رغم أن ما بات يعرف "بصفقة القرن" لم تعلن رسميا، فإن العديد من تفاصيلها تسربت خلال الشهور الماضية عبر وسائل إعلام عربية وغربية، وعلى لسان أكثر من مسؤول. في هذا السياق، تحتضن العاصمة البحرينية يومي 25 و26 يونيو المقبل مؤتمرا اقتصاديا يركز على الجوانب الاقتصادية لخطة السلام الأميركية، تشارك فيه أوساط أعمال إقليمية ودولية، إضافة إلى وزراء خارجية بعض الدول دون تحديد أسمائها. وأعلنت العديد من الدول الإسلامية رفضها للمؤتمر الذي وصفته بخطوة نحو تصفية القضية الفلسطينية، كما أعلنت الصينوروسيا مقاطعتها المؤتمر. على الجانب الآخر، أعلنت السعودية والإمارات موافقتهما على المشاركة في المؤتمر. كما نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مصدر مشارك في تنظيم مؤتمر البحرين، أن قطر ستشارك في ورشة العمل الاقتصادية التي ستستضيفها المنامة لدعم الاستثمار في فلسطين. ودعت منظمة التحرير الفلسطينية أمس الأحد الدول العربية التي أعلنت موافقتها على المشاركة في مؤتمر المنامة الاقتصادي بالعدول عن قرارها. اقرأ أيضا: مترجم| كيف نامت دول الخليج في "سرير إسرائيل" ونسيت القضية الفلسطينية؟ موقف السلطة الفلسطينية فلسطينيا، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف إن الرئيس محمود عباس سيطالب المشاركين في القمتين العربية والإسلامية بمقاطعة ورشة العمل الاقتصادية التي تخطط الإدارة الأميركية لعقدها الشهر القادم في البحرين. وأضاف أبو يوسف في تصريح لرويترز "الرئيس (عباس) سيلقي خطابا أمام القمتين العربية والإسلامية في المملكة العربية السعودية، يطالب المشاركين فيهما بعدم المشاركة في ورشة العمل الاقتصادية التي تنظمها الإدارة الأميركية في البحرين ضمن صفقة العار الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية". وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية خلال جلسة الحكومة الأسبوعية في رام الله اليوم إن عباس "سوف يلقي خطابا يسطر فيه بوضوح الموقف الفلسطيني من المجريات السياسية في المنطقة، ويطالب العرب والمسلمين بالإيفاء بالتزاماتهم تجاه فلسطين، كما يؤكد أن فلسطين مفتاح السلام في المنطقة وهي مركز الصراع". اقرأ أيضا: تفاصيل جديدة عن دور محمد بن سلمان في تمويل صفقة القرن.. تعرف عليها الفصائل الفلسطينية تُحذر من جانبها حذّرت الفصائل الفلسطينية الرئيسية من المؤتمر أيضا، وقالت في بيان صدر عن لجنة المتابعة التي تضم القوى والفصائل الفلسطينية الرئيسية إن "مؤتمر المنامة، ورشة عمل تصفوية تحت عنوان مضلل وهو (السلام من أجل الازدهار)، في محاولة من الإدارة الأميركية لتمرير المرحلة الأولى من مؤامرة صفقة القرن". واعتبرت الفصائل -ومن ضمنها حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية- أن مؤتمر المنامة يهدف لإشغال المنطقة بالقضايا الاقتصادية والإنسانية والفتن الطائفية، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته. وأكّدت الفصائل رفضها لعقد هذا المؤتمر، معتبرةً أن أي مشاركة عربية أو فلسطينية -سواء كانت رسمية أو شخصية- ستكون بمثابة الطعنة لقضية الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية والاستقلال الوطني. وثمّنت الفصائل مواقف الدول والجهات الشخصيات -خاصة الفلسطينية- الرافضة للمشاركة في المؤتمر، وطالبت كل الجهات والدول التي تلقّت دعوات للمشاركة في الورشة الاقتصادية بالمنامة، بإعلان رفضها والامتناع عن المشاركة. موقف حزب الله من جهته، حذّر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من أن يكون هذا المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في البحرين، خطوة في اتجاه توطين اللاجئين