تم تشكيل المجلس الوطني السوري إثر مباحثات واسعة في اسطنبول يبدو أنها لم تكن سهلة نتيجة تعدد الأطياف والتوجهات. ويسعى القائمون عل هذه النواة تجميع أكبر عدد ممكن من الشخصيات والأحزاب المعارضة السورية فى الداخل والخارج من أجل الخروج للعالم بعد أسبوعين بكتلة معارضة قوية وموحدة حسب وصفهم. ورغم أن المباحثات التى استمرت لمدة يومين بين ألوان مختلفة من المعارضة السورية هنا وخروجهم بقرار تشكيل المجلس الوطنى السورى إلا أن الخلاف والتحفظات بين مختلف أشكال المعارضة ما زال موجودا ولعل مسألة التدخل الخارجى فى الشأن السورى كان الأبرز. إذن هو أداة ضرورية للتنسيق بين مواقف الأطراف المختلفة وتوحيد جهودها بهدف تغيير النظام القائم. هذا هو هدف المجلس الوطنى السورى الجديد الذى يرى بعض المراقبين أنه جاء بناء على توصيات دولية بضرورة الإسراع فى تشكيله من أجل مساعدة المعارضة السورية للتخلص من النظام الحالى. الأمر الذى نفاه المعارضون بشدة، مؤكدين على أن الدوافع من وراء تشكيل هذا المجلس هى سورية بحته نابعة من آلام وآمال الشعب السورى المظلوم، حسب وصفهم. فى الوقت الذى أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس قرارا يقضي بتشكيل لجنة لشؤون الأحزاب برئاسة وزير الداخلية، فيما قتل 8 مواطنين سوريين في حماة وحمص برصاص الشبيحة بعد ساعات فقط من حديث الأسد عن تحسن الوضع الأمني في البلاد، ونكرانه أن يكون هناك مواطنون يقتلون برصاص قوات الأمن!. حدث ذلك فيما كانت بعثة إنسانية تابعة للأمم المتحدة تتفقد الأوضاع الإنسانية في البلدات والمدن التي تعرضت لحملات عسكرية، وفي حين كان مجلس حقوق الإنسان الدولي ييناقش الملف السوري (مرة ثانية) في جلسته استثنائية دعا إليها الاتحاد الأوروبي، وأيدتها الكويت وقطر والسعودية والأردن إلى جانب عدد من الدول الآسيوية والافريقية. وخلال الجلسة ذكرت الموفضة السامية نافي بيلاي أن عدد المدنيين الذين قتلوا في سورية برصاص القوى الأمنية منذ بدء الاحتجاجت في منتصف مارس الماضي وصل الى 2200 قتيل، منهم 350 سقطوا منذ بداية شهر رمضان. وأوضح نص القرار، الذي أعلنه الأسد ونشرته وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، أن لجنة شؤون الأحزاب ستكون برئاسة وزير الداخلية محمد إبراهيم الشعار، وعضوية القاضي ونائب رئيس محكمة النقض محمد رقية والمحامي إبراهيم محمد وجيه المالكي، والمحامي علي ملحم، ومحمود حسن (مرشحة). واشار القرار الى أن اللجنة ستتولى المهام المحددة بقانون الأحزاب. وكان الأسد أشار في مقابلة بثها التلفزيون السوري مساء الأحد (هي إطلالته الرابعة منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه في منتصف مارس الماضي) إلى أن (قرارا يسمي لجنة قانون الأحزاب سيصدر خلال أيام، وابتداء من الأسبوع المقبل يكون بالإمكان قبول طلبات لأحزاب جديدة). وأصدر الرئيس السوري مطلع أغسطس الجاري مرسوما تشريعيا خاصا حول تأسيس الأحزاب، وتنظيم عملها، ومرسوما تشريعيا آخر حول قانون الانتخابات العامة. وكان الرئيس السوري قد قال في مقابلة مع التلفزيون السوري إن الاضطرابات التي عمت سورية خلال الأشهر الأخيرة، قد اتخذت طابعا عسكريا في الأسابيع القليلة الماضية، ولكنه أكد أن الهدوء عاد الى البلاد، وأن حكومته قادرة على التعامل مع ذلك الموقف. وقال أيضا إنه يتوقع إجراء الانتخابات التشريعية في فبراير 2012. وحذر الأسد من أي تدخل عسكري في بلاده، وقال إن مثل ذلك الأمر