بدءًا من معركة استعادة مدينة الموصل وانتهاء بنتيجة الانتخابات الأمريكية، تلك هي التطورات الأساسية التي ستغير منطقة الشرق الأوسط في العام الجديد- سواء للأفضل أو للأسوأ. مجلة " نيوزويك" الأمريكية الأسبوعية أفردت في عددها الأخير القضايا ال 9 ، والتي قام بترجمتها "مصر العربية، والتي تمثل التحديات الأكثر خطورة والتي من المتوقع أن تعيد رسم خارطة المنطقة، البقعة الساخنة في العالم، في 2016. وجاءت تلك القضايا على النحو التالي: 1-الموصل حررت القوات العراقية المدعومة بالغارات الجوية التي يشنها التحالف العسكري الذي تقوده الولاياتالمتحدة والقبائل السنية المحلية مدينة الرمادي من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلاميا ب "داعش" قبل انقضاء العام الماضي بفترة وجيزة. وستحول كل من بغدادواشنطن تركيزهما إلى مدينة الموصل التي أعلن فيها زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي عن قيام الدولة الإسلامية بعد السيطرة عليها في يونيو 2014. وتزيد مساحة الموصل عن الرمادي بمعدل ثلاث مرات، ولذا ستمثل تحديا صعبا للقوات العراقية والكردية، على اعتبار أنها تمثل إحدى المدينتين الاستراتيجيتين ل "داعش" مع الرقة في شمالي شرقي سوريا. ومع ذلك، تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتوجيه " ضربة قاسمة" إلى تنظيم الدولة الإسلامية في 2016 عبر استعادة السيطرة على الموصل. وعلى الرغم من أن التوقعات يمكن أن تتبدل بين عشية وضحاها، فإن الهجوم المتوقع على الموصل هو ما على يبدو المعركة الكبرى التي ستجذب الأنظار إليها في العام الجاري. 2-اتفاقية السلام في سوريا الحرب الأهلية التي تدور رحاها في سوريا ستدخل عامها الخامس في مارس المقبل. ووافق مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بالإجماع على مقترح في ديسمبر الماضي من شأنه أن يأذن ببدء المباحثات بين نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة المسلحة على الرغم من أنه لم يتضح بعد من سيمثل المعارضة. المقترح الأممي لا يتطرق إلى وضع الأسد في مستقبل سوريا، لكن تضمينه أو إزالته من المشهد السياسي سيقسم بالتأكيد القوى الغربية وحلفاء دمشق الرئيسيين: موسكووطهران. وسيحمل العام الجديد مزيدا من الدبلوماسية ومزيدا من المباحثات بل وربما مزيدا من التأخير في وقف آلة الحرب في بلد ممزق لا يرى فيه المراقبون أملا في إمكانية التوصل لتسوية قبل نهاية 2016. 3- تحول داعش إلى ليبيا في الوقت الذي لا تزال فيه طائرات التحالف العسكري الذي تقوده الولاياتالمتحدة والطائرات الحربية الروسية مستمرة في قصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراقوسوريا، وتواصل مجهودات القوات العراقية والكردية لاستعادة السيطرة على مناطق من قبضة التنظيم، ستنتقل المعركة ضد داعش إلى منطقة خارج الشرق الأوسط: شمال إفريقيا. فالتنظيم الإرهابي المتشدد أسس بالفعل معقلا قويا له في ليبيا، حيث عزز من سيطرته على مدينة سرت وسط البلاد. وبالرغم من حكومة الوحدة التي طُرحت، فإن الفراغ السياسي- جنبًا إلى جنب مع غياب التواجد العسكري الدولي هناك- قد أوجد تربة خصبة لتمدد داعش في هذا البلد الغني بالنفط. ومع تزايد نفوذ داعش في شمال إفريقيا، ستصبح موارد ليبيا عرضة للمخاطر- وهو ما ينطبق أيضا على الأمن القومي في أوروبا، مع قرب إيطاليا مكانيا من ليبيا. وقد شُوهدت قوات خاصة أمريكية على الأرض في ليبيا في الوقت الذي يستعد فيه المجتمع الدولي للانزلاق في عمل عسكري آخر هناك في 2016. 4-الصراع بين السعودية وإيران بعد الاتفاق النووي في العام 2015، قادت المملكة العربية السعودية، أكبر بلد سني في العالم، تحالفا عسكريا ضد معاقل الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، والذين يخوضون معارك ضد الرئيس اليمني، المدعوم من الرياض، عبد ربه منصور هادي. واستمرت السعودية في تمويل الجماعات المسلحة المعارضة في سوريا في قتالها ضد بشار الأسد الذي تدعمه طهران وشكلت تحالفا عسكريا إسلاميا لقتال " الجماعات الإرهابية" في محاولة واضحة لتأكيد دورها الإقليمي في المنطقة. مخاوف الرياض من اتساع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط سيزداد عقب إبرام الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية في يوليو، ولاسيما مع الرفع المحتمل للعقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على طهران وتدفق مليارات الدولارات عليها، مما سيدعم اقتصادها، وسيعزز دورها الإقليمي بالتبعية. الخصومة بين الرياضوطهران ستظل واضحة في صورة حروب بالوكالة تخوضها البلدان في 2016، مثل اليمن وسوريا، حيث تتحدى كل قوة منهما الأخرى لبسط سيطرتها على أجزاء أخرى في المنطقة. 