"مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 26 يوليو 2025    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 26 يوليو 2025    الإسماعيلية تكشف تفاصيل مهرجان المانجو 2025.. الموعد وطريقة الاحتفال -صور    التنمية المحلية: بدء تنفيذ مشروع تطوير شارع إبراهيم بمنطقة الكوربة    وزير الخارجية يختتم جولته الأفريقية بشراكة اقتصادية تحقق التكامل بين مصر والقارة السمراء    مع تعثر التهدئة، حماس تستنفر عناصر تأمين الرهائن خشية هجوم إسرائيلي مباغت    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم بلدة المغير شرقي رام الله بالضفة الغربية    ترامب: لدينا فرصة للتوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي    "الجبهة الوطنية": دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية تخدم أجندات مشبوهة    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    تقرير يكشف موعد جراحة تير شتيجن في الظهر    رسميًا.. دي باول يزامل ميسي في إنتر ميامي الأمريكي    تردد قناة الأهلي الناقلة لمباريات الفريق بمعسكر تونس    "هما فين".. خالد الغندور يوجه رسالة لممدوح عباس    24 مصابًا.. الدفع ب15 سيارة إسعاف لنقل مصابي «حادث ميكروباص قنا»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    إصابة 24 شخصًا إثر انقلاب ميكروباص في قنا    بعد أقل من شهرين من فراق نجله.. وفاة والد أحمد المسلماني تاجر الذهب برشيد    تامر حسنى يقدم ريمكس "Come Back To Me" مع يوسف جبريال فى العلمين    "الذوق العالى" تُشعل مسرح مهرجان العلمين.. وتامر حسنى: أتشرف بالعمل مع منير    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    محمد رياض يستعرض معايير التكريم بالمهرجان القومي للمسرح: لا تخضع للأهواء الشخصية    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    ترامب يحذر الأوروبيين من أمر مروع: نظموا أموركم وإلا لن تكون لديكم أوروبا بعد الآن    تامر حسني يهاجم عمرو دياب بعد تصنيف الهضبة لألبومه "لينا ميعاد": أنا تريند وأنت تحت    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 26 يوليو 2025    ليكيب: برشلونة يتوصل لاتفاق مع كوندي على تجديد عقده    خبر في الجول - اتفاق مبدئي بين بيراميدز وبانيك لضم إيفرتون.. ومدة التعاقد    رد فعل مفاجئ من كريم فؤاد بعد أنباء إصابته بالصليبي (صورة)    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    أحمد السقا: «لما الكل بيهاجمني بسكت.. ومبشوفش نفسي بطل أكشن»    هاكل كشري بعد الحفلة.. المطرب الشامي يداعب جمهوره في مهرجان العلمين    روعوا المصطافين.. حبس 9 متهمين في واقعة مشاجرة شاطئ النخيل في الإسكندرية (صور)    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    أخبار كفر الشيخ اليوم.. شاب ينهي حياة آخر بسبب خلاف على درجة سلم    6 أبراج «الحظ هيبتسم لهم» في أغسطس: مكاسب مالية دون عناء والأحلام تتحول لواقع ملموس    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    عقود عمل لذوي الهمم بالشرقية لاستيفاء نسبة ال5% بالمنشآت الخاصة    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هموم مصر الثورة (1)
نشر في الشعب يوم 28 - 03 - 2011


بقلم: هشام الناصر
زعيم المقاومة : فضيلة الشيخ "حافظ سلامة".
صرح الشيخ حافظ سلامة (بطل المقاومة الشعبية بالسويس) لأحدى البرامج الفضائية المصرية الخاصة فى مساء الجمعة 11/3/2011 ، أنه سيقدم مستندات إلى النائب العام تثبت خيانة رؤساء وقيادات لمصر إبان حرب أكتوبر 1973.
