استبعدت مصادر مقربة من لجنة التعديلات الدستورية التي شكّلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة التطرق للمادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع. وذكر موقع "العربية نت" نقلا عن المصادر، أن اللجنة لن تتطرق أيضا إلى طبيعة النظام السياسى للدولة وتوجهاتها العربية، والمواد البعيدة عن تسيير الأعمال خلال الفترة الانتقالية الحالية التى ستستمر 6 أشهر.
وقال المفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا، إن المادة الثانية للدستور وجميع النصوص المتعلقة بالمقومات الأساسية للمجتمع وبالحريات الأساسية العامة غير معروضة للتعديل الدستوري.
وبحسب المصادر، فإن أهم التصورات المقترحة لتعديل المادة 76 من اللجنة التي يرأسها المستشار طارق البشري نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق "أن يفتح الباب للمرشحين المستقلين بشرط حصولهم على توكيلات من الشهر العقاري من نحو 25 ألف مواطن له حق الانتخاب من نحو 15 محافظة، لضمان أن يكون للمرشح أرضية شعبية حقيقية ولا تقتصر جماهيريته على النزعة القبلية أو العائلية".
وأضافت أنه يوجد تصور آخر بأن يفتح الباب للمرشحين المستقلين "بشرط إضافي واحد هو حصولهم على إجازة من 150 عضوا بمجلسي الشعب والشورى، مع الاستبعاد النهائي لدور أعضاء المجالس الشعبية المحلية والشروط المجحفة الأخرى التي استجدت على الدستور بتعديل عام 2007".
وتحدثت المصادر عن "حتمية إلغاء المادة 179 الخاصة بمكافحة الإرهاب استنادا إلى كفاية القوانين الحالية لردع الإرهاب وحماية الأمن والنظام العام تحت إشراف الأجهزة القضائية المختصة، وضرورة إعمال الفقرة الأولى من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور، إعلاء لحرية الفرد والمجتمع".
وتنص المادة 41 على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزم ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون.
وتنص المادة 44 على أن للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون، والمادة 45 على أن للمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون".
ورجحت المصادر كذلك تقييد المواد 74 الخاصة بالقرارات الاستثنائية لرئيس الجمهورية في حالة الخطر على أمن البلاد، و174 الخاصة بالتدابير الاستثنائية لرئيس الجمهورية، و189 الخاصة باقتراحات تعديل الدستور بتوسيع سلطة مجلس الشعب الرقابية على قرارات الرئيس.
وكشفت أن اللجنة "ستأخذ في الاعتبار الملاحظات والمقترحات التى أبدتها لجنة تعديل الدستور السابقة التي شكلها الرئيس السابق حسني مبارك قبل تنحيه بثلاثة أيام".
وذكرت أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة "كلّف اللجنة بإعداد النصوص النهائية للمواد المطلوب تعديلها لطرح هذه النصوص في استفتاء شعبي، حيث ستحل اللجنة في هذا السياق محل مجلس الشعب في تشريع مواد الدستور، وبالتالي ستكون اختصاصاتها أوسع من اختصاصات اللجنة السابقة التي كانت تقتصر على اقتراح التعديلات وإرسالها للبرلمان".
وتم تشكيل اللجنة المكلفة اقترح تعديلات دستورية وتحديد قواعد لاستفتاء شعبي على تلك التعديلات بتكليف من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأسندت رئاسة اللجنة إلى المستشار طارق البشري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الأسبق، وهو قاض مشهود له بالكفاءة والنزاهة. وصرح الدكتور عاطف البنا، أستاذ ورئيس قسم القانون العام بجامعة القاهرة وعضو اللجنة لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، أن "دور اللجنة لن يتوقف عند صياغة نصوص جديدة للمواد الدستورية التي تم الإعلان عن تعديلها قبيل تنحي الرئيس السابق (مبارك) وإنما سوف تمتد التعديلات إلى مواد أخرى ذات صلة بالمرحلة الانتقالية".
