اتهمت تركيا جارتها سوريا الجمعة بارتكاب "فظاعات" ضد المتظاهرين المطالبين بالحرية وبإسقاط النظام، وأعلنت أنها مستعدة "سياسيا وعسكرية" لمواجهة كافة الاحتمالات، في الوقت تزايدت في أعداد اللاجئين السوريين إلى تركيا إثر عمليات عسكرية مستمرة في بلدة جسر الشغور الحدودية والتي تشهد احتجاجات. وقال الرئيس التركي عبد الله جول قال الجمعة إن القيادة المدنية والعسكرية التركية مستعدة لمواجهة "أسوأ السيناريوهات"، دون ان يكشف عن تفاصيل. واكتفى بالقول "للأسف، فمن الواضع أن الأمور في سوريا لا تتطور في الاتجاه الصحيح". كما نقلت وكالة أنباء الأناضول الجمعة عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان قوله "للأسف فإنهم لا يتصرفون بطريقة إنسانية"، واصفا التعامل مع جثث النساء اللواتي يقتلن على يد قوات الأمن السورية بأنها "من الفظاعات".
وأضاف أردوجان، الصديق الشخصي للرئيس السوري بشار الأسد "تحدثت مع الأسد قبل أربعة أو خمسة أيام لكنهم (السوريون) لا يقدرون خطورة الوضع". وأكد انه "بناء على ذلك، لا يمكننا أن نصر على الدفاع عن سوريا".
ويعد هذا أقسى رد فعل يصدر عن أنقرة حتى الآن بشان الاضطرابات التي تشهدها سوريا والتي أجبرت أكثر من 300 شخص على اللجوء الى تركيا. وكان أردوجان مارس الضغوط على الأسد لتطبيق اصلاحات، الا انه لم يدع الى تنحيه.
وتركيا حليف استراتيجي قوي لسوريا منذ أن تخطيا أزمة حادة عام 1996 كادت تتطور إلى حرب. ولكن بعدها وقع الجانبان عدة اتفاقات تعاون وتكامل اقتصادي، ووقعا اتفاقًا عسكريًا معظم بنوده سرية.
وفي ظل حكومة أردوجان، إسلامية الخلفية، انتعشت علاقات تركيا أكثر مع جارتها الجنوبية. ودعت أنقرة إلى إصلاحات ديمقراطية يقودها الاسد.
وتسارعت وتيرة تدفق الفارين إلى تركيا الثلاثاء حيث أصبح أكثر من ثلاثة آلاف شخص يحتمون الآن في ثلاثة مخيمات أقيمت في محافظة أنطاكية الحدودية، حسب ما أفاد مسؤول في الحكومة التركية الجمعة.
وتقوم قوات الشرطة شبه العسكرية باستقبال اللاجئين ومعظهم من المسنين والأطفال والنساء، عند الحدود ونقلهم إما إلى المخيمات أو إلى المستشفيات.
وقال المسؤول إن 60 جريحا يتلقون العلاج الجمعة. وأضاف "ليست لدينا أية مشكلة في إيواء الناس وتلبية احتياجاتهم.. فالأعداد التي تصل الآن هي أقل كثيرا من الأعداد التي يمكننا أن نستوعبها"، مضيفا أن تركيا لا تحتاج حاليا إلى مساعدة دولية.
وأكد أردوجان على ان تركيا ستبقى على حدودها مفتوحة أمام اللاجئين من سوريا، إلا أنه تساءل "إلى أي مدى سيستمر ذلك".
وصرح ميتين كوراباتير المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في تركيا أنه "إذا أراد أي شخص شارك في نشاطات سياسية في سوريا، طلب اللجوء السياسي، فإن المسئولين الأتراك سيوجهونه إلى إجراءات طلب اللجوء".
واستشهد أكثر من 1100 مدني واعتقل عشرة آلاف آخرون في قمع التظاهرات الاحتجاجية ضد النظام السوري منذ 15 مارس، كما تقول منظمات الدفاع عن حقوق الانسان.
واشنطن تدين صعدت واشنطن لهجتها ضد سوريا داعية إلى وقف حملة القمع على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية والمستمرة منذ قرابة ثلاثة أشهر، غداة مقتل 25 متظاهرا برصاص قوات الامن التي ساندتها مروحيات هجومية. جاء ذلك اثر تقارير عن "حملة قمع وحشية" في بلدة جسر الشغور شمال غربي البلاد روى بعض فصولها بعض اللاجئين الذين فروا إلى تركيا هربا من العنف.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية جاي كارني في بيان إن "الولاياتالمتحدة تدين بشدة الاستخدام المشين للعنف من جانب الحكومة السورية في جميع أنحاء سوريا اليوم وخصوصا في المنطقة الشمالية الغربية".