سبق الحديث عن الشيخ المجاهد مرارا وتكرارا منها ما جاء فى مقال "حماس وأخواتها أخر العرب المحترمين" فى يوليو 2006 : حاول الجيش الإسرائيلي احتلال "السويس" ولم يتصدي لهم إلا المقاومة الشعبية ومجموعات الفدائيين بقيادة الشيخ المسن "حافظ سلامة" الذي حول مسجد "الدعوة" إلي وحدة عسكرية ومركز عمليات قتالية. أستسلم المسئولون الرسميون ورفعوا "الأعلام البيضاء" علي أقسام البوليس ومنها قسم الأربعين الذي كان بمثابة قلعة مسلحة. لم يدافع عن المدينة إلا شعبها ممثلا فى رجال المقاومة (مجموعات الفدائيين)، مسلحين بحب "الوطن" و "قوة العقيدة". ولاحقا فى أعياد النصر ، اكتملت صورة تراجيدية أو نوع من الكوميديا السوداء تمثلت فى قيام سيدة مصر الأولي فى ذلك الوقت (جيهان رؤوف) بتكريم مجموعة الفدائيين التي تحملت وحدها مهمة الدفاع عن "السويس" ودحرت قوات شارون المدرعة بمنح كل منهم "شهادة تقدير" مزخرفة ورقية و"شهادة استثمار" بعشرة جنيهات مصرية... فقط لا غير (!!!).
أما موضوع الوثائق والشهادات التى سيقدمها فضيلة الشيخ وهى "خيانات حرب أكتوبر"، فقد سبق تناولها أمثالها فى مقالات عديدة منها : قيام القائد الأعلى بفضح نوايا (إستراتيجية) القوات المسلحة يوم 7 أكتوبر، والإهمال فى تقديم الدعم الجوى للواء الأول مشاة بعد عصر يوم 10 أكتوبر (عند تحركه خارج مظلة صواريخ الدفاع الجوى لتحسين قطاعه النيرانى) مما أدى إلى تدميره كاملا، وإصدار قرار تطوير الهجوم وسحب الإحتياطى التعبوى من غرب القناة بالمخالفة لنتائج معركة تدمير اللواء الأول مشاة يوم 10 أكتوبر التى أظهرت التعبئة الكاملة للقوات الإسرائيلية وقوة سلاحها الجوى بالمقارنة بقواتنا الجوية وعجز حائط الصواريخ (الثابت) عن التصدى خلف نطاقه وضعف منظومة الدفاع الجوى المتحركة وعدم قدرة القوات الجوية على تقديم الدعم الجوى للقوات البرية. والتعتيم على أخبار الثغرة حتى على رئيس الأركان وهو القائد العملياتى.
بدأنا حرب أكتوبر وقاتلنا معاركها الأولى بطريقة مثالية كما ورد بالكتب والمرجعيات (As per textbooks). وكانت النتيجة ثلاثة فرق مدرعة إسرائيلية (7 لواء مدرع ولواء مظلى) غرب القناة يحاصرون 45 ألف مقاتل مصرى من الجيش الثالث، ويهددون العاصمة القاهرة الواقعة على بعد 100كم (!!!؟؟؟). لم تكن ثغرة عادية .. ولم تكن تليفزيونية.
عندما تأتى "النتائج" مناقضة "للمقدمات" فهذا دليلا على وجود خلل. وآن الآوان لكشفه وفضحه. ننتظر الخطوة الأولى من الشيخ "حافظ سلامة" وليتها تضم عريضة الاتهام التى أرسلها الفريق "سعد الدين الشاذلى" إلى النائب العام (متضمنة فى كتابه الشهير عن حرب أكتوبر).
****************
إدراك الثورة وإنكارها ..
الأسبوع الرابع من سقوط رأس نظام (11 فبراير 2011). نظام لم ترى البلاد نظيرا له فى الفساد والإفساد منذ عصر الانحدار الأخير فى العام 950 ق.م. من احتلال القبائل الليبية والنوبية إلى عصور المماليك والعثمانيين والفرنسيس ومحمد على والاحتلال البريطانى. كل هؤلاء نهبوا الزرع وسرقوا الثمر. أما هذا النظام المهجن من "أوتوقراطية مستبدة وأولجاركية بعقيدة نيوليبرالية بربرية" فقد نهب الأرض والحجر وبدد التاريخ والجغرافيا وسرق الحلم والأمل. نظام استعمارى وطنى (أحتلال داخلى) لم يرد له مثيلا ، فلزم خُلعه بثورة لم يرى التاريخ الإنسانى نظيرا لها .
ثورة شعب بأكمله بلغت ذروة حشوده يومى الخميس والجمعة (10/11 فبراير) أكثر من 20 إلى 25 مليونا فى أنحاء المعمورة، أى الثلث الفاعل من المقيمين (مع استبعاد المُهجرين والمهاجرين والطفشانين والمنفيين).