الفلسطينيين. وقال نصر الله في خطاب متلفز بمناسبة الذكرى ال19 للانسحاب الإسرائيلي من جنوبلبنان، "نحن جميعا معنيون بتحمل المسؤولية التاريخية في مواجهة هذه الصفقة المشؤومة التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية". ودعا إلى عقد لقاء عاجل بين المسؤولين اللبنانيينوالفلسطينيين في لبنان ل"وضع خطة لمواجهة خطر التوطين الزاحف والقادم"، وأضاف "أهم مسألة قد يؤدي إليها المؤتمر والتوجه الاقتصادي الذي يود نقاشه هناك.. أنه قد يفتح الباب عريضا وواسعا أمام مسألة توطين الإخوة الفلسطينيين في لبنان وبقية البلدان التي يوجدون فيها". "الأونروا" في مهب الريح وقد اقترحت الإدارة الأمريكية على المشاركين في ورشة العمل الاستغناء عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأممية (أونروا)، بحسب صحيفة إسرائيلية. وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأمريكية "على المستوى العملي يجب الاستعاضة عن أنظمة وكالة أونروا في مجال التعليم وتوزيع الأغذية، ببرامج تطوير تنفذها منظمات غير حكومية دولية ولكن تديرها السلطة الفلسطينية نفسها"، وأضافت إن إدارة ترامب ستقترح إعادة تأهيل مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وبناءها كمدن وبلدات فلسطينية دائمة. وسبق لمسؤولين فلسطينيين أن قالوا في الأشهر الماضية إن الإدارة الأمريكية الحالية التي أوقفت الدعم المالي لوكالة أونروا، تسعى إلى حذف قضية اللاجئين الفلسطينيين من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. وقد قررت إدارة الرئيس دونالد ترامب في أغسطس 2018 وقف تمويلها كليا عن وكالة الأونروا؛ بدعوى معارضتها طريقة عمل الوكالة التي تواجه انتقادات إسرائيلية. رفض بحريني وفي سياق متصل، طالبت الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني في بيان بإلغاء الورشة الاقتصادية المزمع عقدها في المنامة كونها مرفوضة فلسطينيًا وبحرينيًا. وقالت الجمعية: "إن صفقة القرن، وورشتها الاقتصادية، ترجمة لمواقف رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو التي كان يروج لها منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، ووجد في الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضالته ومنفذ رغباته فأعلن موافقته على ضم مرتفعات الجولان السورية الى الكيان، ونقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس واعترافه بها عاصمة للكيان ضاربا عرض الحائط حقوق الشعب الفلسطيني وكل المواثيق الدولية". اقرأ أيضا: بين التطبيع الرسمي والرفض الشعبي.. الوجه القاتم والوجه المشرق من العملة كما استنكر المرجع الديني البحريني آيه الله قاسم تهميش الدور الفلسطيني في القضية الفلسطينية والأرض التي يدور حولها ما بات يعرف ب"صفقة القرن"؛ مؤكدا رفض الفلسطينيين التام لها وكذلك رفض الأمة العربية والإسلامية لكل من يرفع صوته مع هذه الصفقة. واعتبر المرجع البحريني الصفقة تصفية ظالمة للقضية الفلسطينية ومؤامرة خطيرة على الأرض والإنسان والمقدّسات. وشدد آية الله قاسم على ان الصفقة جريمة يلحق عارها بكل متعاون وداعم لها. مقاطعة دولية أعلنت الصين أنها اتفقت مع روسيا على عدم المشاركة في "ورشة العمل" التي تستضيفها البحرين أواخر يونيو المقبل في إطار الخطة الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقال سفير الصين لدى فلسطين، قواه وي، أثناء لقاء عقده مع مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الدولية ورئيس دائرة شؤون المغتربين، نبيل شعث، حسبما نقلته وكالة "وفا" الفلسطينية الرسمية، إن "مقاطعة مؤتمر المنامة تأتي ضمن اتفاق روسي صيني ثنائي بعدم المشاركة فيه".