"رجل الحرب والسلام" ، هكذا روجت أبواق الاعلام والرموز السياسيه المؤيده ل"السادات" الذي ترأس النظام العسكري خلفًا ل"جمال عبدالناصر" ، والذي اعتبره المصريون والعرب "قائد الانتصار العظيم" بعد حرب السادس من اكتوبر، ولكنه فقد هذا اللقب بعد وضعه السلاح ولاحقته عدة تهم منها الخيانة. وحصل "محمد انور السادات" علي جائزه نوبل للسلام في عام 1978 ، والتي قسمت بينه وبين مجرم الحرب الصهيوني الإرهابي "مناحم بيجن"، وذلك بعد تنازل السادات عن الانتصار في حرب اكتوبر وقبوله بمعاهده الاستسلام "كامب ديفيد". وكان المعيار الأهم لحصول السادات علي الجائزه هو أن مصر كانت أول دولة عربية وإسلامية توقع اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني ، بل وتعترف به ككيان شرعي ، وتتبادل معه السفراء. وفي الحقيقه كان "السادات" هو أول من رسم للقادة العرب بداية الطريق نحو وضع السلاح وامتطاء نهج التفاوض والسلام مع الكيان الصهيوني المحتل. ومن المفارقات المثيرة في حياة محمد أنور السادات ، أن بعض أفراد الحركة الوطنية المصرية اتهموه بالتعامل مع الإنجليز ، بل أن رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق "مناحيم بيجن" ، الذي ساهم في تأسيس منظمة الأرجون الأرهابية ، وهي إحدى أبرز المنظمات الصهيونية التي كانت تشن هجماتها على القرى الفلسطينية، قال أن السادات "قائد حرب عظيم وقائد سلام عظيم"، بل واعتبر زيارته للقدس في 19 نوفمبر عام من "أعظم أحداث هذا العصر" ، لكنها في الحقيقة كانت ولا تزال وصمة عار على الجبين المصري بل والعربي بأكمله ، حيث انها فتحت الباب على مصرعية أمام التطبيع الكامل مع الاحتلال. وبالنزامن مع الاحتفال بتسليم جوائز نوبل ، نجاوب في هذا التقرير ، عن السؤال الأكثر تعقيدًا في حياة "السادات" ، وهو "لماذا تسلم جائزة نوبل؟". لماذا حصل "السادات" علي نوبل للسلام ؟! حصل الراحل "محمد انور السادات" علي جائزه نوبل للسلام في عام 1978 والتي قسمت بينه وبين مجرم الحرب الصهيوني الإرهابي "مناحم بيجن"، بزعم أنه رجل السلام، على الرغم من أنه قد استسلم في ميدان القتال لقرار وقف اطلاق النار ، ورضي بالمحادثات التى لا تزال تضع المصريين في حالة ذل وضعف إلى وقتنا هذا ، في حين كانت جنوده في أوج انتصاراتهم. وبتاريخ 19 نوفمبر عام 1977 ، اتخذ "السادات" قراره الذي سبب ضجة بالعالم بزيارته للقدس المحتله وذلك بزعم دفع عجلة السلام بين مصروالكيان الصهيوني. وقد قام في عام 1978 برحلته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ، بزعم التفاوض لاسترداد الأرض ، رغم أن الجيش المصري كان هو المنتصر علي أرض المعركه ، ألا إن السادات فضل أن يلجأ لأمريكا وتوقيع معاهده الاستسلام مع الكيان الصهيوني ، وهو الامر الذي رفضه الكثير من حكام الدول العربيه والاسلاميه ورفضته ايضًا وزاره الخارجيه المصريه في ذلك الوقت ، بل ترتب عليه استقاله العديد من أعضاء مجلس