توقع مسئول سياسي في تل أبيب الجمعة أن يعرض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطة سياسية جديدة تتركز على الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة وعلى ترتيبات أمنية للدولة الصهيونية. وبحسب ما نقلت الإذاعة الصهيونية عن المسئول السياسي فإن نتنياهو سيطرح خطته الجديدة للسلام خلال مؤتمر اللوبي المؤيد للدولة الصهيونية "ايباك" في واشنطن في شهر مايو القادم.
وقال ان نتنياهو سيعلن بموجب هذه الخطة عن "منح تسهيلات للفلسطينيين"، لافتاً في ذات الوقت الى أنه سيركز أيضاً على أن أعمال البناء في الكتل الاستيطانية الكبرى وفي مدينة القدس ستستمر.
وتوقفت المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والصهاينة مطلع شهر أكتوبر من العام المنصرم، بعد أن أعلن الجانب الفلسطيني انسحابه منها احتجاجاً على عدم تجديد الحكومة الصهيونية لقرار تجميد الاستيطان.
ويطلب الجانب الفلسطيني أن توقف تل أبيب أنشطتها الاستيطانية في القدس والضفة الغربية قبل انطلاق المفاوضات، وأعلنت الإدارة الأمريكية التي توسطت لإعادة المفاوضات مؤخراً فشلها في حث الحكومة الصهيونية على اصدار قرار جديد بتجميد الاستيطان.
وفي السياق، ذكرت صحيفة "هاآرتس" في عددها الصادر الجمعة، أن نتنياهو يجري اتصالات مع الإدارة الأمريكية حول طرح هذه الخطة، وقالت انه في إطار هذه الاتصالات توجه مستشاره رون دريمير سرا إلى واشنطن قبل لأسبوع بينما عقد نتنياهو نفسه اجتماعا مطولا الخميس مع الموفدين الأمريكيين دنيس روس وفريد هوف.
وقالت الصحيفة ان نتنياهو حذر خلال محادثات مغلقة من أن قيام دولة "ثنائية القومية" سيجلب المأساة على الدولة الصهيونية، وأنه بسبب ذلك "بجب اتخاذ خطوة سياسية من شأنها إزالة هذا التهديد".
وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو "بات يدرك بأن الجمود السياسي لا يصب في مصلحة إسرائيل وانه يعتقد بأنه يجب استغلال التغييرات التي تشهدها الدول العربية لإعادة تحريك العملية السلمية وإحباط مبادرات فلسطينية أحادية الجانب".
يشار إلى أن صحيفة "هاآرتس" الصهيونية كشفت قبل ثلاثة أيام أن نتنياهو يخطط لإحداث تغيير في الاستيراتيجية السياسية لحكومته من خلال الموافقة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود مؤقتة.
ونقلت عن مصادر سياسية في ديوان نتنياهو قولها ان الرجل يدرس خطة لتسوية مرحلية مع السلطة الفلسطينية بالتزامن مع إطلاق مفاوضات حول مبادئ اتفاق الوضع الدائم مستقبلاً مع منح الجانب الفلسطيني ضمانات في قضية الحدود.
وقالت ان هذا يعكس تغييرا في استراتيجية نتنياهو عقب الأحداث التي تعصف بالعالم العربي، حيث نقل عن نتنياهو قوله خلال مشاورات أجراها مؤخراً مع مستشاريه "في خضم الاحتجاجات في العالم العربي، يجب أن نأخذ خطوة إلى الأمام في محاولة للتوصل إلى اتفاق نهائي في غضون عام"، وذكر نتنياهو أن الفلسطينيين ليسوا مستعدين للتوصل إلى اتفاق نهائي لإنهاء الصراع ، في ضوء عدم الاستقرار في المنطقة.
وأعلنت القيادة الفلسطينية وحركة فتح رفضهما في وقت سابق لهذه الخطة، وقال ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ان الجانب الفلسطيني يرفض توقيع أي اتفاق سلام انتقالي أو جزئي مع الحكومة الصهيونية.
وأكد أن القيادة تريد من أي اتفاق نهائي إنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي المحتلة عام 1967 بما يشمل مدينة القدسالشرقية، وإيجاد الحل العادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق المبادرة العربية.
وقال مسئول رفيع المستوى في ديوان رئيس الحكومة إنّ نتنياهو أجرى مشاورات على نطاق ضيق بشأن دفع عملية المفاوضات مع الفلسطينيين قدماً، وتم جزء منها في منزله الخاص لمنع أي تسريبات بشأنها إلى وسائل الإعلام، واشترك في هذه المشاورات كل من مستشاريه رون دريمر والمحامي يتسحاق مولخو، والوزيران دان مريدور وبيني بيجن، كما أن وزير الأمن إيهود باراك حضر جزءاً منها.
وأكد مستشارو نتنياهو أن رئيس الحكومة لم يقرّر بعد مضمون خطابه أو عناصر خطته السياسية، مشيرين إلى أنه يتخبط بين اقتراح خطة لتسوية سياسية شاملة، أو خطة لتسوية مرحلية على غرار خطة موفاز التي تنص على إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة في موازاة تحديد مبادئ حل القضايا الجوهرية للنزاع. وقال أحد هؤلاء المستشارين: إن نتنياهو يفضل خطة لتسوية شاملة، لكنه يخشى من ألا يكون الفلسطينيون ناضجين لذلك، ولذا يجب دراسة تسويات مرحلية. وإذا لم يكن هناك أي أفق لتسوية دائمة، فلا بُدّ من تجنيد الأسرة الدولية لتأييد حل مؤقت مع مسار واضح للتقدّم نحو الحل الدائم. مع ذلك، قالت الصحيفة الصهيونية، يبقى سؤال مركزي هو: هل نتنياهو جدّي في نواياه، أم إن ذلك كله هو مجرد محاولة للتخلص من العزلة الدولية، ومنع اقتراح فرض حلول دولية في المؤتمر القريب للجنة الرباعية الدولية؟.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ وزير الحرب الصهيوني، إيهود باراك، كان قد أكد الخميس، في سياق مقابلة أدلى بها إلى القناة الصهيونية العاشرة، أنه "إذا كانت إسرائيل راغبة في الحفاظ على مكانتها في العالم فإن عليها أن تأخذ زمام المبادرة على المستوى السياسي".
لكنه أشار إلى أن تركيبة الحكومة الصهيونية الحالية غير ملائمة لدفع العملية السياسية قدماً. وأضاف باراك انه حتى الآن لم ينجح في التأثير على الحكومة، ومع ذلك فإن الاستمرار في محاولة التأثير عليها يشكل السبب الرئيسي لبقائه في صفوفها، على حد تعبيره.