تشهد الساحة السياسية الفلسطينية تكاثراً مُرعباً للأزمات، بل للكوارث التي ما انفكت تنفجر في وجه شعبنا كله، حيث أزمة الرواتب التي انفجرت في وجه قطاع غزة، إضافة إلى استفحال أزمة الكهرباء، ناهيك عما سبق ذلك من حصار قاتل، وعدوان حربي طاحن ومتكرر، واستيطان في الضفة الفلسطينية، وتهويد في القدس، ومعاناة في مخيمات اللاجئين في الخارج. وفي سياق تهديدات الرئيس لغزة وأهلها بإجراءات غير مسبوقة، بحجة معاقبة حماس ودفعها لتسليم السلطة في غزة للحكومة، وتجاهل الرئيس لكل المناشدات، والمطالبات الشعبية بوقف الإجراءات التعسفية، ورده على هذه المواقف الشعبية والفصائلية بمزيد من العقوبات الجماعية التي طالت فصائل (م ت ف)، والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي السابقين. يحدث هذا كله في وقت يخوض فيه الأسرى إضراباً شاملاً عن الطعام، وتبذل الإدارة الأمريكية جهوداً واضحة لنقل سفارتها إلى مدينة القدس، وتسعى " دولة الاحتلال الإسرائيلي" إلى فرض حل سياسي إقليمي بالتنسيق مع الدول العربية، متجاهلة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها ورأيها. وإزاء ما تقدم فإننا في "جمعية أساتذة الجامعات-فلسطين" نود التأكيد على ما يلي: أولاً: إن حالة التفرد التي يدير بها الرئيس محمود عباس المشهد الفلسطيني، وضربه بعرض الحائط للقوى السياسية، والمؤسسات الرسمية، والرأي العام، واستخدامه المؤسسات التنفيذية (الأمنية والمالية) بعيداً عن القانون، يُلحق أكبر الضرر بإمكانية استعادة الوحدة الوطنية، ويؤسس لحالة من اليأس والإحباط في أوساط قطاعات واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني. ثانياً: إن اللقاء المرتقب بين الرئيس أبو مازن والرئيس الأمريكي، خاصة على ضوء ما بات مؤكداً من تبني الأخير لمواقف بنيامين نتنياهو- يتطلب أن يذهب الرئيس إلى الاجتماع مستقوياً بشعبه، وليس مستقوياً على شعبه. ثالثاً: إن رُزمة المطالب والاشتراطات التسعة (وهي مطالب نتنياهو بالأساس) التي سيضعها الرئيس الأمريكي أمام الرئيس أبو مازن لا يمكن قبولها، ذلك أنها تُعتبر-بالمفهوم الوطني- تصفية للقضية الفلسطينية، حيث تنص هذه الاشتراطات على إبقاء الاستيطان، وتفعيل دور السلطة في ملاحقة المقاومة، وموافقة السلطة على التطبيع العربي مع دولة الاحتلال قبل التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، ووقف تسييل الرواتب لأُسر الشهداء والأسرى .. إلخ. رابعاً: إن استباق الاشتراطات الأمريكية سابقة الذكر، بخطوات العقاب الجماعي ضد غزة، إضافة إلى تشديد إجراءات قمع المقاومة في الضفة الغربية، سيؤدي فقط إلى فتح شهية الرئيس الأمريكي على دفع السلطة باتجاه المزيد من الضغط، والتهديد بمزيد من العقوبات إن لم يُنفذ الرئيس هذه الاشتراطات. وبناءً على ما ورد أعلاه، فإننا في "جمعية أساتذة الجامعات – فلسطين" ندعو إلى ما يلي: أولاً: ندعو الرئيس أبو مازن لوقف كافة الإجراءات التي اتخذها مؤخراً فيما يتعلق برواتب الموظفين، ومخصصات الفصائل، ونطالبه أن يُصدر تعليماته لرئيس الوزراء د. رامي الحمد الله لتفعيل دور الحكومة في غزة استناداً لاتفاقيات الحوار الوطني والقانون الفلسطيني والمسئولية الأخلاقية والوطنية. ثانياً: ندعو الرئيس إلى الذهاب إلى الاجتماع مع الرئيس الأمريكي متمسكاً بحقوق الشعب الفلسطيني، وثوابت القضية الوطنية التي أجمعت عليها الفصائل، وحينها سيحظى بدعم وتأييد كل شرائح الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده. ثالثاً: ندعو الرئيس وكافة الفصائل والأكاديميين والمثقفين الوطنيين إلى التوقف عن إضاعة الوقت، والعمل الجاد من أجل تطبيق ما اتفقوا عليه في الحوارات العديدة ، وأن يدركوا أن هذا هو الطريق الوحيد نحو الحرية والاستقلال.