وقف الرئيس الشرعي محمد مرسي على رؤوس الأشهاد ليعلن مناصرة الشعب السوري في مواجهته مع بشار الأسد، واتخذ العديد من القرارات الحيوية من أجل دعم الثورة السورية ونجدة الشعب الشقيق من عمليات القتل الممنهج بحق مئات الآلاف من المدنيين، بفتح الأبواب لاستقبال اللاجئين السوريين وقطع العلاقات مع دولة بشار الأسد وسحب السفير المصري من دمشق. الموقف المصري آنذاك وقبل عامين من تفاقم الأزمة في بلاد الشام وتحول سوريا من معركة بين الثورة والنظام المستبد بدت نتائجه تلوح في الأفق المنظور وترجح كفة الشعب، كان بمثابة نموذج إنساني بالمقام الأول ومثال أخذت دول الجوار تحتذي به في التعامل مع المشهد الدموي، إلا أنه ومع افتقاد الظهير السياسي للثورة السورية والمعارضة المسلحة –ذات الاعتراف الدولي- تحولت المعادلة لصالح القاتل وباتت البلد الذي يمثل عمق الأمن القومي المصري مسرحا لحرب عالمية ثالثة وساحة تقتتل فيها قرابة 40 دولة. مؤشر الموقف المصري انحرف بشدة من الدعم المطلق للثورة فى بلاد الشام واحتضان الشعب الشقيق وتوفير حاضنة آمنة للفارين من جحيم براميل الموت، إلى مساندة آلة قتل بشار ومساندة النظام فاقد الشرعية وتبرير جرائم الغارات الروسية والتدخلات الإيرانية وتشريد الملايين على سواحل الهجرة غير الشرعية، في موقف ينسحب بالضرورة على مشهد آخر دموي في الداخل المصري بطله النظام العسكري وسلطة الانقلاب. إلا أن السلطة التي تواطأت من قبل مع الحوثيين ضد التحالف العربي واستضافت وفد من المليشيات في القاهرة، عادت لتمارس ذات الدور القذر المناهض لإرادة الشعوب العربية، واستقبلت قبل ساعات قليلة أحد وزراء بشار الأسد في مصر في زيارة سرية. ورغم الحظر الدولي المفروض على مسئولي دولة بشار باستثناء موسكو وطهران، وصل وزير الإسكان والتنمية العمرانية السوري محمد وليد غزال، إلى القاهرة، صباح اليوم السبت، قادماً من لبنان في زيارة تستغرق ثلاثة أيام هي الأولي منذ إعلان الرئيس مرسي، قطع العلاقات مع النظام السوري وتعليق عضوية سورية بالجامعة العربية في العام 2013. ولم تردع مجازر بشار ومليشياته بحق الشعب السوري الأعزل دولة السيسي لدعم الحصار الدولي المفروض على النظام الإرهابي، حيث زعمت وزارة الإسكان في حكومة شريف إسماعيل أن الزيارة جاءت بهدف مشاركته في بعض فعاليات اتحاد المهندسين العرب؛ لبحث عدد من الأمور الهندسية في المنطقة العربية، على أن يلتقي الوزير السوري عددًا من المسؤولين لبحث سبل التعاون في هذا السياق. واستبعد مراقبون مزاعم الوزارة حول كون الزيارة لبحث أمور هندسية، مشددين على أن أبعادها السياسية تطغى على أهدافها المعلنة، وأن الاتصالات بين النظامين الفاشيين في مصر وسوريا لم تنقطع طوال العامين الماضيين، بغض النظر عن الموقف الرسمي المعلن. وتأتي الزيارة ضمن محاولات التوصل لتسوية سياسية للأزمة السورية مع وضع بشار الأسد دون معادلة حل المعضلة الدموية، إلا أنها تحمل في الوقت ذاته دلالات أعمق أثرا فيما يتعلق بالتوقيت، في ظل توتر العلاقات المتفاقم بين روسيا وتركيا ودعم السيسي المطلق لموسكو، ومحاولة استخدام المشهد المتأزم من أجل الخروج بأكبر المكاسب سواء فى القاهرة أو دمشق.