وأمهل المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة لجنة تعديل الدستور التي تم تشكيلها عشرة أيام من أجل الانتهاء من مهمتها باقتراح التعديلات الدستورية وتحديد قواعد للاستفتاء الشعبي على تلك التعديلات.
وقال الفقيه القانوني الدكتور يحيى الجمل، إن فترة العشرة أيام كافية لتعديل الدستور وربما أقل من تلك المدة، موضحا أن الدستوريين يعرفون مثالب المواد المطلوب تعديلها منذ مدة طويلة.
وأشار الجمل الذي كان عضوا في اللجنة التي شكّلها الرئيس مبارك إلى المادة 76 التي وصفها بأنها خطيئة دستورية وهي التي جعلت الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية محصورا في الحزب الوطني.
وقال الجمل الذي كان يتحدث إلى الفضائية المصرية الأربعاء إنه لتعديل هذه المادة سيقوم أعضاء اللجنة بوضع اقتراحات لتسهيل ضوابط الترشيح كأن يحصل المرشح على عدد تأييد 100 لهم صفة معينة كأعضاء النقابات والمجالس البلدية وغيرها، أو على توكيلات عشرة آلاف مواطن.
تهديد بالاستقالة وفى سياق متصل، ورفض الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، المطالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع في مصر، محذرا من أن الدعوة إلى هذا تفتح الباب للفوضى، وتخلق الفتن بين أبناء الشعب، لأن هذه المادة من ثوابت الأمة.
وقال في مؤتمر صحفي عقدة أمس بمقر مشيخة الأزهر، إن وجود تلك المادة بالدستور المصري ليست بدعه مصرية، فهناك العديد من دول العالم ديانتها موجودة في الدستور مثل إسبانيا ودول أمريكا اللاتينية، معتبرًا مجرد المساس بالمادة الثانية من الدستور يعد مصادرة على الديمقراطية وحرية التي ننشدها.
واعترف الطيب بمسئولية الأزهر وباقي مؤسسات الدولة المصرية عن فساد النظام الحاكم السابق وذلك بصمته تجاه أخطائه، لكنه دافع عن موقف الأزهر من الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك.
وقال إن الأزهر لا يمكن المزايدة على موقفه الداعم لاي حركة تحرير داخل مصر وخارجها "الأزهر لا يتردد ولا يخاف، كما جأرت بعض الحناجر الزاعقة في الداخل والخارج ولم يمسك العصا من الوسط كما قيل بل أمسك العصا وهو يتقلب بين خوفين؛ أولهما الخوف على إراقة قطرة دم من دماء الشباب، والآخر الخوف على الوطن وأن ينفرط عقدة ويدخل في مجهول" .
وأضاف أن الأزهر سبق كل الأصوات التي تركب الموجة الآن وتتاجر بالدين والأخلاق وتنتهز الفرصة لإفراغ أحقادها وسمومها السوداء على الأزهر، وأعلن أن أي عمل أو تصرف يؤدي إلى إراقة الدماء هو عمل محرم شرعًا ومُجرم أمام الله وأمام الناس داعيا إلى الحوار الفوري لاحتواء الأزمة ورأب الصدع دون إقصاء لأي طرف.
وأشار الطيب إلى أن الأزهر أكد في بيانه الأول، أن الأسلام يقر حقوق الشباب المشروعة وفي بيانه الثاني أكد أنه يرفض محاولات التدخل الأجنبي لاستغلال مطالب الشباب المشروعة، وطالب الشباب بالحفاظ علي وطنهم، كما أنه كان أول من أفتى بأن قتلى هذه الثورة "شهداء" وليس "قتلى معركة" كما أسماهم البعض.
