حزمة من المؤشرات تؤكد على وجود نقلة نوعية في مسار العمليات الميدانية في سوريا، أحرزتها المعارضة السورية والأطراف المقاتلة ضد نظام بشار الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، فيما أرجع مراقبون ذلك لأسباب أهمها الدعم السعودي النوعي للمعارضة المعتدلة، في مواجهة الآلة العسكرية الروسية الضخمة وتدفق المقاتلين الإيرانيين وميليشيات أجنبية ومرتزقة لصالح قوات النظام. الدعم النوعي للمعارضة حقائق جديدة تشكل واقعًا قتاليًا مختلفًا يضع القوات الروسية في حرج شديد، حيث قالت مصادر موالية لنظام بشار لوكالة رويترز، أمس الأول السبت، إن هجمات الجيش النظامي المدعومة بالغارات الروسية تسير أبطأ مما كان متوقعًا، نظرًا لزيادة الدعم السعودي للمعارضة. وفي تقييم صريح للتحديات التي تواجه النظام، قال مصدران غير سوريين قريبين من النظام للوكالة، إن المزيد من الدعم العسكري السعودي للمعارضين قد أثر على سير المعركة. وأشار المصدران إلى أن تزايد الإمدادات من صواريخ "تاو" الأمريكية الصنع المضادة للدبابات للمسلحين، يعتبر عاملًا كبيرًا، وقال أحد المصدرين: "الدعم من السعودية للمعارضة لم يتوقف، لكن الآن تعزز بشكل غير مسبوق، وهو الذي ساهم بإبطاء العمليات وتأخير تحقيق إنجازات كبيرة على الأرض". وذكر المصدر الآخر: "السعودية الآن في حالة جنون مصعدة لأعلى درجة"، بحسب قوله، وأضاف أن زيادة الإمدادات بصواريخ "تاو" للمعارضة كان السبب الرئيسي لتوقف الهجوم في سهل الغاب. وذكرت رويترز نقلًا عن مصدر مطلع على عملية دعم المعارضين في 31 أكتوبر الماضي، من واشنطن، أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالتعاون مع السعودية ودولة قطر سعت في الآونة الأخيرة، إلى تسليم مجموعات عدة في المعارضة أسلحة من بينها صواريخ تاو. وقال مصدر آخر في نفس الوقت، إنه تم تسليم شحنة كبيرة جديدة من صواريخ تاو في أكتوبر تشرين الأول، لمن تعتقد الولاياتالمتحدة أنهم من المسلحين السنة المعتدلين نسبيًا المتواجدين في شمال غرب البلاد. وقالت بعض المجموعات من الجيش السوري الحر، إنها حصلت على دفعات من صواريخ "تاو" منذ أن بدأ التدخل الروسي في 30 سبتمبر الماضي، على الرغم من أن الكثيرين يقولون إنه لم يكن هناك تغيير في كمية أو نوعية الأسلحة المرسلة عبر تركيا. فشل الروس الوضع الميداني ينقله مقاومون ميدانيون، حيث قال قائد مجموعة فرسان الحق التابعة للجيش السوري الحر، التي ساعدت في انتزاع السيطرة على مورك يوم الخميس الماضي: إن صواريخ تاو لعبت دورًا كبيرًا، بالإضافة إلى توحد المجموعات والروح المعنوية العالية لديهم. وقال فارس البيوش، الذي كان ضابطًا في الجيش السوري قبل أن ينشق، ل"رويترز": إن مجموعته دمرت دبابة بصاروخ تاو في عطشان يوم الخميس، نافيًا أي زيادة في الدعم العسكري. وأضاف: "فشلت خطة النظام بفضل صمود الجيش السوري الحر ومن ثم الانتقال إلى الهجوم السريع خلال أيام". أما أحمد السعود قائد الفرقة 13 من الجيش السوري الحر فقال: "إن الروس يفشلون منذ ستة أسابيع (مع النظام والمرتزقة)، وإن (النظام يخسر)". كذلك أكد معارضون الأسبوع الماضي ل"رويترز"، أن التكتيكات الجديدة والتنظيم الأفضل ساعدهم على الثبات في الهجمات، والقيام بهجمات مضادة. الحصاد المر لروسيا في سوريا حصاد مر لروسيا يجعل سوريا مستنقعًا وليست نزهة لحصد مغانم وتسويات سياسية سريعة، فميدانيًا كشف رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، العميد أحمد بري، في تصريحات صحفية أمس، أن "النظام فتح جبهة ريف حماة على طول 35 كيلومتراً، معتمداً على القوة الإيرانية برياً، والغطاء الجوي الروسي، لكنه خسر