تناقضت تصريحات وزير الصحة والسكان، الدكتور أحمد عماد مع الأمانة العامة للصحة النفسية التابعة للوزارة، حول نسب تعاطي وإدمان المخدرات في مصر، ففي الوقت الذي أعلنت فيه الأخيرة خلال بحث قومي أن معدلات الإدمان وتعاطي الكحوليات في عام 2015 تجاوزت 20%، خرج "الوزير" ليكذب ذلك في بيان رسمي، مشددًا أن النسبة لم تتخطَ 6%، وأن نسبة الإدمان لا تتجاوز 2%. ويعد البحث القومي للإدمان الذي تنفذه وحدة الأبحاث بالأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان وبدأ منذ عام 1995، دراسة استقصائية مجتمعية دورية ويقوم بدراسة دورية لكل محافظات مصر، ويهدف لتقييم الحالة الراهنة كي يسهم في تقديم توصيات عملية وموضوعية تسهم في التخطيط لحل مشكلة الادمان في مصر. واللافت في الأمر أن البحث صدر منذ وقت قريب دون احتفاء كبير أو إعلان رسمي من قبل الوزارة أو الأمانة. وأقر البحث أن إجمالي نسبة استخدام المخدرات في مصر 20.6٪ شاملة كل أنواع الاستخدام بدءً من الاستخدام التجريبي وصولًا للإدمان، أما نسبة الاستخدام الضار والإدمان فقد وصلت إلى 6٪ من عدد السكان، وهذه النسبة تشير للزيادة الكبيرة عن نسب الاستخدام العالمية حسب تقرير مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة 2012، حسب مصر العربية. ويؤكد البحث بشأن الوضع العالمي لمشكلة المخدرات، أن 5٪ من سكان العالم يتناولون المخدرات تتراوح أعمارهم بين 15-64 سنة وذلك حسب التقرير العالمي للمخدرات(UNODC,2012). ولفت إلى أن المتعاطين الإشكاليين هم من يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن أو من يعتبرون مدمنين فعليين ويواجهون آثار اجتماعية وصحية خطيرة. وبحسب التقديرات العالمية لعام 2008، يوجد حوالي 16-38 مليون بنسبة 10-15٪ من جميع متعاطي المخدرات حول العالم، 12-30٪ منهم تلقوا علاجًا، وهذا يعني أن11-33.5 مليون مدمن إشكالي حول العالم لم يتلق علاجًا. وبحسب التقرير عدد متعاطي المخدرات في المنطقة العربية 5-6٪ من عدد السكان، حيث ظلت المنطقة منطقة عبور للمخدرات بين الدول المنتجة في أمريكا اللاتينية وآسيا ودول الاستهلاك في أوروبا وأمريكا. كما لم تعد مصر والمغرب مناطق زراعة لبعض النباتات المخدرة " الحشيش" فقط بل السودان أيضًا بسب الظروف السياسية، وبسبب توقف برامج التنمية البديلة عادت زراعة المخدرات لسهل البقاع بلبنان، وتستحوذ السعودية على أكبر ضبطيات من أقراص كبتاجون المنشط، إذ بلغت في 2007 حوالي 14 طن، بعد إن كانت في 2002 أقل من نصف طن. وانخفض سن التعاطي إلى 11 عامًا بدلًا من 14 عامًا، لا تقتصر ثقافة المخدرات على الفئة ذات الغنى فقط، بل تشمل الفئات الفقيرة والمهمشة. وتناول البحث مشكلة المخدرات في مصر، ففي دراسة عن الإدمان بين المراهقين وجد أن متوسط سن التدخين انخفض إلى 12.7 عامًا، وانخفض سن بدأ تعاطي المواد المخدرة إلى 14.7 عامًا، ووجد أيضًا أن أكثر المواد المستخدمة في التعاطي كانت الحشيش ثم الكحوليات والبانجو والمهدئات ثم الهيروين وأخيرًا الترمادول. وبحسب إحصائية الإدارة العامة لمكافحة المخدرات 2011، وجد أن نسبة الانتشار الأعلى للبانجو ثم الحشيش ثم الهيروين والأفيون ثم الكوكايين، وبينما كانت عدد القضايا في 2006 حوالي 40812 قضية كان عدد المتهمين في العام نفسه4359، وفي2011 بلغ عدد القضايا 37508، وبلغ عدد المتهمين في العام نفسه 40861. وأكد أن الحشيش هو المخدر الأكثر انتشارًا، حيث شملت عينة البحث في جميع المحافظات 115107 شخص، 111122 أتم المقابلة بنسبة 96.5٪ و 3985 لم يتم المقابلة بنسبة3.5٪ من العينات التي أتمت المقابلة، إضافة إلى106480 استمارة تم قبولها وتخليها بنسبة 99.6٪ةو 4642 استمارة مرفوضة او بها معلومات خاطئة، حسب مصر العربية. كما بلغ عدد من تعاطى المخدرات ولو لمرة واحدة حوالي 5٪ من البالغين التي تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عامًا، حوالي 230 مليون خلال عام 2010، بينما بلغت نسبة المدمنين حول العالم 27 مليون نسمة، ويموت 200 الف سنويًا بسبب أدمان المخدرات. وبشأن أنواع المخدرات المستخدمة حسب البحث، يأتي الحشيش والبانجو في المرتبة الأولى بنسبة 77٪ من العينة، بينما تأتي الكحوليات بما فيها البيرة