الشعب المصري مما أدي إلى حل البرلمان. ونتيجة لإرضاء الولاياتالمتحدةالأمريكية التى ساندت الكيان الصهيوني ولا تزال ، حصل "السادات" على نوبل للسلام ، وهو الأمر الذي يذكرنا حتى اليوم بالاستسلام المهين الذي دمر سيناء كليًا ، وباع به فلسطينالمحتله ، ليتركها تعاني منذ هذه اللحظة وحتى وقتنا هذا من نتائج هذه المعاهدة. "كامب ديفيد".. بداية الرضوخ للكيان الصهيوأمريكي بنود معاهدة كامب ديفيد السرية والمعلنة ، تضمنت الاعتراف بحق الكيان الصهيوني في الأراضي العربية وتحجيم دور مصر ومنعها في الدفاع عن أي دولة عربية ، وتقسيم سيناء إلي مناطق ، وأن تكون منزوعة السلاح ، وأن يمنع تعميرها ،وغيرها الكثير من البنود الظالمة التي تبيع سيناء إلى العدو الصهيوني. واحتوى الملحق الأول من الاتفاقية على عدد من القيود التي تكبل حجم وتوزيع القوات المصرية بسيناء ، حيث تم تحديد خطين حدوديين دوليين بين مصر وفلسطين لأول مرة ، الأول يمثل الحدود السياسية الدولية المعروفة ، وهو الخط الواصل بين مدينتي رفح وطابا ، أما خط الحدود الدولي الثاني فهو الواقع على بعد 58 كم شرق قناة السويس والمسمى بالخط "أ" ، حيث قسمت سيناء أمنيًا إلى ثلاث شرائح طولية من الغرب إلى الشرق "أ، ب، ج". وفي ملحق بروتوكول بشأن علاقات الطرفين ، ألزمت المادة الخامسة فقرة 3، بالامتناع عن أي دعاية ضد الكيان الصهيوني ، والمادة الخامسة فقرة 1 فتح قناة السويس لمرور السفن والشحنات الإسرائيلية، والمادة الخامسة فقرة 2 فتح مضايق تيران للملاحة البحرية والجوية لإسرائيل. كما أن الكيان الصهيوني استطاع سرقة نحو ما يزيد عن 20 مليون برميل من بترول سيناء من عام 1967 وحتى عام 1982 ، كذلك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ساعدت الكيان الصهيوني كثيرًا وعوضته بقواعد عسكرية في النقب المحتل. كما أن المعاهدة فتحت بابًا جيدًا للمخلوع حسني مبارك بتقديم الغاز المصري للعدو الصهيوني بأبخس الأثمان ، وتوقيعه معاهدة الكويز مع العدو ، بل وتأييده للعدو الصهيوني في أي حرب يخوضها ضد قطاع غزة. "السادات" بطل الخيانة.. هؤلاء فهموا القصة جيدًا جاءت الاحتجاجات قوية عندما أعلن "السادات" أنه ينوي زيارة القدسالمحتله من أجل بحث عملية السلام مع الاحتلال الصهيوني وما إذا كان بإمكان مصر تطبيق اتفاقية كامب ديفيد وفي يوم الذهاب لتوفيه الاتفاقية قرر وزير الخارجية المصري "إسماعيل فهمي" تقديم أستقالته على الفور. ولم يقتصر الأمر على "فهمي" بل تبعه أيضا الوزير "محمد رياض" وزير الدولة للشئون الخارجية الذي رأى أن توقيع الاتفاقية خطأ كبير وعين وقتها "السادات" بطرس غالي بدلًا منه وظل منصب وزير الخارجية شاغرًا حتى جرى تعيين الوزير "محمد إبراهيم كامل" وزيرًا للخارجية في اليوم التالي لأستقاله "فهمي". ولكن عقب توقيع أتفاقيه الاستسلام قرر "كامل" تقديم استقالته بعد قراءته لبنود الاتفاقيه التي سماها "مذبحة التنازلات"، وكتب "كامل" في كتابه السلام الضائع في اتفاقات كامب ديفيد المنشور في بداية الثمانينيات أن ما قَبل به السادات بعيد جدًا عن السلام العادل ، وانتقد كل اتفاقات كامب ديفد لكونها لم تشير بصراحة إلى انسحاب صهيوني من قطاع غزة والضفة الغربية ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. ولكن "السادات" استمر في هذا الطريق من أجل إرضاء الولاياتالمتحدهالأمريكيه دون النظر لهذه الاستقالات أو لرد فعل الدول العربيه التي قامت بقطع العلاقات مع مصر. عقدت بعض الدول العربية مؤتمر قمة رفضت فيه كل ما صدر عن اتفاقية "كامب ديفيد"، كما اتخذت "جامعة الدول العربية" قرارًا بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجًا على الخطوة المصرية المنفردة على الصعيد العربي. ويرى البعض أن الاتفاقية أدت إلى نشوء نوازع الزعامة الأقليمية والشخصية في العالم العربي لسد الفراغ الذي خلفته مصر، وكانت هذه البوادر واضحة لدى القيادات في العراق وسوريا حيث حاولتا الدولتان تشكيل وحدة في عام 1979 ولكنها انهارت بعد عدة أسابيع ، وقام العراق على وجه السرعة بعقد قمة لجامعة الدول العربية في بغداد في 2 نوفمبر عام 1978 ورفضت اتفاقية كامب ديفيد وقررت نقل مقر الجامعة العربية من مصر وتعليق عضوية مصر ومقاطعتها وشاركت بهذه القمة 10 دول عربية ومنظمة التحرير الفلسطينية وعرفت هذه القمة باسم "جبهة الرفض". "الجمسي".. دليل الخيانة الأوضح ! ومن ناحية أخرى، فإن مستندات "هنرى كيسنجر" وزير الخارجية الأمريكي آنذاك وكانت تبجل المشير "الجمسى" وتكشف أن الإدارة الأمريكية صنفته ضمن أبرع 50 قائدًا عسكريًا، وقد كتب "كيسنجر" فى إحدى الأوراق السرية مذكرة تعتبر بين المستندات شهادة للتاريخ عن "الجمسى" سجل فيها الآتى ، "لقد شاهدت بطلًا مصريًا عظيمًا تدمع عيناه خلال التوقيع على فض الاشتباك مع إسرائيل ، وكنت أعتقد أنه لا يوجد فى مصر سوى السادات، وقد كان الجمسى من أشرس القادة الذين حاربوا ضد إسرائيل وأقلقوها فى مفاوضات فض الاشتباك الأول". واستطرد "كيسنجر" قائلًا: "اتصل السادات بى أطلعنى بأنه محرج بشدة من "الجمسى" ، وقال: أبلغ "الجمسى" موافقتى السياسية على سحب أكثر من 1000 دبابة و70 ألف مقاتل مصرى من الضفة الشرقية للقناة لأن إسرائيل مصرة على ذلك، وأريد أن تنجح الاتفاقية". وتابع: فما كان من "الجمسى" إلا أن رفض كلامى وسارع ليتأكد من السادات عبر الهاتف، وكان فى صدمة عنيفة، فأدار وجهه حزنا على أرواح رجاله؛ لأنه كان يرى أن المفاوضات بهذه الشروط أضاعت مجهود ودماء حرب أكتوبر. وقد أقال السادات المشير "الجمسى" فى يوم 6 أكتوبر 1978 بعد أسابيع قليلة من توقيع السادات على اتفاقية كامب ديفيد فى 17 سبتمبر 1978، وكان السبب الرئيسى الذى تكشفه المستندات الأمريكية بوضوح أن "الجمسى" رفض الاتفاقية وأصبح يشكل تهديدا سياسيا حقيقيا على الرئيس السادات، مما دعاه إلى إحالته للتقاعد فى ذكرى حرب أكتوبر الخامسة.