وإبداء الآراء مع عدم إقصاء أحد ، بل ولابد من حلٍ للخروج من الأزمة. ويجب أن يكون هناك تنافس شريف غير قائم على العداوة المطلقة التي تتم بدون أسباب ويجب أن نكون واضحين في التعامل .. أما أن نتعامل بمبدأ "التقية" وهو إظهار عكس ما نبطن فأظن أن هذا سوف يؤدي إلى الخراب والدمار. إن التيار الذي تربى على التنظيم السري يجب أن يعرف كيف يعمل في العلن، وأن يتخلى عن ذلك وينفتح على الجميع والله يؤتي ملكه من يشاء ،والكل يجب أن يغتسل من أدران الماضي ، وينظر إلى حاضر مشرق للجميع ، نتعايش فيه ونبني مجتمعا وأمة واعية وننهض بأمتنا ونحافظ على وطننا دون أن نفرط في ثوابتنا. ونسأل الله لنا ولكم التوفيق. E-mail:[email protected] ------------------------------------------------------------------------ التعليقات ابومهند الفيومي الخميس, 29 ديسمبر 2011 - 07:16 pm اتق الله اخى ارجو ان تنزع حظ الدنيا من قلبك واحذر ان تنال من لحم اخوانك فالعاقبة مذمومة واذا كان هناك اخطاء فنرجو التصحيح بالحسنى وعدم التشكيك في النواىا لان الباطن لا يعلمه الا الله ** فرج غانم السبت, 31 ديسمبر 2011 - 05:25 pm الإمارات إذا أردت أن تستفيد من الثورة استفادة حقيقية ففكر جيدا في موقفك من الثورة قبل أن تنجح في خلع الرئيس ، ثم فكر في موقفك من الانتخابات قبل الثورة ، ثم فكر في موقفك من الإخوان قبل الثورة ثم قف جادا مع نفسك واستحضر ربك ثم تصرف بعد ذلك بما يمليه الحق مع كل الناس دون تمييز مع مراعاة أننا جميعا بشر . عبدالمعز السبت, 31 ديسمبر 2011 - 05:32 pm هل حضرتك داعية الي الله لي بعض الملاحظات \\r\\n1- الفاظ حضرتك (التيار الذي تربى على التنظيم السري- أما أن تنادي بالكرسي باسم الدين ) تعبيرات يستخدمها العلمانين وامن الدولة \\r\\n2- اين كان التيار السلفي ايام حسني مبارك في السياسة والشان الخاص بالحكم الم يحرم التيار السلفي ( الانتخابات - المظاهرات - نزول المراة الانتخابات - وانخراط المراة في العمل العام )\\r\\n3- من هم الذين يمثلون السلفية في مصر ( محمد سعيد رسلان ام محمد المقدم ام محمد حسان ام ياسر برهامي - ام محمد عبدالمقصود --------) مع حفظ القابهم وقدرهم وعلمهم وان كانوا كلهم فمن نسمع له اذا كان كل هولاء يختلفون في بعض المسائل التي ذكرتها سابقا حتي الان \\r\\n5- ام موضوع الابتلاء فان لم اسمع ان سلفي تمت محاكمته وسجنه واعتقاله بسب رائه او لانه معارض للحكم الذي كان يخالف في بعض الامور الشريعة عبد الله الأحد, 01 يناير 2012 - 03:34 pm عيب \"إن المرحلة المقبلة منعطف خطير يجب أن يقف أمامه الجميع لكي نخرج بالبلاد من هذه الهاوية\" فهل حملتك وهجومك على الناس مناسبة لهذه المرحلة أم ماذا ترمي وتقصد؟! أخي الفاضل عيب هذا الكلام وفي هذا الوقت بالذات وراجع نفسك فهؤلاء الذين تتهمهم هم إخوانك الذي غيبتهم السجون ومن ضحى بروحه ودمه حتى أتى هذا اليوم الذي تستطيع فيه أن تقول هذا الكلام بحرية .. اتق الله واستغفر لذبنك فإنه يحب المستغفرين