في المرتبة الثانية بنسبة 28.6٪، وفي النسب العالمية يأتي الكحول في المرتبة الأولى بنسبة 90.8٪ بين المستخدمين، بينما في المرتبة الثالثة يأتي المواد الأفيونية شاملة الأفيون والهيروين والترمادول وأدوية الكحة. وحول العلاقة بين بعض المتغيرات الاجتماعية والديمغرافية وإدمان المخدرات والكحول، أكد أنها تشمل العمر عند بداية سن التعاطي فأكثر من نصف العين 58٪ استخدموا المخدرات في سن الشباب والشباب المبكر 16-25 عامًا، بينما 10.9٪ استخدموا قبل سن 16 عامًا. وأشار إلى أن هناك علاقة بين استخدام المخدرات والمستوى التعليمي، حيث كانت النسبة الأعلى بين الحاصلين على شهادة فوق المتوسطة والإعدادية 23.4٪ والمستوى الجامعي 9.2٪. كما توجد علاقة بين استخدام المخدرات والعمل، فالنسبة الأعلى كانت بين التجار 39٪، يليها العمالة الفنية(سائق- ميكانيكي وغيره) بنسبة 37.6٪ يليها العمالة غير الفنية( العمال- الفوعلية) بنسبة 26٪. كما أن هناك علاقة بين استخدام المخدرات والحالة المدنية، فالنسبة العُلى بين المطلقين والمنفصلين بنسبة 25.4٪، يليها المتزوجين بنسبة 20.5٪. وأفاد البحث أن هناك علاقة بين استخدام المخدرات والترابط الأسري، حيث إن النسبة الأكبر بين الأسر التي ترك الأب المنزل بنسبة 36.3٪ يليها غياب الأب بسبب السفر بنسبة 26.9٪ ثم الوفاة بنسبة 22.3٪، أما بالنسبة لغياب الأم الأعلى بسبب تركها المنزل بنسبة 37.1٪ ثم غياب الأم بسبب السفر بنسبة 35٪. وعن تناقض وزارة الصحة الواضح، صرح الدكتور عبدالرحمن حماد، مدير وحدة طب الإدمان بمستشفى العباسية للصحة النفسية، بأن رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب، أعلن من قبل خفض الطلب على المخدرات وأن معدلات التعاطي في مصر هى ضغف المعدلات العالمية، وأن خطر المخدرات لا يقل عن خطر الاٍرهاب. وتابع أن وزير الصحة السابق الدكتور عادل عدوي، صرح بأن عدد المدمنين في مصر حوالي 3 ملايين مدمن، يوجد دراستين فقط قوميتين حول أعداد المدمنين ونسب التعاطي ويطلق على كل منهم البحث القومي للإدمان. ولفت إلى أنه برغم اختلاف نسب التعاطي والإدمان بين الدراستين المعتمدتين، إلا أنهما تشيران إلى وجود مشكلة متفاقمة، وهي ارتفاع معدل التعاطي للمخدرات في مصر، والأفضل أن يكون هناك دراسة واحدة وهي المرجع للجميع، لكن أن نختلف على أساس علمي وعلى أساس البحث والدراسة أفضل من نتفق على غير أساس علمي. وقال حماد إن أرقام البحث القومي للإدمان ليست أسرارًا أو أمنًا قوميًا، وإلا فلماذا تنشر بالأساس وتوزع وتطبع، موضحًا أن المجتمعات تنمو وتتطور بالصراحة والوضوح، ومناقشة الامور بشكل هادف وهادئ. واستطرد أن مشكلة المخدرات من أخطر وأعقد المشاكل وهي polybroblamtic لها توابع صحية واجتماعية واقتصادية وأمنية، متابعًا: أشير فقط لإحدى الجوانب الاجتماعية للمشكلة، ولدراسة أعدها صندوق مكافحة الإدمان على نزلاء المؤسسة العقابية عن الارتباط الوثيق بين تعاطي مخدر الحشيش وجرائم بعينها تفجع المجتمع المصرى الآمن بطبعه، حيث تشير النتائج إلى أن 86% من مرتكبي جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش وأن 58% من مرتكبى جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، وأن 23,7% من مرتكبي جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، وأن 24,3%من مرتكبى جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش. وأكد أن النتائج تشير إلى أن 56,7 %من مرتكبي الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم للجريمة بساعات، وهذا مؤشر قوي على العلاقة الوثيقة بين تعاطى المخدرات ووقوع الجرائم، وتشير الإحصاءات الرسمية أن 87% من الجرائم غير المبررة يأتي تعاطي المواد المخدرة كمحرك رئيسي لها. ولفت حماد في تصريحات ل"مصر العربية" إلى أن وزارة الصحة قررت إحالته للتحقيق على خلفية تصريحاته بوصول نسب تعاطي المخدرات إلى 20% في الوقت الذي كذبته الوزارة ببيان إعلامي أول أمس تؤكد فيه أن النسبة لا تتخطى 6%، موضحًا أنه اعتمد في تصريحاته على نتائج توصل لها البحث القومي للإدمان المعد من قبل الأمانة العامة للصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة، علاوة على تقارير دولية معتمدة.