توجد إشكالية كبيرة على الساحة المصرية الآن وهى عدم إدراك أو عدم تصديق أن ما حدث هو "ثورة"، وعدم إدراك "ماهية الثورة" (حجمها وخطورتها وأهميتها ومسئولياتها) ، وأخيرا إنكار الثورة بكليتها من شخوص مغيبين عن الواقع مثلما حدث مع الرئيس الأسبق فى إنكاره ماحدث.
العقل كالحواس يعجز عن إدراك ما فوق طاقته. إذا دارت عجلة بسرعة أكبر من قدرة العين على تتبعها فلن ترى إلا الفراغ. ويبدو أن الأمر أكبر من طاقة البعض العقلية على الاستيعاب والإدراك.
مصر فى حالة ثورة لم تنتهى ، أو فى عملية ثورة (Revolution Process) لم تحقق أهدافها بعد. والحالة الحالية هى أقرب لكونها "إدارة صراع" بين طرفين (أو أكثر) متضاربى المصالح.
هذا الصراع يجعل الثورة عرضة لمخاطر وأزمات وكوارث. الأمر يستدعى "إدارة مخاطر" لدرء التهديد للمكتسبات. والأمر يستدعى استعدادا "لإدارة أزمة أو أزمات محتملة أو متوقعة" فى حال نجاح التهديد فى الاختراق وإصابة المكتسبات أو بعضها. والأمر يحتاج الاستعداد لمنظومة "علاج كوارث" فى حال فشل أعمال "إدارة الأزمة". الأولى والثانية مسئولية د. عصام شرف، أما الثالثة فهى مسئولية جنرال عنان.
****************
الثورة المضادة ....
رئاسة الوزراء المصرية أقرت بوجود ما يسمى "بالثورة المضادة". وفى المقابل تصدى البعض من أصحاب الكلام (بعض الإعلاميين، وبعض المنسوبين لمهنة المحاماة) لهذا الادعاء منكرين له ووصفها بأنها فزاعة للتخويف (!!!). فزاعة يقوم بها رجال الثورة (الأشرار) لتخويف رجال النظام البائد (الأبرار) ؟؟؟؟.
جدلية عقيمة لا تتفق وطبيعة الحدث. فالثورة هى التغيير، أى الانتقال من حال لحال. ومن الطبيعى فى قوانين التغيير أن توجد قوى مقاومة للانتقال وتريد العودة لأصلها، و/ أو وجود قوى تنحرف بالثورة عن مسارها لتصل لحال ثالث لا علاقة له بالهدف المنشود. هى قوانين الطبيعة التى لا يجوز الإفتاء فيها.
سقط رأس النظام الفاسد وبعض من رموزه ولكن معظم جسده مازال باقيا يتلوى كذيل ثعبان. لإدارك إمكانية أن يستمر الجسد مقطوع الرأس فى التحرك، بل والقدرة على إنبات "رأس جديد" يتطلب معرفة طبيعة وبنائية دولاب العمل المصرى وتعقيداته. تلك المنظومة البيروقراطية التى أرسى دعائمها "محمد على" بما يسمى "لائحة الفلاح"، والتي تم تطويرها عبر عصور ودهور بمجموعات من النظم واللوائح شديدة التعقيد بواسطة حكومات السلاطين والخديوية والملكية حتى الجمهورية بحيث بات الجهاز الحكومى قادرا على السير وحده مبرمجا بوتيرة عمل راسخة. وهو الأمر الذى يمكن تلخيصه بمقدرة أى جهة حكومية (بما فيها الدولة ذاتها) على إمكانية تسيير نفسها دون الحاجة لرأسها ولفترة غير قصيرة.
تم تشييد منظومة مبارك الفاسدة على شكل "منظومة هرمية" وعلى غرار البنائية الحكومية. فقد ذابت الفواصل بين العام والخاص، والدولة والحزب. منظومة رأسها "مبارك" برمزيته وبمساعدة كبار ما يسمى بالحرس القديم (سرور – الشريف – عزمى– عمر سليمان – مفيد شهاب) وبمهام تختص بالأمن والسياسة الخارجية والتقنين التشريعى للفساد (شرعنة الفساد). الأسرة الحاكمة تتولى ملفات المال والأعمال والاقتصاد والثقافة والإعلام بمساعدة ما يسمى بالحرس الجديد. الجهاز السافاكى يحتل المستوى التالى ويختص بحماية النظام بالتجسس والإرهاب والاستئصال – جهاز ليس فقط فى خدمة النظام بل فى خدمة رأس النظام وليس فى خدمة الشعب، يليه المحليات وميليشيات ما يسمى بحزب الحاكم (الحزب الوطنى) ومرتزقة البلطجية عن طريق متعهدين وموردين محترفين.
