توفي متظاهران يمنيان ليل السبت في عدن كبرى مدن الجنوب اليمني، متأثرين بجروح أصيبا بها في وقت سابق خلال مشاركتهما في تظاهرات لمطالبة الرئيس علي عبد الله صالح بالتنحي، كما أفاد مصدر طبي. ليرتفع بذلك حصيلة القتلى في المظاهرات الحاشدة التي شهدتها اليمن يوم السبت للمطالبة برحيل الرئيس اليمني إلى سبعة أشخاص بينهم أربعة في عدن، كما أوردت حصيلة لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكان مراسل فضائية "الجزيرة" أعلن أن أربعة أشخاص قتلوا في عدن، عندما أطلق الأمن النار على متظاهرين اقتحموا مركز شرطة في دار سعد.
وفي صنعاء هاجم مئات من أفراد قوات الأمن فجر السبت جموع المعتصمين في ميدان التغيير، ما أدى إلى مقتل شخص، وأصيب نحو ألف، ثم هُوجم المتظاهرون مجددا في الطريق الدائري واستُعمل ضدهم الرصاص الحي، فقتل شخص برصاصة في رأسه- قال شهود عيان إن مصدرها قناص تموقع على سطح بناية- ووقع عدد من الجرحى حالة بعضهم خطيرة.
وتحدث شهود عيان عن رجال أمن بالزيين الرسمي والمدني هاجموا المعتصمين، وأطلقوا الرصاص بغزارة وطاردوهم في شوارع جانبية، في حين اعتلى مسلحون بزي مدني أسطح منازل تطل على الميدان.
لكن استعمال الرصاص الحي لم يقتصر على قوات الأمن حسب وكالة "رويترز"، فقد رد معتصمون بالذخيرة الحية وبالحجارة على الهجوم الذي تعرضوا له. واتهمت الداخلية المعتصمين بفتح النار، وتحدثت عن 161 شرطيا أصيبوا بجروح.
وحمّلت المعارضة الرئيس وأقاربه في أجهزة الأمن المسئولية كاملة عما يتعرض له المعتصمون، الذين بدأ ينضم إليهم ضباط من الجيش والشرطة.
وفي وقت متأخر السبت، كانت لا تزال تسمع في صنعاء حسب شهود عيان أصوات اشتباكات متقطعة.
أما في تعز جنوبي اليمن، فأكد مراسل فضائية "الجزيرة" أن 14 شخصا جرحوا بعيارات نارية أطلقها "بلطجية" خلال مسيرة حاشدة تطالب برحيل النظام، كانت متجهة إلى ساحة الحرية حيث واصل عشرات الآلاف اعتصامهم.
وشُلت حركة التعليم في المدينة بدعوة من قيادات طلابية، كما سيطر محتجون على المبنى الإداري لمديرية المعافر.
وفي المكلا عاصمة حضرموت جنوب شرقي اليمن قُتل فتى برصاصة في رأسه وأصيب خمسة خلال تفريق مظاهرة طلابية.
أما شمالا فشارك عشرات الآلاف في اعتصامات بمحافظة عمران، التي شهدت أيضا مظاهرة لعشرات الآلاف من أنصار المؤتمر الشعبي الحاكم، طلبوا من المعارضة الاستجابة لمبادرة الرئيس الذي عرض التنازل عن صلاحيات الرئاسة لصالح نظام برلماني مقابل إتمامه فترته الحالية.
ودعا ناشطون في عدن وأبين وشبوة وحضرموت إلى مظاهرات واعتصامات تنديدا باقتحام ميدان التغيير.
ويتهم المحتجون السلطات باستعمال غازات محرمة دوليا لتفريقهم، تُحدث حسب أطباء منهم ارتعاشا وتشنجا وتشل الحركة تماما، وطالبوا بكشف اسمها وتوفير أمصال مضادة لها.
لكن عضوا في المؤتمر الشعبي الحاكم نفى الاتهام، وأكد أن الأمر يتعلق بغازات مسيلة للدموع، وذكّر بمؤتمر صحفي لوزير الصحة عُقد في هذا الشأن، واستعرض فيه أطباء ما اعتبروه مستندات تنفي ذلك.
ويواجه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي يحكم البلاد منذ 32 عاما، حركة احتجاجية متصاعدة منذ نهاية يناير الماضي تكتسب زخما إضافيا يوما بعد يوم. لكنه رفض النزول على رغبة المحتجين ووعد بعدم الترشح لولاية جديدة مع انتهاء فترة الرئاسة في عام 2013 وبعدم نقل السلطة إلى ابنه.
والخميس، وعد الرئيس اليمني بإعداد دستور جديد يتم طرحه للاستفتاء خلال هذا العام والانتقال لنظام حكم برلماني يشمل قانون انتخابات جديدا، في محاولة لإنهاء الأزمة السياسية، مع استمرار حركة الاحتجاجات ضده والآخذة في التوسع يومًا بعد آخر للمطالبة بإنهاء حكمه المستمر منذ 32 عامًا.
والمبادرة التي تهدف على ما يبدو إلى ضمان خروج آمن ومشرف له من السلطة، جاءت بعد ان رفض صالح اتفاقًا جرى التوصل إليه بين أحزاب "اللقاء المشترك" المعارض ومجموعة من علماء اليمن ويقضي بتخليه عن الحكم قبل نهاية العام الجاري.
وكان البيت الأبيض حث المعارضة اليمنية على الإصغاء لدعوات الرئيس علي عبد الله صالح إجراء محادثات، للخروج من الأزمة الراهنة. وفي هذا الإطار دعا السفير الأمريكي في صنعاء جيرالد فيرشتاين السبت السلطة والمعارضة إلى الحوار، وحذر من أن الوضع قد يتطور نحو السيناريو الليبي.
وقال لعدد من الصحفيين في صنعاء "هذا بلد له تاريخ عنيف، وهناك عدد من الأشخاص بدؤوا من الآن يتحدثون عن احتمال استخدام العنف لتحقيق أهدافهم".
ويعتبر صالح حليفًا للولايات المتحدة في إطار ما يسمى ب "الحرب على الإرهاب". وتخشى واشنطن من احتمال أن تؤدي الإطاحة به إلى فراغ في السلطة يستغله الإسلاميون اليمن لصالحهم.