17 عامًا مرت على "الأنتفاضة الفلسطينية" الثانية, سنين عجاف قد مرت على الكيان الصهيوني, ونشرت نسائم الخوف بين مستوطنيه, وقد أفضت إلى استشهاد الألاف من الفلسطينيين, والتي قد روت دمائهم الأراضي الفلسطينية وسٌقت بها أشجار الزيتون, واليوم الخميس 28 سبتمبر, يُصادف الذكرى ال17 لإندلاع سنوات العز الخمسة, التي أستمرت فيهم "الانتفاضة الثانية ", والتي اندلعت في ال 28 سبتمبر 2000، في مدينة القدس. وأسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينيًا، وإصابة 48322 آخرين، فيما قتل 1069 صهيونيًا ، وأصيب 4500 آخرين.
الشرارة الأولى للإنتفاضة والتخاذل العربي الإسلامي . عندما تجرأ , المجرم " أرييل شارون" رئيس وزراء الكيان الصهيوني، القابع الأن في قبره بعد سنوات عديدة من العذاب مع المرض , باقتحام المسجد الأقصى في مدينة القدس وذلك في تحد سافر لمشاعر العرب والمسلمين ، مُحاط بأعداد غفيرة من قوات الجيش والشرطة الصهيونية قٌدرت ب3000 ألاف جندي وشرطي .
حيث تجول المجرم "شارون" في باحات المسجد ,قائلًا "أن الحرم القدسي سيظل منطقة "إسرائيلية" على حد زعمه , مما أغضت ملايين الفلسطينيين , وتُرجم هذا الغضب على شكل مظاهرات ضخمة لم تقتصر على مدينة القدس فقط , واندلعت اشتباكات عنيفة بين مصلين وجنود الاحتلال . وأسفرت مواجهات اليوم الأول في الانتفاضة , إلى استشهاد 7 فلسطينيين ,وجرح آخرين، وإصابة 13 جنديًا صهيونيًا .
وكانت من أبرز شرارات انتشار الغضب و توسع رقعة المواجهات بين الفلسطينين وجنود الاحتلال , عند ظهور شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية، يظهر مشاهد إعدام الطفل "محمد الدرة" ، والذي كان يحتمي مع والده ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين، جنوبي مدينة غزة.
وبعد انتشار مقاطع الفيديو , غزت المظاهرات الغاضبة جميع أركان الدولة الفلسطينية , واحتشدت بعض عواصم الدولة العربية غضبًا من ممارسات الكيان الصهيوني , فيما اقتصرت ردود أفعال بعض حكومات الدول العربية ,ببيانات الشجب والإدانة . حيث شهدت دول خليجية لم تعرف معنى "التظاهرات" منذ ولادتها , تظاهرات غاضبة من مجريات الأمور بالانتفاضة الثانية , مما أحرج الدول العربية , واضطرها إلى عقد جلسة للقمة العربية بعد شهر من اندلاع الانتفاضة و استشهاد مئات الفلسطينيين , وخرجوا ببيان لم تصل فيه إلى مستوى آمال الشارع العربي. بينما عقدت عدة دول إسلامية مؤتمر الدوحة الإسلامي في نوفمبر , وسُميت بقمة الأقصى وخرج بيان القمة , ناقما على الكيان الإسرائيلي وناقدا لأول مرة الموقف الأميركي المتسامح مع القمع الإسرائيلي. خسائر جبهات المقاومة . وأمتدت يد الخُبت الصهيونية , إلى انتهاج طريق الاغتيالات في محاولة منهم إلى إخماد نيران الفلسطينيين التي قد أحرقت مدينتهم "الفاضلة" و نشرت الخوف في جميع شوارعهم , حيث شهدت الانتفاضة اغتيال عدد كبير من قيادات الأحزاب السياسية والحركات العسكرية الفلسطينية. حيث فقدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" , خلال سنوات العز الخمسة من الانتفاضة , عدد كبيرًا من قادتها ومؤسسيها , والذي كان أبرزهم الشيخ أحمد ياسين، مؤسس الحركة الذي أغتيل في مارس 2004 ، وعبد العزيز الرنتيسي الذي أغتيل إبريل 2004 وصلاح شحادة الذي أغتيل يوليو 2002 وإسماعيل أبو شنب الذي أغتيل أغسطس 2003 ، وجمال سليم وجمال منصور يوليو 2001.
كما لم تقف اغتيالات الكيان الصهيوني على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فقط , بل أمتدت إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي فقدت أمينها العام ، الشهيد أبو علي مصطفى "مصطفى الزبري" في "أغسطس 2001". وتوفي خلال الانتفاضة، الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، في 11 نوفمبر 2004، وسط شكوك كثيرة بتعرضه للتسميم من قبل عملاء لإسرائيل. وسبق وفاته بعامين، تعرضه للحصار من قبل الاحتلال الإسرائيلي في مكتبه بمدينة رام الله. واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في إبريل 2002، مروان البرغوثي، الذي يعد من أبرز قادة حركة فتح، وحكمت عليه بالسجن المؤبد. لم تَكن ب"الحجارة" كسابقتها "الأولى" . وسبق تلك الانتفاضة بنحو 13 عامًا، الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتي أطلق عليها الفلسطينيون اسم "انتفاضة الحجارة", والثانية لم تكن كالأولى بنفس المُسمى , لانها تميزت بامتلاك الفصائل الفلسطينية المقاومة لأسلحة خفيفة وقدرات صاروخية , أعطهم القوة في التخطيط لعمليات قصف واغتيالات لشخصيات صهيونية . حيث نفّذت العديد من الفصائل الفلسطينية عمليات هجومية، داخل الأراضي المحتلة، استهدفت تفجير حافلات ومطاعم، مما أسفر عن مقتل مئات الإسرائيليين. وتمكنت حركة "حماس"، التي توسعت عدة وعتادًا حينها، من امتلاك صواريخ لقصف المدن والمستوطنات الإسرائيلية، حيث قصفت "كتائب القسام" الجناح المسلح للحركة، مستوطنة "سديروت" جنوبي الأراضي المحتلة، بأول قذيفة فلسطيني محلي الصنع، بعد عام واحد من انطلاق الانتفاضة. وعلى الجانب الآخر، اغتالت عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي في أكتوبر 2001. وشنت قوات الاحتلال اجتياحات عسكرية واسعة خلال الانتفاضة، في مدن متفرقة من الضفة الغربية وقطاع غزة، وشهدت تلك الفترة تدميرًا لآلاف المنازل التي تعود للفلسطينيين، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية. وشهدت الانتفاضة إعادة احتلال إسرائيل لمدن الضفة الغربية عام 2002، حيث أصبحت قوات الاحتلال الإسرائيلي تجتاح مراكز المدن بعد أن كانت تحاصرها من الخارج فقط. و كانت نهاية الانتفاضة الفلسطينية , في ال 8 من فبراير عام 2005، بعد اتفاق هدنة أبرم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، برعاية مصرية ,وبعد عدة أشهر من توقف الانتفاضة، قامت إسرائيل بالانسحاب الكامل من قطاع غزة، في صيف عام 2005، تحت اسم "خطة فك الارتباط أحادي الجانب".