كل ما استطاع إنجازه، فضلاً عن مقتل المئات من جنوده والميليشيات المساندة له في المعارك". وأضاف: أن "تقدّم الفصائل الأخير غاية في الأهمية، لأن تل عثمان مثلاً، كان يعتبر بالنسبة للنظام، قاعدة نارية ونقطة إسناد أهم من مورك، عسكرياً. ويشرف التل على مناطق مهمة. وحاولت الفصائل السيطرة عليه عدة مرات سابقاً، وكان ذلك صعباً بسبب القوة الجوية التي يمتلكها النظام". وأوضح بري، أن "استرداد مورك لاحقاً للسيطرة على تل عثمان، كان مهماً للغاية بالنسبة للمعارضة، كونها ذات موقع استراتيجي حساس، ومدخل حماة الشمالي، ونقطة انطلاق لجنوب إدلب. وهذا الإنجاز للمعارضة يبعد خطر النظام كثيراً، ويجعل فصائل إدلب وحماة في وضع مريح نسبياً". تقدم استراتيجي للمعارضة السورية بعد مرور 6 أسابيع على الاحتلال الروسي الداعم لنظام الأسد والميلشيات الإيرانية، وبرغم تنفيذ الطائرات الحربية الروسية، منذ بداية العملية، ل1631 طلعة جوية استهدفت خلالها 2084 منشأة للبنية التحتية التابعة لمن تصفهم موسكو ب"الإرهابيين"، كما زعم منذ أيام، رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أندريه كارتابولوف، لم تتمكن قوات النظام على الأرض من تحقيق خرقٍ ميداني يذكر لصالحها في أرياف حمص وحماة واللاذقية. وعزز تلك الحقيقة تقرير أصدرته شبكة "المرصد الموحد"، مؤكدة أنّ قوات النظام خسرت خلال أكتوبر وحده 59 دبابة في المعارك التي دارت رحاها في ريف حماة، وفي حلب خسرت 31 دبابة، وفي دمشق وريفها دمرت قوات المعارضة السورية 12 دبابة، وفي حمص تم تدمير 9، و5 في اللاذقية، وفي القنيطرة دُمرت 4، ودبابتان في ريف إدلب، ودبابة في درعا. كذلك فشلت هجمات ميليشيات بشار بريف حلب الجنوبي، على الرغم من احتفاظها بتل الوضيحي، وبعض المناطق المجاورة له، والتي نجحت الفصائل المقاتلة هناك خلال الأسبوع الماضي، في استعادة بعضها، مثل تل السرو والمزارع المحيطة به، وقبل ذلك قرية القرّاصي وتلالها وقرية الحويز وتلّتها وتل الجمعية. تتسم منطقة ريف حلب الجنوبي، بمعارك كر وفر، وتبادل سيطرة أحياناً، وقد استقر في الأيام الأخيرة لصالح الفصائل التي تقاتل النظام، أما بريف حمص الشمالي فالأوضاع مغايرة لذلك تقريباً، إذ إن قوات النظام وميليشياته لم تتمكن أساساً من السيطرة على أي من المناطق التي بدأت هجوماً برياً عليها، منذ الخامس عشر من الشهر الماضي. وكان هدف النظام العسكري من معاركه بريف حمص الشمالي، هو ربط مناطق نفوذه في مركز مدينة حمص، بتلك الخاضعة لسيطرته في حماه وجنوبها القريب. لكن تحقيق هذا الهدف، يحتاج للسيطرة على طريق طولي، يبلغ عشرين كيلومتراً مربعاً من شمال حمص حتى جنوب حماة، ويبدأ هذا الخط من مناطق الدار الكبيرة وتير معلة والغنطو، مروراً بالزعفرانة ومدينة تلبيسة، ثم الرستن، وكلها مناطق تسيطر عليها المعارضة، وفشل النظام في التقدم كيلو متراً واحداً، بعد شهرٍ من بدء حملته هناك، بحسب مراقبين. أما الوضع في ريف اللاذقية، فإنه على الرغم من أن فصائل المعارضة فقدت خلال أربعين يوماً من المعارك الضارية، عدداً من قياداتها العسكرية، فإنها حافظت على تماسكها، وتمكنت من رد جميع الهجمات البرية المسنودة بغطاء جويٍ روسي. نقاط إستراتيجية حصدتها الفصائل المقاتلة بريف حماة الشمالي، حيث استعادت خلال اليومين الماضيين، مناطق عطشان، تل سكيك، وقرية أم حارتين. وهذه المناطق، كانت الإنجاز الوحيد الذي يُحسب للنظام خلال جميع معاركه في حماة منذ أكثر من شهر. والتطور الفارق عموماً، جاء في اقتحام الفصائل، لتل عثمان، ولاحقاً السيطرة بالكامل على مدينة مورك الإستراتيجية، التي جاء تقهقر قوات النظام فيها سريعاً ومفاجئاً.