بقلم د/ عبد اللّه هلال لاشك أن غرور القوة والثروة هو الذي يحكم السياسة الأمريكيةويدفعها دفعًا إلى القيام بدور الفتوة الذي يريد أن يُخضع الآخرين بصرف النظر عنقيم الحق والعدل التي هي أساس الملك.. والتي بدونها لا يمكن لحضارة أن تدوم، حتى وإنانتصرت في جولة هنا أو هناك. وتدل الحروب الشرسة ضد أفغانستان والعراق، والقصف من حين لآخر في مواقع متعددة مثل باكستان، والصومال مؤخرا.. والتي لم يسبق لهامثيل في التاريخ, حيث تستخدم صواريخ ثمن الواحد منها مليون دولار, وقنابل زنة الواحدة منهاسبعة أطنان!.. تدل على أن الساسة الأمريكيين يسعون إلى أي «نصر» على أي «أحد» إرضاءللشعب المقهور المهان والذي صدق أنه يعيش في دولة الأمن والأمان. ويبدو أن غرورالقوة قد أصاب هؤلاء الساسة بالعمى والصمم وفقدان الذاكرة.. إذ لم يذكر التاريخ لهمانتصارًا ذا قيمة, خصوصًا في صراعهم الذي لم يتوقف ضد الدول الإسلامية. وإذااستعرضنا تاريخ الولايات «المعتدية» الأمريكية مع الحروب فسوف نجد أنها تمكنتبالفعل من إلحاق الدمار والخراب بمناطق كثيرة من العالم, ولكنها لم تحقق أهدافهاإلا في النادر القليل. فإذا كانت - مثلاً - قد أخضعت اليابان باستخدام الإرهابالنووي غير الإنساني وغير المسئول, فقد استطاعت اليابان أن تنتصر عليها اقتصاديًا، وسوف يأتي اليوم الذي ترد فيه الصاع صاعين جراء هذه الجريمة النووية البشعة. وفي فيتنام.. استطاع ذلك الشعب الفقير أن يهزم القوة الباغية الطائشة وأن يصيبها بعقدةفيتنام التي لم تتعاف منها حتى الآن. أما في صراع أمريكا مع المسلمين فقد هُزمتشر هزيمة.. ولم تحقق أهدافها ولو لمرة واحدة. فعندما وقفت بالمرصاد للثورةالإسلامية في إيران وناصبتها العداء دون داع, تحدي الإيرانيون أمريكا ورفضواالخضوع.. وذهبت الطائرات الأمريكية تحت جنح الظلام تحمل أفضل وأقوى ضباطها للهجومعلى طهران وتحرير الرهائن, لتفشل العملية ويُقتل كل المهاجمين وتنتصر إيران فيالنهاية رغم الحرب الشرسة التي أدارتها أمريكا ضدها (من وراء ستار) لثمانسنوات!. وفي الحرب الأهلية اللبنانية.. تدخلت أمريكا ومعها ذيلها الإنجليزيلصالح الموارنة, وذهب أفضل ضباط وجنود الدولتين المغرورتين لاحتلال بيروت وبسطسيطرة الفتوة العالمي على الدولة الصغيرة الممزقة.. ولكن الشعب اللبناني المجاهدتصدى للقوة العظمى وأرغمها على الانسحاب المهين دون أن تحقق أي غرض من أغرضهاالدنيئة. وتكررت القصة نفسها في الصومال عندما ظنت أمريكا أن انهيار الدولة وعمومالفوضى سوف يمكنها من السيطرة على هذا البلد المسلم ليكون نقطة انطلاق إلى دول أخرىبالمنطقة.. ولكن الشعب الأبيّ رفض الاحتلال الأمريكي, وفشل الجيش الأمريكي في حمايةجنوده لينسحب في النهاية ذليلاً مهزومًا. وفي السودان فشلت أمريكا في فصل الجنوب أوبسط سيطرة عميلها جون جارانج على السودان رغم الدعم العسكري والمخابراتي والاقتصادياللا محدود. وفي اليمن وقفت أمريكا خلف الانفصاليين في حرب الانفصال وفشلت, وانتصرتالوحدة اليمنية. وها هي تخرج كل ما في ترسانتها من أسلحة فتاكة ومعهاكل شياطين الإنس في محاولة يائسة لتحقيق انتصار ولو ضئيلاً أو شكليًا على المقاومة في كل من العراق وأفغانستان، والتي لا تمتلك واحدًا في المليون من الإمكانات الأمريكية.. في حرب كانت كفيلة بإبادة جيوش ودول, ولكنها فشلت بفضل اللّه في كسر إرادة المقاومة الباسلة. وها هي أيضا تقف عاجزة أمام تنظيم صغير لا يملك جيوشا ولا حتى أرضا تؤويه، هو تنظيم القاعدة.. رغم التعاون الدولي والمخابراتي، ورغم المكافآت المغرية لمن يدل على قادته أو أعضائه. وقد بدأت الإدارة الأمريكية الفاشلة في البحث عن بديل آخر يحفظ ماء الوجه أمام شعبها بأن تشن حروبا بالوكالة، من خلال عملائها، وبدأت بالمقاومة الإسلامية في لبنان من خلال العدو الصهيوني وفشلت، وهزم عميلها شر هزيمة، ثم انتقلت مرة أخرى إلى الصومال للثأر من هذا الشعب المجاهد، وذلك من خلال عميل جديد هو إثيوبيا التي لها هي الأخرى أطماعها، وذهبت الطائرات الأمريكية لتقصف الرعاة الصوماليين المساكين المتحلقين حول النار للتدفئة.. وظنوا أنهم انتصروا على مجاهدي المحاكم الشرعية الذين انسحبوا لأنهم لا يملكون سلاحا إلا الإيمان وحب الشهادة، وسوف يعودون إلى المقاومة إن شاء الله تعالى، دون شك، لتنضم الصومال إلى العراق وأفغانستان.