وأكد شيخ الأزهر أنه لم يتملق السلطة على الإطلاق، بدليل أنه جمد الحوار مع الفاتيكان، على خلفية تصريحاته المثيرة للجدل عقب حادث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، كما رفض إملاءات الولاياتالمتحدة، والتطبيع مع إسرائيل ووقف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
وكشف أنه رفض خلال المؤتمر الأخير الذي عقد حول التقريب بين علماء أهل السنة طلب جهاز مباحث أمن الدولة بالتحفظ على الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لمدة ساعتين في مقر جهاز مباحث أمن الدولة بلاظوغلي، وقال لهم "والله لو تم أخذة أو مسه بأي شئ سأستقيل من منصبي وأفضح هذا المخطط"، لافتًا إلى انه ذهب إلى المطار لاستقبال الشيخ القرضاوي قبل انعقاد المؤتمر الأخير .
وطالب شيخ الأزهر أن يتم انتقال السلطة بصورة سريعة وسلمية وأن يكون الحكم شرعيا وفق ما يرضي الناس والعمل علي إرساء عهد جديد ترعى فيه القيم العليا التي أقرتها الأديان، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على حرمة الانسان.
ودعا إلى ضرورة سن قوانين تجرّم الاعتداء على حقوق المواطنين، معربا عن أمله في الارتقاء الاقتصادي القائم على الانتاج وأن يتم تضييق الفوارق بين أبناء الشعب، وأن يوضع الإعلام في يد مثقفين لا أن يكون صدى للآخرين.
وأوضح الطيب أن الأزهر لا يخشى في الله لومة لائم، وأنه منذ توليه مشيخة الازهر في مارس من العام الماضي فتح باب الحوار مع الجميع، لأنه "مسئول عن أكثر من مليار مسلم".
وحرم المشاركة في المظاهرات التي تجري حاليا في مختلف قطاعات الدولة، مؤكدا أنها حرام شرعًا وذلك لأنها تعوق حركة التنمية وتؤدي إلى نزيف من الخسائر الاقتصادية والعواقب الوخيمة على البلاد، داعيًا المواطنين إلى التوجه لعملهم وكفى ما حدث للاقتصاد المصري من دمار. وعن موقف الأزهر من جماعة "الإخوان المسلمين"، قال الطيب إن الأزهر مؤسسة تعليمية يقف ورائها مليار مسلم وليس حزبًا بينما "الإخوان" حركة سياسية، "لكن عقيدتنا واحدة واجتهادنا مختلف وهذا لا يمنع من وجود الاحترام المتبادل بيننا"، ودعا كل المثقفين ورموز الفكر والإعلام وممثلين للشباب إلى الحوار مع الأزهر لوضع خريطة للبلاد في المرحلة المقبلة.
وأبدى الطيب تخوفه من الإتيان بشيخ الأزهر عن طريق الانتخاب، لأنه يسمح بقفز أصحاب الثروات وإغراء الناخبين بالمال، لافتًا إلى انه في حالة وجود صندوق انتخاب نظيف ومنزه عن الأغراض والأهواء، فلا مانع من انتخاب شيخ الأزهر ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات وكل أصحاب المناصب القيادية، مشيرا إلى أن من مضار التعيين أنه لا يكون حرًا في التعبير عن كل ما يمس الناس.
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم الأزهر السفير محمد رفاعة الطهطاوي، والذي كان ضمن المشاركين في الثورة الشعبية واعتصم مع المحتجين بميدان التحرير أن شيخ الأزهر كان مع ثورة الشباب قلبا وقالبا.
ودلل على ذلك برفضة قبول استقالته التى تقدم بها لمشاركته في الثورة، وأنه كان يسمح بعقد اجتماعات الشباب مع المفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا، والعالم المصري الدكتور أحمد زويل لوضع خطوات المرحلة القادمة داخل مشيخة الأزهر.
وأوضح أن الطيب سبق أن رفض مطالب مباحث أمن الدولة بالتحقيق مع الدكتور يوسف القرضاوي رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" في لاظوغلي، مؤكدا أنه لا يقبل بالتحقيق مع ضيفه بأي شكل من الأشكال لكنه كان يشفق على البلد من الفوضى.