5-الصراع الحدودي بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في أعقاب مقتل سمير القنطار القيادي البارز في حزب الله والمعروف بعميد الأسرى اللبنانيين المحررين من السجون الإسرائيلية، في دمشق في ديسمبر المنصرم، ألقى حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني الذي تدعمه إيران ويتحالف مع بشار الأسد، باللائمة في ذلك على الكيان الصهيوني وتعهد بالثأر. الجيش الإسرائيلي، في إطار رده على تصريحات نصر الله، قام من جانبه بتحصين حدوده مع جنوب لبنان، وصرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بأن حزب الله سيواجه "عواقب وخيمة" حال قيامه بأي عمل عدائي ضد بلاده. وحتى إذا استمر التصعيد ولم يتعدَّ نطاق الحرب الكلامية ، يُتوقع نشوب صراعات أكبر بين الطرفين في 2016. 6- غزة بعد عامها الأكثر هدوء في أعقاب الصراعات بين الكيان الصهيوني والفصائل الفلسطينية في الأعوام 2008، و2012 و2014 ، شهد قطاع غزة العام "الأكثر هدوءا" في 2015 منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في العام 2000، بحسب تصريحات شخصيات عسكرية في إسرائيل. واستمرت حركة المقاومة الإسلامية حماس في الحفاظ على وقف إطلاق النار الذي دخل حيذ التنفيذ بعد الحرب الإسرائيلية الشرسة على القطاع في صيف 2014 والتي استمرت 50 يوما. مع ذلك، تسعى الحركة إلى ترميم البنية التحتية للأنفاق وبناء ترسانة الصواريخ في القطاع، بحسب دانيل نيسمان رئيس " زا ليفانتين جروب" مجموعة الاستشارات الأمنية في تل أبيب. ومع استمرار انعزال حماس عن طهران، أكبر الداعمين للحركة، فإن الاضطرابات العامة بسبب انقطاع الطاقة وعدم دوران عجلة إعادة التعمير في غزة بعد الحرب الإسرائيلية في صيف 2014، يعني أن صراعا جديدا يلوح في الأفق بين حماس وإسرائيل في 2016. 7-عباس وعملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية أكمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس البالغ من العمر 80 عاما عامه العاشر في الحكم، بعد انتخابه في 2005. عمليات الطعن وحوادث الدهس بالسيارات والمصادمات المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أرجاء الضفة الغربية والقدس المحتلة في 2015 تبين أن الشعب الفلسطيني يعتقد أن " الانتفاضة الدبلوماسية" لقيادته الطاعنة في السن فشلت في الحصول على امتيازات في مفاوضات السلام مع الجانب الصهيوني أو حتى المساعدة على إيجاد حل من جانب المجتمع الدولي. ووفقا لأحدث استطلاعات الرأي، يريد ثلثا الفلسطينيين أن يتقدم عباس باستقالته. لكن الأخير لم ينجح سوى في تعزيز قبضته على السلطة، ولم يعمل شيئا بشأن تحديد موعد للانتخابات كي يتيح لأبناء شعبه اختيار من يمثل مصالحهم، مما دفع الخبراء إلى توقع نشوب " أزمة وشيكة" على الساحة السياسية الفلسطينية في 2016، والتي من الممكن أن تهز الضفة الغربية وعملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية المأزمة في الأصل. 8- الحرب الأهلية في تركيا في أعقاب الفوز الهزيل الذي حققه حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ذو التوجهات الإسلامية في الانتخابات العامة التي جرت في يونيو الماضي، انهار اتفاق وقف إطلاق النار مع مسلحي حزب العمال الكردستاني، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية في المناطق الواقعة جنوب شرقي تركيا. وإذا لم يقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه داوود أوغلو تنازلات ل الأكراد، يُتوقع أن يتحرك الأكراد في اتجاه الانفصال عن أنقرة، مما سيثير لا محالة ردود فعل عنيفة وغير متوقعة من جانب القيادة التركية لمجابهة ما تصفه بالإرهاب الكردي. 9- الانتخابات الرئاسية الأمريكية من الممكن أن تعلن الانتخابات الأمريكية المقرر لها في ال 8 من نوفمبر المقبل نهاية 8 سنوات من حكم الديمقراطيين بقيادة الرئيس الحالي باراك أوباما. المرشحون الجمهوريون في الانتخابات المقبلة- أبرزهم دونالد ترامب وماركو روبيو- ونظرائهم الديمقراطيون سيقدمون جميعهم رؤى مختلفة تماما حول قضايا الشرق الأوسط الأكثر إلحاحا. وقد طالب ترامب مؤخرا بمنع دخول المسلمين إلى الأراضي الأمريكية، في حين تتركز سياسة هيلاري كلينتون، المرشحة عن الحزب الديمقراطي، على ليبيا التي تحولت إلى بلد فاشل مزقته الحرب في أعقاب سقوط الديكتاتور معمر القذافي في 2011. ويعتقد غالبية الجمهوريين (90%) أن الحملة العسكرية الأمريكية ضد داعش لم تكن بالعدوانية الكافية، ويؤيد الأمريكيون من أنصار الحزب الجمهوري فكرة إرسال قوات برية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراقوسوريا. وإذا ما حدث ووصل الجمهوريون بالفعل البيت الأبيض، سنرى على الأرجح مزيدا من الانخراط الأمريكي في الشرق الأوسط بأكثر مما رأيناهفي 2015.