فيما تباينت ردود افعال الشارع العراقي إزاء مطالبة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ب"حق تقرير المصير" للأكراد، خصوصا وان إثارة الموضوع في هذا الظرف الذي تجري فية صفقات تشكيل الحكومة. فقد عدت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، تصريح رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني بشأن تقرير المصير للشعب الكردي وقضية كركوك "تهديدا" لوحدة الشعب العراقي، فيما أكدت ان كركوك خط وطني أحمر لا يمكن تجاوزه.
وقال النائب عن القائمة العراقية ياسين الجبوري في بيان تلاه نيابة عن القائمة خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر البرلمان إن "تصريحات رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، عن حق تقرير المصير للكرد وعدم المساومة على مدينة كركوك من خلال تطبيق المادة 140 كانت بعيدة عن تطلعات الشعب العراقي".
وكان رئيس إقليم كردستان العراق ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني أعلن، أمس الأول، أنه سيتم طرح مسألة حق تقرير المصير للشعب الكردي في المؤتمر العام لحزبه الذي عقد في أربيل أمس وحضره جميع القادة السياسيين في العراق، مؤكدا على عدم المساومة على كركوك.
وأضاف الجبوري أن "تصريحات البارزاني كان يجب أن تكون داعمة لوحدة العراق والحفاظ على سيادته"، معربا عن أسفه "لتلك التصريحات التي تعصف بوحدة الشعب العراقي وأرضه، في الوقت الذي يتطلب تعزيز اللحمة الوطنية وإعادتها إلى سابق عهدها عبر التاريخ"، بحسب قوله.
وتابع الجبوري أن "الدستور الذي يتمسك الكرد فيه لم ينص لا شكلا ولا مضمونا على حق تقرير المصير لأي مكون من مكونات الشعب العراقي، بالرغم من ملاحظاتنا عليه"، داعيا إلى "الابتعاد عن مثل تلك التصريحات".
وأشار النائب عن القائمة العراقية خلال البيان الى أن "هوية كركوك خط وطني احمر لا يمكن تجاوزه وهي نموذج مصغر للعراق"، مطالبا جميع الكتل السياسية "بعدم المساس بهوية كركوك كونها عراقية الانتماء والوجود بلا منازع"، بحسب تعبيره.
من جهته انتقد رئيس مفوضية المنظمات المعنية بالحقوق الدستورية المحامي مطالبة رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني بحق تقرير المصير لأكراد العراق، معتبرا انها تأتي على حساب وحدة الشعب في الوقت الذي يعاني البلد من جور الاحتلال الجاثم على صدورنا.
وأضاف العبيدي "نحن نرفض كل التحركات غير الموفقة بهذا الخصوص وان التاريخ بعد عقد من الزمان سيكتب من حمل المعول ليدمر البيت العراقي كما هذه تاتي ضمن الديمقراطية الفوضوية المستوردة".
من جهته نفى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود البارزاني، الأحد، أن يكون رئيسه قد دعا لانفصال الكرد عن العراق، مؤكداً أن حديث البارزاني بشأن تقرير المصير فسر بشكل خاطئ.
وقال نائب رئيس الديمقراطي الكردستاني نيجيرفان البارزاني في بيان له، "استغرب كثيراً تفسير كلام الرئيس مسعود البارزاني على انه دعوة للانفصال"، مضيفاً "للكرد كشعب، شأنه شأن أي شعب آخر، الحق في تقرير مصيره، لكن، قرارنا هو البقاء ضمن العراق، وصدر قرار بهذا الخصوص عن برلمان كردستان في السابق".
واضاف البارزاني أن الدعوة لحق تقرير المصير "ظلت مطروحة في مؤتمرات الحزب السابقة، وبالتالي ليست بالأمر الجديد"، معرباً عن تمسك حزبه بالبقاء ضمن العراق، ومبيناً "حتى في مؤتمرنا الحالي يرفع العلم العراقي ويعزف النشيد الوطني العراقي".
وأكد أن "استقلال الكرد ليس بالأمر الذي نخفيه وإذا كنا بصدده فالرئيس بارزاني سيعلنه بصراحة ولن يخفيه، الرئيس قصد بكلامه ان للكرد حق تقرير المصير، ولكن قرارنا في ممارسة هذا الحق هو البقاء ضمن عراق موحد وديمقراطي وفيدرالي". وتابع البارزاني "كقومية لنا حق تقرير المصير، لكن لم نعلن الانفصال، وكلام الرئيس بارزاني فسر خطأ".
وعلى صعيد ذي صلة اعتبر عضو ائتلاف دولة القانون علي شلاه، أن ليس من مصلحة الكرد طرح أي مطلب يؤثرعلى الوحدة الوطنية، مبيناً أن ما حصل عليه الكرد في العراق الجديد، لم يكونوا يحلمون به في الماضي، فيما اعتبر محلل سياسي أن طرح الكرد لحق تقرير مصير إقليم كردستان، هو خطوة استباقية تهدف الى الضغط على الأحزاب والقوى السياسية داخل البرلمان لتطبيق المادة 140 من الدستور.
وقال شلاه، إن "طرح رئيس إقليم كردستان العراق، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، مطلب إقرار حق تقرير المصير بالنسبة للكرد، غير مقبول، ويمكن أن يؤدي إلى تقسيم العراق، رغم أن تقرير المصير حق مكفول لكل الشعوب"، مبينا أن "الكرد في العراق اتخذوا خيارهم وقرروا البقاء ضمن الدولة العراقية، ومصيرهم يرتبط بالتالي بمصير العراق الجديد، إذا كانوا يريدون أن يكونوا جزءا أساسيا فيه".
وأضاف شلاه ان "ما سمعناه من القادة الكرد في الفترة الماضية، يؤكد أنهم مع بقائهم ضمن العراق الجديد الفدرالي الموحد، وسبق للبارزاني ان أكد مرارا أنه مع العراق الواحد، اما في حال طرح الكرد رأياً آخر، على ما صدر اليوم عن رئيس الإقليم، فيجب أن يناقش وفق آلية جديدة"، لم يحددها.
وأضاف شلاه أن "ما لمسناه في مبادرة البارزاني، والحوارت التي تلتها، فيه تأكيد على وحدة العراق"، معتبرا أن "ليس من مصلحة الكرد الحديث عن أي شيء يسيء للوحدة الوطنية أو يدعو للانقسام، لأن ما حصلوا عليه في العراق الجديد لم يكونوا يحلمون به في السابق"، على حد تعبيره.
وعبر شلاه عن اعتقاده بأن "يكون كلام البارزاني اليوم، تكرارا للكلام عن حق الشعوب بتقرير المصير، ولا يعني أن الكرد يرغبون بذلك"، نافياً أن "يكون طرح البارزاني، على خلفية الضغط على الكتل السياسية للحصول على أكبر قدر ممكن من المطالب".