سقط رأس النظام وبعض مجموعات المال والأعمال فى مستويات مختلفة وبدا تشتت واختفاء رموز قيادية سياسية– ولكن المنظومة الإجرامية لم تسقط بكليتها.
جسد فاسد قابل لإعادة إنتاج رأس له. إنه ميراث منظومة "دولاب العمل الحكومى الذى يسير وحده وبقصوره الذاتى وبلوائح محفوظة فى الأذهان.
قادة ميليشيات الحزب الحاكم مازالوا يتحركون. مجموعات كبار وصغار الموردين للمجرمين والبلطجية والعاهرات والعاهرين ما زالوا يعملون وهذا موسمهم المزدهر، تماما مثل ريجيسير الفنانين (مع الفارق). المجرمون الساديون من المنظومة الأمنية متحفزون والأمر بالنسبة لهم هو مسألة حياة أو موت، فهم على يقين من جرائمهم ومستعدون للمزيد للإفلات.
ليست مصادفة أن يخرج العشرات من محترفى الإجرام من "حظائر الخنازير" و"مستودعات تجميع القمامة" بمنطقة "منشية ناصر" لإثارة الفزع والرعب فى منطقة امتدت من القلعة إلى السيدة عائشة باستخدام الأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف والأسلحة النارية واستخدام صخور مناطق التلال، وبدعوى "الغضب القبطى" لحادثة تعدى أفراد قرية بجنوب القاهرة (قرية صول بأطفيح) على "دار مناسبات" قبطية (تطورت لكنيسة صغيرة) للشك فى قيام أفراد داخلها بأعمال سحر وشعوذة (وهى أمور معتادة فى القرى والنجوع). عملية إجرامية سقط فيها قتلى وجرحى وخسائر مادية وفوضى مجتمعية. شيء غريب أن يظهر المتدينون الأقباط فجأة من قلب أخطر معقل من معاقل الإجرام فى أسوأ عشوائية من عشوائيات مصر. والشيء الأغرب هو تأييد بعض القيادات الدينية لهذا العمل الإجرامي.
الغريب أن الكل يعلم أن هذه المنطقة الموبوءة كانت معقلا ووكرا لبلطجية الأمن النظام السابق ورجالات الحزب الوطنى. وفجأة وبلا مقدمات أصبح هؤلاء الرعاع المجرمون محاربين مجاهدين فى فيالق وكتائب حملة "النسر النبيل" (!!!!؟؟؟؟؟؟).
وليست مصادفة أن يظهر بلطجية محترفون فى ميدان التحرير بعد أربعة أسابيع من سقوط مبارك. وليست مصادفة أن يتم إتلاف وثائق مقرات أمن الدولة وإخلائها واتهام شباب الثوار بإحراقها. وليست مصادفة أن يتم إحباط محاولات رئيس الوزراء المنتخب شعبيا (عصام شرف) فى تهدئة المعتصمين الأقباط أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون بواسطة رموز محسوبة على القيادات الدينية. وليست مصادفة إثارة جرائم الترويع بالشوارع الجانبية للعاصمة والطرق الرئيسية والقرى والنجوع. وليست مصادفة إثارة جدلية مقيتة بين أفراد الشرطة فى كونهم فى خدمة الشعب أم فى خدمة القانون (وهى جدلية الشرعية والمشروعية إن كانوا لا يعلمون). وليست مصادفة أن يتم إثارة مجموعة من ضباط الشرطة للإعتصام احتجاجا على حبس ثلاث ضباط متهمين بقتل عشرات المتظاهرين العزل فى مدينة الإسكندرية – صورة من الجهالة الوظيفية والثقافة الأمنية الفاسدة الموروثة من الماضى القريب - أن تعترض الشرطة التنفيذية على قرار النيابة (!!!). قلة من الأفراد (وفى حقيقة الأمر ليسوا بقلة) نصبوا من أنفسهم جلاد وقاض (!!). تكرر الأمر فى مظاهرة أقارب ضباط وأفراد "أمن الدولة" الذى تم توقيفهم بعد ضبطهم بتبديد محتويات المقار الأمنية واكتشاف "أسرى" من الشعب المصرى معتقلين دون مسوغ قانونى، وكأنهم لا يعلمون فداحة ما ارتكبه أولادهم وذويهم أو كأنهم ينكرون سوء ربايتهم وتربيتهم لهم.
