بقلم | الشيخ الداعية محمد المصري شرع الإسلامُ للمسلمين عيدين عيد الفطر، وعيد الأضحى إدخالاً، للسرور والفرح علي قلوبهم وتوسعة عليهم ، وعلي أهليهم وجيرانهم وأمة الإسلام جمعاء ومن خصائص الأعياد في ديننا أنها ذاتُ صبغةٍ دينية تأتي بعد مواسم الطاعة والعبادة ، فعيد الفطريأتي بعد رمضان وماشُرِع فيه من صيام وقيام وختام قرآن وصدقات وكذا عيد الأضحى يأتي مرتبطا بفريضة الحج ومافيها من نُسُك وشعائر (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) وفيه استن رسول الله _صلي الله عليه وسلم _سنة الأضحية ؛إذ يتذكر تضحية أبيهم وأبي الأنبياء إبراهيم عليه أتم الصلوات وكامل التسليم _حيث أقدم علي ذبح ولده الوحيد إسماعيل ،الذي لم يره مذ كان رضيعاً امتثالاً لأمر الله _عزوجل _ ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) فيتعلم المسلمون أن الفرج لا يأتي ، والفرح لايتحقق إلا بتمام التسليم لله ، والإذعان له في قبول أحكامه في الظاهر والرضا بها والارتياح لها في الباطن، والتطبيق في واقع الحياة (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)) صلي الله عليهما وسلم بأبي هما وأمي لم يتوانيا عن أمر الله لحظة ، ولا تأخرا عن حكمه برهة ، وما خرجت زوجه هاجر_صلوات ربنا عليها وعلي نبينا وآله وسلم _تصرخ تركته لي وقد كان رضيعاً، في بلدً غير ذي زرع ولاضرع وهاقد جئت ؛لتذبحه ، إنما هي المؤمنة الواثقة ،إنما كان لسان حالها ماعبرت عنه ، بمقالها يوم أن تركها وحيدةً مع إسماعيل الرضيع : "آالله أمرك بهذا؟! قال:نعم ،قالت :إذن فالله لن يضيعنا"،قبول مطلق لقضاء الله ، وحُكمُه ،وتسليمٌ تامٌ لأمره . هنا يتأتي رضاه ويمتلئ قلب المؤمن بغناه (ارض بما قسم الله لك تكن أغني الناس ). وفيمارواه الحاكم في المستدرك، وصححه علي شرط الشيخين دلالة وإشارة بالغة ؛إذ روي ابن عباس عن الرسول _صلي الله عليه وسلم _(لماأتي إبراهيم خليل الله _صلوات الله عليه ، وسلامه_المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة ؛ فرماه بسبع حصياتٍ ؛حتي ساخ في الأرض ثم عرض له عندالجمرة الثانية؛فرماه بسبع حصياتٍ ؛ حتي ساخ في الأرض ثم عرض له عندالجمرة الثالثة فرماه بسبع حصياتٍ في الأرض) علي المحاولات المتكررة من الشيطان لغواية المؤمنين . مما يذكر جماعة المؤمنين بعداوة الشيطان (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) ، وضرورة أن يتسلحوا في مواجهة هذه العداوة بقوة الإيمان ، وموالاة المؤمنين والتعاون مع المصلحين ، مهما تكلفوامن تضحيات ، وما الأضحيةُ إلا من التضحية ، فلا سبيل للحرية والكرامة إلا بالتضحية ، ولا تؤتي التضحية ثمارها إلا من المتقين إذ يذبح المسلمُ متذكراً قصة التضحية ،الأولي في تاريخ البشرفي قصة هابيل وقابيل ؛ إذ جادت نفس هابيل بأطيب مايملك قرباناًلله _تعالي _،وأجوده من الكباش ،وتقدم أخوه ،بأرد أماتثمره زراعته من الثمار؛ فيتعلم باباً من أبواب البر وكيف يكتسبه ويفوزبه (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) ،والمولي _تعالي _يقول :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) وبالأضحية والتضحية دربةٌ ومرانٌ علي التحقق ،بفضيلة التقوي (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ). وصلي الله علي محمد ،وعلي آله ،وصحبه ،وسلم