قال موقع «المونيتور» الأمريكي: إن وجود الأنفاق بين رفح الفلسطينية ونظيرتها المصرية يمتد إلى ما قبل حصار غزة بسنوات، فمنذ التسعينيات بدأت عمليات نقل السلع بواسطة أنفاق بدائية وتطورت، حسب الوضعين السياسي والاقتصادي القائمين في قطاع غزة، كذلك باختلاف السياسات المصرية تجاه القطاع. وأشار الموقع إلى أن رفح بشقيها المصري والفلسطيني كانت مدينة واحدة إلى أن عقدت مصر اتفاقاً للسلام مع الكيان الصهيوني في عام 1979، حيث انسحبت الأخيرة من شبه جزيرة سيناء في عام 1982. وعلى أثر ذلك، فصلت مدينة رفح المصرية عن رفح الفلسطينية سياسياً وجغرافياً بسلك شائك وشيد ميناء رفح البري. وصارت رفح مدينتين تربطهما علاقات اجتماعية: عائلية وعشائرية، وسهلت هذه العلاقات وجود حركة نقل السلع بين مصر وقطاع غزة تعتمد على الجذور العائلية الواحدة التي تربط بين السكان في الجانبين الفلسطيني والمصري، وتعتبر الأنفاق الممتدة تحت الأرض صورتها الأكثر وضوحاً، حسب "العرب القطرية". وفي هذا السياق، قال أبو مروان ل»المونيتور»: وطلب عدم ذكر اسمه كاملاً: «بدايات التهريب كانت بالقرب من تلة زعرب الأثرية التي تقع على الحدود المصرية - الفلسطينية، حيث وضع السلك الشائك في عام 1982 وبالتالي فصل أراضي تعود ملكيتها إلى عائلة واحدة، وكان المزارعون الفلسطينيون في الثمانينيات والتسعينيات يستخدمون أنابيب إسبستية وفخارية لري محاصيلهم الزراعية الواقعة في الجانب المصري، فكانت غالبية آبار الري الزراعي تقع في الجانب الفلسطيني من مدينة رفح. وبعد اليأس من إمكانية إزالة الحدود الجديدة للإشراف على مزارعهم، جفت ينابيع الماء، بعد أن هجرها المزارعون أصحابها، ليتم بعد ذلك بسنوات استخدام هذه الأنابيب كوسيلة بدائية لنقل السلع ما خف وزنه وزاد سعره: كالذهب والمخدرات وقطع السلاح الخفيفة». أضاف: «في أواخر التسعينيات، تطور الأمر حيث حفرت لأول مرة أنفاق صغيرة لا يتعدى قطر الواحد منها 50 سنتمتراً كمحاكاة لأنابيب الري الزراعية القديمة». وعلى أثر سيطرة حركة «حماس» على قطاع غزة في عام 2007 اعتبرت الأنفاق إحدى وسائل المقاومة، حيث «وصل طول هذه الأنفاق من 300 إلى ما يزيد على 2000 متر، ووصل عرض وارتفاع بعضها إلى أكثر من مترين على عمق 20-30 متراً تحت الأرض»، حسب ما ذكر ل»المونيتور» أحد العاملين في حفر وترميم الأنفاق وطلب عدم ذكر اسمه. ومع اندلاع الثورة المصرية في 25 يناير من عام 2011، أثر وصول مرشح جماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد مرسي لرئاسة الجمهورية إيجابياً على العلاقات بين مصر و»حماس» التي تعتبر نفسها فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين. فقد غضت السلطات المصرية في عهد مرسي عينها عن نقل السلع الواردة عبر الأنفاق، وزادت كمية وأنواع السلع إلى غزة لنحو غير مسبوق، وفرضت الحكومة في غزة التابعة ل «حماس» ضرائب على هذه السلع الواردة عبر الأنفاق منذ عام 2009، وشكل ذلك أحد أهم مصادر التمويل لها. وشهد عام 2012 حركة غير مسبوقة لمرور الأفراد عبر معبر رفح البري لم يشهدها منذ عام 2007، وسجلت الإدارة العامة للمعابر والحدود مغادرة نحو 210 ألف مسافر فلسطيني خلال عام 2012، في مقابل ما يزيد على 130 ألف مسافر عام 2011، و86 ألف مسافر عام 2010. وبعد الاطاحة بالرئيس مرسي، اشتد الخصام بين جماعة الإخوان المسلمين والجيش المصري. وبالتالي، انعكس ذلك على سياسات مصر تجاه غزة، وتدهورت العلاقة بين «حماس» والسلطات المصرية، وشدد الجيش المصري قبضته على الحدود مع قطاع غزة ، وأغلقت السلطات المصرية ميناء رفح البري بشكل كامل، ولم يُفتح منذ بداية العام الجاري سوى 17 يومياً بشكل متقطع لإدخال العالقين بين الجانبين، وبدأ الجيش المصري حملة عسكرية لتدمير الأنفاق بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة 2014، في مرحلتها الأولى بدأت بإقامة منطقة عازلة مع قطاع غزة بعمق 500 متر داخل الحدود المصرية، التي تمتد مع حدود قطاع غزة ويصل طولها إلى 14 كيلومتراً. وفي المرحلة الثانية، باشرت آليات تابعة للجيش المصري بمد أنابيب مياه عملاقة على طول الحدود مع غزة، تمهيداً لإغراق الأنفاق بمياه البحر. وما تؤكده المواطنة بيسان يحيى ل»المونيتور» أن «الجانب المصري بدأ بالفعل بضخ كميات كبيرة من مياه البحر عبر أنابيب ضخمة كان قد مدها في الأسابيع الماضية على طول الحدود»، وتسكن يحيى في مدينة رفح، ويطل بيتها على الحدود المصرية - الفلسطينية مباشرة. وأشار الموقع إلى خطوات يتم اتخاذها لمد أنابيب إسمنتية ومعدنية داخل الأنفاق. وفي هذا السياق، زار «المونيتور» الحدود الفلسطينية - المصرية، وقابل أحد العاملين في ترميم الأنفاق، طلب عدم ذكر اسمه، وقال: «كنا نبطن الأنفاق بالألواح الخشبية منعاً لانهيار التربة. وبعدما قام الجيش المصري بضخ مياه البحر، بدأنا بتحصينها بأنابيب معدنية وإسمنتية يبلغ قطرها 50 سنتمتراً، ورجعنا لاستخدام طرق بدائية في التهريب، كي نتفادى وصول المياه إلى داخل النفق، مما سيؤدي إلى انهياره، فلم يعد تبطين النفق بالخشب وسيلة ناجعة»، هذه الأنابيب المعدنية والإسمنتية التي شرع المهربون بوضعها، من الصعب اختبار نجاعتها على المدى الطويل، فقد أثرت عمليات الجيش المصري في شكل ملحوظ على نقل البضائع إلى قطاع غزة، ونفذت غالبية السلع المصرية من أسواق القطاع، «ويقتصر التهريب حالياً على بعض البضائع الخفيفة الوزن والغالية الثمن.