وطالب كارني بوقف "فوري لاعمال العنف الوحشية" مشددا على ان الحكومة السورية "تقود سوريا على طريق خطر"، ومعتبرا أن "قوات الامن السورية تواصل اطلاق النار على المتظاهرين ومهاجمتهم واعتقالهم، وما زال هناك معتقلون سياسيون في السجون".
وقال كارني "كنا دعونا الحكومة السورية في وقت سابق هذا الاسبوع الى اظهار اقصى درجات ضبط النفس وليس الى الرد على الخسائر التي قيل انها لحقت بصفوفها بالتسبب بسقوط مزيد من الضحايا المدنيين".
ويتضمن البيان اشارة واضحة من واشنطن الى ان صبرها بدأ ينفد بشأن سوريا بعدما دعا كبار مسؤوليها مرارا الاسد الى البدء باصلاحات او التنحي جانبا، دون ان تصل مع ذلك حد مطالبته بشكل مباشر بالتنحي عن السلطة.
وحث البيان الامريكي على "أن يبقى السوريون موحدين وان يعملوا لمنع نزاع طائفي ويمضون في تطلعاتهم بطريقة سلمية"، ملمحا بذلك الى احتمال تصاعد العنف والتقسيم في سوريا.
ومن المنتظر أن يجرى السبت دفن جثامين القتلى بعد يوم من اطلاق قوات الامن الرصاص وقتل ما لا يقل عن 25 محتجا خرجوا الى شوارع البلدات والمدن السورية عقب صلاة الجمعة، حسبما قال ناشطون.
وتخرج مظاهرات اسبوعية عقب صلاة الجمعة مطالبة بسقوط نظام الاسد حيث ادت حملته على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي اندلعت منتصف آذار/ مارس، إلى مقتل أكثر من 1200 مدني، بحسب مصادر حقوقية.
وذكر رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان والذي يتخذ من لندن مقرا له ان مروحيات هجومية حلقت فوق بلدة معرة النعمان قرب جسر الشغور حيث اطلقت النار على مركز للشرطة سيطر عليه المحتجون.
وأورد التلفزيون الحكومي السوري أن "ارهابيين مسلحين" اطلقوا النار هناك.
واضاف إن العملية التي تباشرها قوات الامن في جسر الشغور جاءت "بناء على طلب من السكان" للتعامل مع ما وصف بالعصابات المسلحة، مضيفا ان الجنود اعتقلوا "عناصر من الجماعات المسلحة" بالمنطقة.
ومن جانبه أكد ناشط حقوقي نقلا عن سكان أن الجيش السوري وصل إلى مشارف بلدة جسر الشغور. وقال الناشط إن "التوتر كبير في المنطقة. القوات السورية تتمركز عند مداخل جسر الشغور ولم تدخل المدينة".
واضاف ان "الناس رحلوا باتجاه الحدود التركية القريبة. بين أربعة وخمسة آلاف شخص يريدون الهرب إلى تركيا".
وكان احد سكان القرى ابلغ وكالة فرانس برس في وقت سابق ان القوات المتقدمة باتجاه المنطقة قصفت القرى المحيطة واشعلت النار في حقول القمح في قرية الزيارة التي تبعد 15 كيلومترا جنوب شرقي جسر الشغور.
وأكد النشطاء الحقوقيون في وقت سابق ما ذكره شهود عيان من ان بلدة جسر الشغور باتت خالية تقريبا من السكان بعد نزوح غالبية قاطنيها وعددهم 50 الف نسمة، اذ فر الكثير منهم الى تركيا المجاورة مع تدفق الدبابات والجنود باتجاه البلدة منتصف الاسبوع.
وقالت وكالة انباء الاناضول التركية إن العنف في سوريا أدى للجوء 4300 سوري الى تركيا.
وفي مدينة انطاكية بتركيا قال عامل اغاثة سوري يدعى نبيل انه سمع ضجيج المروحيات ورأي "جمجمة تنشطر الى شطرين" قبل ان يسقط مصابا برصاصة في ظهره.
وتحدث نبيل من فراش المستشفى عن اخر ما رأه في البلدة مطلع الاسبوع الماضي بعد ان قالت دمشق ان 120 شرطيا وجنديا قتلوا على ايدي المناوئين للنظام.
واضاف الموظف بالهلال الاحمر السوري، والذي كان بين الدفعة الاخيرة التي ترحل عن البلدة، "نعم شاهدت الجرحى بالمئات، وعشرات القتلى، بل ربما مائة قتيل"، متحدثا عن ضحايا للتعذيب.
واضاف نبيل، 29 عاما "شاهدت جثة شجت جمجمتها نصفين، لابد ان ذلك كان نتيجة رصاصة متفجرة اذ كانت الجمجمة مفتوحة كالكتاب، اذ لا تترك رصاصة كلاشنيكوف عادة اثرا كهذا".
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان السبت انه يتعين على مجلس الامن دعم قرار يطالب بنهاية فورية لتلك الحملة.
