هاجم الكاتب البريطاني جوناثان كوك ، في مقال موسع ، رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتيناهو ، على خلفية التحالف التي يخوضها في الانتخابات البرلمانية التي تجري في التاسع من أبريل القادم. وجاء في المقال: نتنياهو المستميت يتبنى المتطرفين اليهود يكشف قرار التحالف مع من يكافئون طائفة "كو كلوكس كلان" بوضوح، عن الوجهة التي ينوي اليمين الإسرائيلي اتخاذها. بعد عقد من الحكومات الائتلافية في إسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو، لم يكن ثمة مفر من أن تتطور اللغة التي تصفها نحو المزيد من التطرف. في البداية كانت توصف بأنها يمينية. ثم غدت قومية متطرفة. ومؤخراً بدأ المحللون يتحدثون عن أن نتنياهو يتزعم ائتلافاً يمينياً متطرفاً. والآن، يبدو أننا قد نحتاج للذهاب إلى أبعد من ذلك. فيما لو فاز في انتخابات إبريل/ نيسان، ستكون حكومة نتنياهو القادمة حكومة تتبنى بشكل علني اليمين الإرهابي. في الأسبوع الماضي أعطت لجنة الانتخابات المركزية – وهي هيئة تشرف على عملية الانتخاب وتهيمن عليها الفصائل السياسية الرئيسية – الضوء الأخضر لحزب أوتزامايهوديت (القوة اليهودية) لكي يترشح لانتخابات البرلمان الإسرائيلي. كان القرار صادماً لكثير من المراقبين لأن هذا الحزب يوصف بأنه النسخة اليهودية من طائفة "كو كلوكس كلان". ولكن حزب أوتزامايهوديت لن يتوقع فقط الفوز بعدد من المقاعد في الكنيست، بل بات أمام الحزب، بفضل نتنياهو، فرصة جيدة لكي يصبح شريكاً في الحكومة القادمة. أصحاب فكرة تفوق العنصر اليهودي تأسس حزب أوتزامايهوديت قبل ستة أعوام، وهو عبارة عن ملاذ سياسي لمجموعة من أتباع الحاخام الراحل مائير كاهانا، الذي يوصف هو وأتباعه في العادة بأنهم عنصريون معادون للعرب، مع أن هذه الصفة باتت اليوم تنطبق على قطاع كبير من السياسيين في إسرائيل. ولعل الوصف الأفضل لهم هو "أصحاب فكرة تفوق العنصر اليهودي والممارسون للعنف". وهؤلاء يساندون مشروع إسرائيل الكبرى التي تتضمن الأراضي المحتلة، والتي يريدونها كلها خالية من الفلسطينيين. ويدافع زعماء الحزب علانية عن المتطرفين داخل الحركة الاستيطانية بل ويقيمون معهم العلاقات مع أنهم يستخدمون الإرهاب والعنف وسيلة لضمان تحقيق ذلك الهدف. وفي العام الماضي دعا زعيم حزب أوتزامايهوديت، مايكل بن آري، إلى اللجوء إلى العنف ضد الأقلية الفلسطينية التي يبلغ تعدادها 1.7 مليون نسمة، والتي يعامل أفرادها كمواطنين من الدرجة الثانية، وأطلق عليهم صفة "الطابور الخامس" الذي "يشن الحرب ضدنا". وقال محذراً إياهم: "إذا تكلمتم ضد يهودي فلن تبقوا على قيد الحياة... لن تُرحّلوا وتُسحب منكم جنسياتكم لأنكم لن تكونوا على قيد الحياة. سوف توضعون أمام فرقة إعدام وسيطلق عليكم النار وتُصفّون – فتلك هي اللغة التي يفهمها العرب". لم يعبأ بن آري بإخفاء دعمه للعنف لدرجة أن الولاياتالمتحدة أصدرت بحقه حظر سفر في عام 2012. ردّا على قرار