بقلم: عاطف عبد الجواد عندما تبدأ في قراءة هذا المقال ستكون الحرب في العراق قد استمرت لفترة اطول من الحرب العالمية الثانية. احسب بنفسك هذه الفترة. لقد حارب الأميركيون في الحرب العالمية الثانية ثلاث سنوات وثمانية اشهر وسبعة ايام. وبحلول يوم الاثنين الماضي ( 27 نوفمبر) تجاوزت الحرب في العراق هذه الفترة بيوم واحد. وكان الرئيس بوش، ولا يزال، يقارن بين اهداف الحربين، مما دفع كثيرين في الولاياتالمتحدة الى التوقف لحظة في تلك المناسبة لمقارنة الحربين. وفيما يلي ملخص لبعض هذه المقارنات لشخصيات امريكية من خلفيات متنوعة: يقول أستاذ التاريخ جيرهارت وايتبرج: في الحرب العالمية الثانية كان للرئيس اقارب من اسرته يحاربون ومات احدهم في معركة نورماندي. وكان لأكبر مستشاريه ابنان في الحرب احدهما قتل في جزر مارشال. اليوم، ليس في البيت الأبيض شخص واحد له ابن يحارب في العراق. وهناك فارق آخر بين الحربين. عندما يواجه الجنود الأميركيون خطرا جديدا في العراق نسمع الرئيس يقول في تحد: من يقدر علينا فليأت لمنازلتنا. وفي الحرب العالمية الثانية كنا نسمع الرئيس في الإذاعة يبتهل ويدعو ويصلي. يقول السناتور الجمهوري السابق بوب دول: لقد بدأنا نحن الحرب في العراق ولم نبدأ الحرب العالمية الثانية. في الحرب العالمية الثانية كنا نعلم يقينا من العدو. في العراق لا نعلم من هو العدو؟ يقول النائب الجمهوري هنري هايد: من الصعب ان تواصل حربا وانت على الجبهة تعلم ان الشعب لا يقف خلفك. هذا هو الفرق بين الحربين. يقول مايكل جمبون المؤلف العسكري: في الحربين بعثت اميركا بجنودها للقتال. في الحرب العالمية الثانية وقفت اميركا صفا واحدا وراء فكرة والتزمت فيها بتحقيق النصر رغم الثمن الباهظ. وفي العراق لم تفعل. يقول السناتور الديموقراطي فرانك لوتبرج: في الحرب العالمية الثانية كانت المهمة واضحة: انزال الهزيمة بالعدو الذي هاجمنا. في العراق ليست هناك مهمة واضحة. بل فقد الأميركيون ثقتهم بزعمائهم المدنيين بسبب الغش وغياب الكفاءة. لقد ضللونا كذبا حتى قبل ان تبدأ الحرب. يقول النائب الديموقراطي جون دينغل: كلما طالت الحرب العالمية الثانية تصاعد التأييد للرئيس روزفلت. كلما طالت الحرب في العراق كلما تدنى التأييد للرئيس بوش. روزفلت مول الحرب بزيادة الضرائب على الشعب. كان دفع الضرائب عملا وطنيا. اشترى الشعب سندات الحرب بقيمة 50 مليون دولار. الحرب في العراق يمولها الرئيس بوش بالاقتراض بينما يمنح الأغنياء تخفيضا ضريبيا. ومعظم الاقتراض ليس من جيوب الأميركيين بل من الصينيين واليابانيين وآخرين. يقول المؤرخ العسكري هوارد زين : كانت الحرب الثانية حربا قامت على أساس اخلاقي. ولكن اسوأ ما فيها هو انها اصبحت نموذجا ومثالا لكافة الحروب التي تلتها والتي لم تستند الى اساس اخلاقي. كل زعماء الدول التي حاربناها بعد الحرب الثانية اصبحوا هتلر. اني احتج ضد استخدامنا رأس المال الأخلاقي الذي تجمع لنا في الحرب العالمية الثانية لتبرير حروب غير اخلاقية في فييتنام وافغانستان والعراق. يقول ديفيد نون استاذ التاريخ: يمكن بسهولة وضع قائمة بأسماء اثني عشر مقاتلا حاولنا منذ عام 1950 اقناع الشعب الأميركي بأنهم هتلر الجديد. وليس هناك، على سبيل المثال، ما هو ابعد عن الحقائق التاريخية من مصطلح الفاشية الإسلامية الذي يروج له البعض اليوم ممن يتظاهرون بأنهم يفهمون تعقيدات الإسلام السياسي ، في محاولة منهم لتبرير الحرب في العراق بأبشع صور الحرب العالمية الثانية والقرن العشرين. يقول ادوارد وود احد محاربي الحرب العالمية الثانية: وقعت جريحا في الحرب العالمية الثانية بثقب في رأسي وشظايا في فخذي وبتر في ساقي، ولكنى ظللت طوال كل هذه السنين أحمل ذكرى رائعة بأني شاركت بالفعل في تحرير الشعب الفرنسي من شر النازية. ليس في العراق اليوم مثل هذا الشعور الصادق بتحرير شعب ، لأن الحرب في العراق جذورها هي سياسة الضربة الاستباقية والاستخبارات المنقوصة وهي حرب العدو فيها غير منظور. لقد كانت حربا فاشلة منذ بدايتها.