ستكون له تداعياته الخطيرة على المنطقة والعالم كله. وأكد أن دعوات الدول الغربية الى تنحيه، وفي مقدمها الولاياتالمتحدة (ليس لها أي قيمة). وتابع: (من خلال الامتناع عن الرد نقول كلامكم ليس له أي قيمة)، معتبرا أن (هذا الكلام لا يقال لرئيس لا يبحث عن المنصب، ولم يأت به الغرب، رئيس أتى به الشعب السوري، رئيس ليس مصنوعا في الولاياتالمتحدة). وردا على مطالبة الدول الغربية باجراء إصلاحات، اعتبر الأسد أن هذا الأمر (ليس هدفا لهم، لانهم لا يريدون الإصلاح، خصوصا الدول الاستعمارية من الدول الغربية التي تريد منك أن تتنازل عن حقوقك، كالمقاومة وحقك في الدفاع عن نفسك من أعدائك، وهذا شيء لن يحلموا به لا في هذه الظروف ولا في ظروف أخرى). وجدد الرئيس السوري وعوده بإجراء إصلاحات، ولكنه قال إن اللجنة المشكلة لدراسة تلك الإصلاحات تحتاج إلى ستة أشهر على الأقل لإنجاز عملها. من ناحية أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا في الساعات الأولى من صباح الاثنين، وأُصيب آخرون بجراح في مدينة مصياف في محافظة حماة، إثر إطلاق الشبيحة المحتفلين بحديث الرئيس السوري الرصاص الحي في الشوارع، وقيامهم بالاعتداء على محال تجارية تابعة لمعارضين للنظام. كما قتل خمسة مدنيين على الأقل واصيب آخرون بجروح برصاص الشبيحة والأمن أثناء جولة لبعثة الأممالمتحدة لتقصي الحقائق المتعلقة بالشؤون الإنسانية. وكان سكان من مدينة حمص قالوا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن الأمن والجيش السوري يقوم بانسحابات واسعة من شوارع المدينة، مثل دير بعلبة والبياضة وشارع الزير وباب السباع والخالدية ومنطقة عشيرة. وكما أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي على متظاهرين في بلدة الحراك بمحافظة درعا، مما أدى الى إصابة خمسة، جراح واحد منهم خطرة. جاء ذلك فيما بدأت بعثة الاممالمتحدة، برئاسة مدير مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف الروسي رشيد خاليكوف، بتفقد الأوضاع الإنسانية في بعض البلدات التي شهدت احتجاجات في ريف دمشق، والتقت بعض المواطنين في بلدتي داريا والمعضمية (غرب العاصمة دمشق)، ويتوقع زيارتها لحمص وتلكلخ. كما ستزور اللاذقية وادلب، على أن تختم جولتها في 24 الجاري بزيارة كل من حماة والرستن وتلبيسة. وتتم زيارة البعثة بعيدا عن وسائل الإعلام. إلى ذلك، ناقش مجلس حقوق الإنسان الملف السوري مرة ثانية في جلسته الاستثنائية التي ناقش فيها مشروع قرار يشدد على الحاجة الى اجراء تحقيق دولي وشفاف ومستقل وسريع في الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي، بما في ذلك الإجراءات التي قد تشكل جرائم ضد الإنسانية، والى محاسبة المسؤولين عن أفعالهم، والمضي نحو تحويل القضية الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وقالت بيلاي: نعمل لكشف حقيقة {الفظائع} التي ارتكبتها القوات الأمنية السورية والتي قد ترقى الى مستوى جرائم ضد الإنسانية. ويكرر مشروع القرار دعوته الى السلطات السورية للتعاون الكامل مع مفوضية حقوق الإنسان، ومع آليات مجلس حقوق الانسان، معربا عن أسفه العميق لعدم وجود مثل هذا التعاون من السلطات السورية. ويشجع مشروع القرار المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة داخل المجلس الى مواصلة إيلاء اهتمام خاص لحالة حقوق الإنسان في سورية، مطالبا السلطات هناك بالتعاون مع هذه الولاية بما في ذلك السماح بالزيارات القطرية.