يعطى تظاهر واعتصامات بعض ضباط الشرطة وأفرادها مؤشرات خطيرة. مؤشر إنكار الجرائم الموثقة. مؤشر عدم الاعتراف بالجرم المشهود. مؤشر رفض القصاص الذى بدونه لن تكون هناك حياة. كافة الجرائم موثقة (بالوسائط المتعددة) منذ اليوم الأول للثورة. إطلاق الرصاص للقتل على ظهر شاب أعزل و إطلاق النار على جباه المتظاهرين فى الإسكندرية. إطلاق رصاص بغرض القتل لا المنع (Shoot to kill) وهو أسلوب لا يستخدم إلا فى المعارك الحربية وفى حال عصابات المافيا الإجرامية.
على الجانب الآخر هناك مشاهد لشباب من الأمن تركوا مواقعهم وشاركوا المتظاهرين فى الصلاة (على كوبرى قصر النيل) أثناء تظاهرات الأيام الأولى من الثورة المباركة وتحت قصف مدافع المياه القذرة.
الإقرار بالذنب والقصاص. ........ بدونهما لن تكون هناك حياة.
ليست مصادفة أن تتحرك ثعابين الإعلام القديم فى الصحف والفضائيات لإنهاء الزخم الثورى وكأنها كانت "عركة فى حارة". وليست مصادفة اختراق المطالبات الفئوية وإثارتها ورفض تنظيمها. وليست مصادفة أن تتم محاولات الوقيعة بين شباب المتظاهرين السلميين وبعض وحدات القوات المسلحة. وليست مصادفة أن يتم حرق ملفات مكتب الأموال العامة بمجمع التحرير أو مستودع الإحراز بالجلاء أو المركز القومى للمحاسبات .. وغيرها.
الفوضى ليست هدفا. الفوضى هى خلق بيئة مناسبة لتحقيق الهدف. والهدف هنا هو العودة للحالة الأولى – حالة ما قبل الثورة، أو الانحراف بها إلى حالة ثالثة يتبوأ فيها رمز ضال من رموز النظام البائد أو أحد منسوبيه لتولى رأس منظومة تخرج من ركام النظام الفاسد القديم وعلى أنقاض مشروع الثورة ودماء الشهداء الذى بلغ عددهم على 900 شهيدا وليس 400 (كما ادعت وزارة الصحة).
أنها "نذائر" تهديدات لمكتسبات الثورة الوليدة تستلزم الحكمة فى تميزها وحسن إدارتها. الأمر يحتاج إلى "تحليل مخاطر" و"إدارة أزمة" قبل أن نضطر إلى "علاج الكارثة".
يبدو أن المهمة ثقيلة على وحدة الحراسة الخاصة بالحماية الشخصية لرئيس الوزراء المنتخب "د. عصام شرف".
****************
رسالة إلى رئيس الوزراء المنتخب .. د. عصام شرف
الرسالة الأولى هى تهنئة "بحسن إدارة أزمة الاحتقان الطائفي" المزعوم الذى أثارته وجوه مقيتة مازالت تفكر بعقلية عصر بائد وفكر فاسد للحصول على مكاسب مادية ومكانة فئوية لا تقارن بالمخاطر المتوقعة للدولة بأسرها.
تمت الإدارة بفريق عمل مبدع من العسكر (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) ومن رجالات الدين الثقاة وإعلاميين وطنيين ومن مجموعة شباب تحالف ثورة يناير.
الرسالة الثانية هى ضرورة حسن استخدام المنظومة المعلوماتية الخاصة بمجلس الوزراء، وهى "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" لتكوين فريق عمل يقوم بتحليل وتقييم المخاطر لمنظومة الثورة المصرية فى المرحلة الراهنة (Risk Assessment)، والبدء فى تشكيل مجموعة "إدارة أزمات"(Crisis Management) تحسبا للتعامل مع ما يمكن أن يحدث. والفريقان مرتبطان من الناحية العلمية.
المشكلة التى يمكن أن يواجهها "شرف" هى نقص الكوادر ذات الكفاءة المطلوبة فى القطاع الحكومى (المؤهلات الحقيقية لا الزائفة، والخبرة العملية فى تطبيقات ذات علاقة) . فالمبدأ الذى كان سائدا فى العصر البائد هو "البقاء للأسوأ" (!!!!).
http://alnasser-hesham.maktoobblog.com
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.