وقال فيليب بولوبيون المدير المعني بشؤون الاممالمتحدة بالمنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها "الصمت المطبق لمجلس الامن ازاء الفظائع الجماعية المرتكبة بحق الشعب السوري يشجع الحكومة السورية على المضي في حملتها الدامية".
وتابع بولوبيون في بيان للمنظمة "من شأن استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) لحماية الحكومة السورية واجهاض المساعي لوقف اعمال القتل ان يشكل خيانة شديدة للمواطنين السوريين المحاصرين".
وكان دبلوماسيون عقدوا محادثات جديدة الجمعة بشأن قرار اوروبي يدين الحملة السورية العنيفة، ولكن من دون ان يتمكنوا من التوصل لاتفاق يتيح لهم طرح المشروع على التصويت حيث تقرر مد المحادثات لتشمل السبت والاحد.
المروحيات تفتح النار على المتظاهرين وكان نشطاء قد قالوا الجمعة، إن طائرات مروحية تابعة للجيش السوري أطلقت النار على محتجين في بلدة "معرة النعمان" بالقرب لجسر الشغور في محافظة إدلب شمال البلاد، لمواجهة احتجاجات تطالب بالديمقراطية وإسقاط النظام، فيما بلغت حصيلة "جمعة العشائر" 28 شهيدًا على الأقل ومئات المصابين في مناطق مختلفة في البلاد.
وأعلنت جماعة نشطاء إن قوات الأمن قتلت 28 محتجا حين أطلقت ذخيرة حية على مظاهرات مطالبة باللديمقراطية في سهل حوران (جنوب) مهد الانتفاضة ضد حكم حزب البعث وفي دمشق ومدينة اللاذقية الساحلية وفي محافظة إدلب الشمالية الغربية، وهي أحدث منطقة نشرت فيها القوات والدبابات لقمع الاحتجاجات.
وقال ناشط حقوقي إن قوات الأمن أطلقت النار على تظاهرة كبيرة في معرة النعمان قرب جسر الشغور في محافظة إدلب شمال البلاد، ما أدى إلى سقوط 11 شهيدًا على الأقل.
وأحد الشهداء يدعى محمد الدغيم (30 عاما). وأكد والده أنه "أصيب في صدره برصاص أحد القناصة". وأكد الوالد والناشط أن مروحيات عسكرية سورية أطلقت النار على الحشود.
وأشار رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أيضًا إلى "مروحيات تحلق فوق المدينة". وأكد ناشط حقوقي آخر أن "المروحيات تقصف المدينة".
وأفاد عبد الرحمن بتطويق متظاهرين لعناصر أمن في منطقة معرة النعمان. ولفت إلى أن "الحشود قطعت الطرقات لمنع إيصال التعزيزات العسكرية إلى الشرطيين المحاصرين".
وأطلق المطالبون بالتغيير والديمقراطية في سوريا على مظاهرات الجمعة "جمعة العشائر" في إشارة إلى ما اعتبروه "أحد أهم مكونات المجتمع السوري".
انشقاق بسبب بكاء النساء والأطفال أعلن المقدم المنشق عن الجيش السورى "حسين هرموش" مسئوليته عن قتل العسكريين الذين أعلن النظام السورى مقتلهما على يد "عصابات مسلحة"، بسبب هجومهما على الشعب السورى، الذى وصفه بالأعزل، وأكد أن ذلك لم يحدث إلا بعد أن أنذرهم هو ورفاقه عدة مرات من قتل المدنيين.
وقال المقدم هرموش، وفق قناة العربية "أنا والجنود الذين معى متواجدون على مكان مرتفع فى جسر الشغور، وإن قوات الجيش السورى وضعت الأطفال والنساء والشيوخ دروعًا بشرية، عندما سمعوا أن هناك مقاومة يقودها هرموش مع جنوده المنشقين لصالح الجيش العربى السورى".
وأضاف المقدم السورى المنشق أنهم حاولوا إخلاء السكان ولكنهم لم ينجحوا بشكل كامل، حيث أخلوا ما نسبته 90% تقريبًا، والعشرة بالمائة الباقية يستخدمهم الجيش الآن كدروع بشرية.
وأوضح المقدم هرموش أنه وزملاءه سيحذرون القوات أولاً، وسيعملون لحماية المدنيين العزل.
وعن أسباب انشقاقه عن الجيش قال المقدم المنشق إنه رأى النساء والأولاد يبكون، ولم يتحمل هو والجنود الذين معه، وأنه ناشد زملائه فى الجيش ألا يهاجموا الشعب الأعزل.
وأضاف "الضباط الأشراف الذين أقسموا اليمين ليحموا بلدهم وشعبهم لا أقول لهم تعالوا جنبى حاربوا وموتوا معى، بس لا تضربوا الشعب لا تضربوا إخواننا".