قال موقع "ويكيليكس" أن واشنطن تدير حملة استخباراتية سرية تستهدف قيادة الأممالمتحدة وعلى رأسهم الأمين العام للمنظمة بان مي مون، وممثلي الأعضاء الدائمين لمجس الأمن. وأصدرت توجيهات سرية تمحو الخط الفاصل بين الدبلوماسية والتجسس طالبت من خلاله وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في يوليو 2009، الدبلوماسيين بتقديم معلومات دقيقة حول أنظمة الاتصالات المستخدمة من قبل كبار مسؤولي الأممالمتحدة، والتي تشمل كلمات السر ومفاتيح التشفير الشخصية المستخدمة ومعلومات عن شبكات الاتصالات التجارية الرسمية التي يشتركون فيها. وطالبت بمعلومات دقيقة عن كل من رؤساء الوكالات الأممية المتخصصة والمستشارين ورؤساء بعثات السلام البعثات الميدانية، وكذلك قادة القوات الأممية، ومعلومات حول كي مون وطريقته في "الإدارة واتخاذ القرار ومدى نفوذه على الأمانة العامة". وشملت البيانات المطلوبة معلومات عن الحمض النووي وبصمات الأصابع وقرنية العين وأرقام بطاقات الائتمان، وعناوين البريد الإلكتروني، وأرقام الهاتف والفاكس والحسابات ومعلومات حول السيرة الذاتية للممثلين الدائمين بمجلس الأمن الدولي.
تم إرسال تلك التعليمات السرية إلى بعثات الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة في نيويورك وفيينا وروما، بالإضافة إلى 33 سفارة وقنصلية في مختلف أنحاء العالم من بينها السفارات في لندن وباريس وموسكو.
ويثيير الكشف عن تلك التعليمات تساؤلات حول مدى شرعية ذلك، وما إذا كان "التجسس" من بين مهام الدبلوماسيين الأمريكيين. خاصة وأن حجم المعلومات المطلوبة عن قيادات الأممالمتحدة تعتبر "أساس" يمكن البناء عليه من أجل لفرض مراقبة والقيام بعمليات قرصنة.
وكانت الأممالمتحدة في وقت سابق أكدت أن لا يجوز مراقبة الأمين العام للمنظمة والتنصت عليه بشكل غير قانوني، حيث تشير اتفاقية عام 1946 بشأن الامتيازات والحصانات التي تتمتع بها الأممالمتحدة إلى أن "مقر الأممالمتحدة لا يمكن انتهاكه، كما أن الممتلكات والأصول التابعة للمنظمة، أينما كان موقعها تتمتع بالحصانة من التفتيش والاستيلاء والمصادرة ونزع الملكية وأي شكل آخر من أشكال التدخل، سواء بإجراءات تنفيذية أو إدارية أو قضائية أو تشريعية".
كما تنص اتفاقية فيينا لعام 1961 حول العلاقات الدبلوماسية على أنه "يتعين أن تكون المراسلات الرسمية للبعثة محمية".
أرادت واشنطن معلومات مخابراتية حول "العلاقة بين التمويل أو موظفي الأممالمتحدة أو البعثات والمنظمات الإرهابية"، كما طلبت معلومات عن الروابط بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التي تعمل في منطقة الشرق الأوسط، وبين حماس وحزب الله. كما ترغب في معرفة خطط المقررين الخاصين للأمم المتحدة لاستخدامها في الضغط في حالة التحقيقات التي قد تكون محرجة حول معاملة الولاياتالمتحدة للمعتقلين في العراق وأفغانستان وخليج جوانتنامو، وهذا بخلاف بحثها عن أدلة على الفساد داخل برنامج الأممالمتحدة المعني بفيروس نقص المناعة البشرية ومنظمة الصحة الدولية، وغيرها من البرامج الأممية، بل وطالبت الاستخبارات بالحصول على معلومات حول "السيرة الشخصية والتحقق من هوية" الدكتورة مارجريت تشان، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، وكذلك تفاصيل عن شخصيتها، ودورها وفعالية أسلوبها في الإدارة ونفوذها.
ولم تكن الأممالمتحدة الهدف الوحيد، فكشفت التسريبات الجديدة أنه منذ 2008 أصدرت وزارة الخارجية ما لا يقل عن تسعة توجيهات للسفارات في جميع أنحاء العالم بأن تضع "على قائمة أولوياتها لدى تحديد الميزانيات، تخصيص الموارد لتحديث خطط وعمليات جمع المعلومات". وتشجع بشكل خاص على المساعدة في جمع معلومات بشأن "القضية الفلسطينية"، وأرسلت تلك التوجيهات إلى سفاراتها في القاهرة وتل أبيب والقدس وعمان ودمشق والرياض، تطالب بمعلومات دقيق حول خطط السفر والمركبات المستخدمة من قبل كبار أعضاء حماس والسلطة الفلسطينية، دون أن توضح السبب.
كما طالبت واشنطن من دبلوماسييها جمع تفاصيل حول العلاقات العسكرية مع الصين وليبيا وكوريا الشمالية وإيران وروسيا. وتعطي واشنطن أولوية عالية لملعلومات الاستخبارية عن "نقل المواد الاستراتيجية مثل اليورانيوم"، و"تفاصيل اقتناء الأسلحة ومبيعات الأسلحة، بما في ذلك المفاوضات والعقود والتسليم، سواء من حيث الكمية أو نوعية المعدات التي يتم بيعها والأسعار وشروط الدفع".
كما عممت واشنطن توجيهات لسفاراتها في الشرق الأوسط تطلب منهم العمل بفعالية في التجسس على أجهزة المخابرات، وعلى رأسها المخابرات العامة والعسكرية للسلطة الفلسطينية.
وطلبت من بعثاتها الدبلوماسية في الدولة الصهيونية والأردن وسوريا والسعودية ومصر جمع المعلومات حول "السلطة الفلسطينية وزعماء حماس والممثلين لهم، بما في ذلك الحراس الشباب داخل كل من قطاع غزة والضفة الغربية"، والبحث عن أية أدلة على وجود تواطؤ بين قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية والجماعات الإرهابية.
كما طالبت واشنطن دبلوماسييها بمعلومات عن "الفساد بين كبار المسئولين، بما في ذلك التدفقات المالية التي لا تدون بالميزانيات وتذهب لدعم كبار القادة". وتفاصيل حول صناعة الدفاع، بما في ذلك الخطط والجهود الرامية إلى التعاون مع الدول الأجنبية والجهات الفاعلة في برامج تطوير الأسلحة ومع أي شركات والمنشآت والمرافق التي يتم تجهيزها وأنواع ومعدلات الإنتاج.