لجنة الانتخابات، قال عيساوي فريج، وهو فلسطيني إسرائيلي وعضو في الكنيست: "يفرش رئيس وزرائنا الآن السجادة الحمراء لهذا الرجل {بن آري} الذي نطق بعبارة بسيطة دالة حين قال إن كاهانا كان على صواب". تحالف مع الشيطان كان هدف نتنياهو من إبرام التحالف في الشهر الماضي مع حزب أوتزامايهوديت هو إخراجه من حفرة انتخابية. فنظرا لأنه غير متأكد من رد فعل ناخبيه على الاتهامات الموجهة إليه الآن بالرشوة والاحتيال، ولأنه أيضاً يقف في مواجهة مجموعة من جنرالات الجيش الذين شكلوا حزباً جديداً بات يحظى بشعبية متزايدة، فإن نتنياهو يحتاج لأن يكسب أكبر عدد ممكن من الأصوات اليمينية بغض النظر عن مصدرها. على الرغم من وجود أسباب فنية تجعل نتنياهو بحاجة إلى أوتزامايهوديت، إلا أنه يرى بوضوح أن المناخ السياسي الذي ساعد على تكوينه خلال القرن الماضي جعل من المقبول شمول هؤلاء اليهود العنصريين في حكومته القادمة. وقد تم التأكيد على ذلك هذا الأسبوع عندما كرر نتنياهو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن إسرائيل "ليست دولة كل مواطنيها" – أي أنها لا تنتمي لخمس سكانها، وهم الفلسطينيون، وإنما تنتمي بشكل حصري للشعب اليهودي حول العالم. ويأتي اعتماد نتنياهو على حزب أوتزاما يهوديت بعد الانشقاق الذي تعرض له حزب متطرف آخر ضمن ائتلافه، ألا وهو حزب البيت اليهودي، المقرب من الجناح الديني المتعصب للمستوطنين. وقد تمخض هذا الانشقاق عن مغادرة نجمي الحزب السياسيين نافتالي بينيت وإيلي شاكيد، وكلاهما وزيران في الحكومة، ليشكلا حزباً يمينياً متطرفاً آخر اسمه "اليمين الجديد". الحاجة إلى أصوات إضافية قد لا يتمكن ما تبقى من حزب البيت اليهودي من الوصول إلى العتبة الانتخابية، والتي لا بد من اجتيازها قبل أن يفوز الحزب بأي مقاعد في الكنيست، وإلا فإنه سيخسر جميع أصواته، ما سيوفر دعماً لمنافس نتنياهو الرئيسي، حزب الأزرق والأبيض، وهو حزب يتزعمه بيني غانتز ومعه عدد من الجنرالات. وحينها قد يكون غانتز في وضع يؤهله لتشكيل ائتلاف حكومي بديل يتشكل من اليمين والوسط، ومدعوم بشكل غير رسمي من قبل كتلة من الأحزاب الإسرائيلية الفلسطينية. فما فعله نتنياهو هو أنه ألقى بالحذر في مهب الريح ولوى ذراع حزب البيت اليهودي ليبرم تحالفاً مع حزب أوتزامايهوديت. فهو يأمل في أنهم معاً سيتمكنون من جمع ما يكفي من الأصوات للفوز بعدد من المقاعد يمكنهم من تشكيل حكومة أخرى بزعامة حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو. والحقيقة هي أن حزب أوتزامايهوديت هو خليفة حزب كاهانا الأصلي الذي كان اسمه كاخ، والذي دخل البرلمان الإسرائيلي لفترة قصيرة في ثمانينيات القرن الماضي. حينها كانت العتبة الانتخابية أخفض مما هي عليه الآن، وتمكن كاهانا من الفوز بمقعد وحيد كان يشغله بنفسه. إلا أن عنصريته الصريحة والمعادية للعرب ومطالباته باستخدام العنف ضدهم كانت تزعج الأحزاب الأخرى التي نأت بنفسها عنه.