طالبت منظمة العفو الدولية، سلطات النظام وقف فورى لحجب المواقع الإخبارية فى مصر، والتى وصل عددها إلى 63 موقع إلكترونى، بعضها مسجل وآخر صاد عن مؤسسات صحفية مصرية. وقالت المنظمة فى مستهل تقرير لها: حولت السلطات المصرية هجومها ضد حرية الإعلام إلى صعيد الديجيتال، حيث حظرت الدخول على أكثر من 40 موقع إخباري في الأسابيع الأخيرة بدون مبرر في محاولة للقضاء على آخر المساحات الباقية من حرية التعبير.
ومنذ 24 مايو الماضي، حظرت السلطات 63 موقعا إلكترونيا وفقا لجمعية "حرية الفكر والتعبير".
مدى مصر، الموقع الإخباري المستقل الذي ينشر عادة أخبارا وتحليلات عميقة ناقدة للسلطات، من أوائل المواقع التي تعرضت للحجب.
موقع البداية الذي يديره الصحفي المستقل خالد البلشي من أحدث المواقع التي تعرضت للحجب بجانب البديل وبوابة يناير.
وعلاوة على ذلك، حجبت السلطات الدخول على منصة النشر العالمية "ميديام" في 10 يونيو الجاري.
نجية بو نعيم، مديرة الحملات لشمال إفريقيا بمنظمة"أمنيستي إنترناشيونال" قالت: "القمع الأخير على الإعلام الإلكتروني يمثل دليلا متزايدا على عودة التكتيكات القديمة للدولة البوليسية".
وحتى في أحلك أيام العهد القمعي لمبارك، لم تحظر السلطات الدخول على كافة المواقع المستقلة.
وأردفت: "بتلك الخطوة، تبدو السلطات المصرية تستهدف ما تبقى من مساحة لحرية التعبير في الدولة، وتوضح عزمها على منع المصريين من الدخول على التقارير والتحليلات والآراء المستقلة عن مصر".
وتابعت: "ينبغي على السلطات الإيقاف الفوري للقرار التعسفي بحجب المواقع الإخبارية".
وفي 24 مايو، أعلنت وسائل إعلام حكومية أن السلطات المصرية حجبت الدخول على مواقع إخبارية أبرزها مدى مصر وديلي نيوز إيجيبت والبورصة ومصر العربية.
وفشلت السلطات في تقديم أي دليل بشأن نشاط غير مشروع، أو توضيح الأساس القانوني للقرار.
وبدلا من ذلك، أدلى المسؤولون بتصريحات مبهمة إلى الإعلام بدعوى ارتباط المواقع الإخبار بنشر "معلومات كاذبة" و"دعم الإرهاب".
وفي 25 مايو، نشرت صحف مصرية تقريرا منقولا عن "جهة سيادية" وهو مصطلح يشير عادة إلى أجهزة المخابرات، حيث فسر الخطوة بأنها جاءت على أساس "مكافحة الإرهاب"، واتهام قطر بدعم بعض المواقع المحجوبة، دون تقديم أي دليل.
وراجعت أمنيستي إنترناشيونال قائمة المواقع المحجوبة، وتوصلت إلى أن أغلبها إخبارية، لكن يمكن فتحها باستخدام تطبيقات مثل "في بي إن" أو "تور".
ولم تجد أمنيستي إلا موقعا واحدا يرتبط بجماعات تحرض على العنف .
العديد من المواقع التي جرى حجبها كانت تخدم كملاذ لما تبقى من أصوات ناقدة لم يعد مسموحا لهم بالظهور في قنوات التلفاز أو الصحافة المطبوعة التي تفرض عليها الدولة قبضتها منذ تقلد الرئيس السيسي السلطة.
موقع مدى مصر المستقل معروف بأنه يكشف انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات المصرية في السنوات الأخيرة، بينها الاعتقال التعسفي، والمحاكمات غير العادلة، وقمع منظمات المجتمع المدني، والقتل خارج إطار القانون، واستخدام عقوبة الإعدام.
لينا عطا الله رئيسة تحرير "مدى مصر" تعتقد أن حجب الموقع بسبب نشره تحقيقات تستند على بحث جيد، وحقائق مثبتة.
وأردفت عطا الله: "نحن ننشر ما لا تريد السلطات أن يقرأه الناس".
وواصلت نجية بونعيم: "تبدو السلطات المصرية وكأنها تستغل أحداث العنف الأخيرة التي ارتكبتها جماعات مسلحة لقمع ما تبقى من مساحة حرية، وإخراس الأصوات الناقدة. ومجددا تستخدم ذرائع الأمن القومي لتبرير القمع الصريح".
و استطردت: "بدلا من مهاجمة الأصوات الناقدة والمستقلة، ينبغي على مصر احترام الالتزامات المنصوص عليها في الدستور والقانون الدولي بعدم فرض قيود تعسفية على حرية التعبير ولحماية حق الجميع في السعي وتلقي ومشاركة المعلومات".
القرار الحكومي بحجب المواقع ينتهك الدستور المصري الذي يمنع فرض حظر على الإعلام باستثناء في أوقات الحروب والحشد العسكري، و يحمي حرية التعبير والصحافة الورقية والإلكترونية.
الدستور كذلك يعزز حقوق المواطنين في استخدام أدوات وطرق الاتصالات. الأسس القانونية والسلطة التي استخدمها الحكومة في حجب تلك المواقع غامضة.
ما زال ليس واضحا إذا ما كانت شروط قانون الطوارئ جرى تطبيقها في قرار الحجب.
ومع ذلك، ثمة عدد من القوانين يمكن استخدامها في حظر الإعلام والإنترنت على أساس الأمن القومي.
وفي 10 أبريل الماضي، أعلن الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان أن هذه القوانين ستمتد إلى منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب.
وأردف أن هذه المنصات تستخدم كوسائل للاتصال بين "الإرهابيين" محذرا من أن المذنبين الإلكترونيين سيتعرضون للملاحقة القضائية.
البنود الغامضة لقانون مكافحة الإرهاب يسمح بفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عاما لتأسيس موقع إلكتروني "يروج للأفكار الإرهابية".
ويمنح القانون السلطات حق حظر المواقع الإلكترونية بدعوى الترويج للإرهاب.
اثنان من المواقع المحجوبة، ديلي نيوز إيجيبت، والبورصة، ينتميان إلى شركة "بيزنس نيوز" المرخصة حكوميا.
وفي نوفمبر 2016، جمدت الحكومة المصرية أموال الشركة، بذريعة انتمائها للإخوان المسلمين، دون تقديم دليل يعضد ذلك الادعاء.
ولم يتلق 230 صحفيا رواتبهم منذ ذلك الحين.
ممثلو العديد من المواقع الإخبارية المضارة تقدمت بشكاوى إلى نقابة الصحفيين، والمجلس الوطني للإعلام، ووزارة الاتصالات، والنائب العام، لكنها لم تتلق ردودا حتى الآن.
مدى مصر تقدم بدعوى أمام محكمة إدارية ضد قرار حجبه، لكن لم يتم نظر القضية بعد.