تسود حالة من الغموض حيال بقاء الأمين العام للجامعة عمرو موسى في منصبه، في ضوء تهديده مؤخرا بالاستقالة وعدم الانتظار حتى نهاية ولايته الحالية، بسبب اتساع الهوة مع مجموعة من دول الخليج، ومن بينها السعودية، فضلا عن الأردن والمغرب، على خلفية اعتراض تلك الدول على الطريقة التي اعتمدت بها قمة "سرت" العربية قرارات تطوير الجامعة ورابطة دول الجوار. وكانت قرارات القمة فجرت خلافات حادة بين موسى وعدد من الدول، بسبب ما اعتبرته تلك الدول تجاوزا منه لصلاحياته بتغيير جدول أعمال قمة "سرت" بالتعاون مع ليبيا رئيسة القمة, خاصة فيما يتعلق بقضية العمل العربي المشترك ورابطة دول الجوار العربي، حيث قدمت عدد من الدول مذكرات إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية, للاعتراض على أحد بنود مشروع قرار تطوير منظومة العمل العربي المشترك, الذي تم تمريره في الجلسة الختامية للقمة الاستثنائية.
وكشفت مصادر دبلوماسية، أن هناك جهودًا تبذلها مصر حاليا في محاولة لتطويق تلك الخلافات التي برزت على السطح، حيث تخشى أن يؤدي اعتراض السعودية خصوصا على مقررات قمة "سرت" إلى انعكاسات سلبية على مساعيها الرامية للتجديد له في منصبه لولاية ثالثة في العام المقبل.
واستبعدت المصادر إقدام موسى على تنفيذ تهديده بالاستقالة من منصبه قبل انتهاء ولايته الحالية أو حتى رفض التجديد له، خاصة مع عدم وجود مرشح بديل لدى القاهرة لترشيحه خلفا له، وبعد أن نجحت في إثنائه عن رغبته التي أبداها قبل شهور بالتخلي عن منصبه وعدم التمديد فيه لولاية جديدة في العام المقبل، وبعد أن كان ألمح إلى عزمه الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية قبل أن يتراجع عن ذلك لاحقا.
وأفادت المصادر ذاتها، أن اتصالات تجرى حاليا بين موسى والخارجية المصرية، في إطار مساع تبذلها القاهرة في محاولة لتهدئة الأوضاع مع الدول العربية السبع التي تقدمت بمذكرات تعترض على نهج الأمين العام، ولعدم الإضعاف من فرص ترشحه لولاية ثالثة كما ترغب مصر.
وتضمنت المذكرات وجهة نظر هذه الدول حيال مشروع القرار, وعددا من الاعتراضات والملاحظات الجوهرية التي لم تتم مراعاتها وأخذها في الحسبان عند إعداد صيغة القرار, رغم أنها كانت تصب في إطار تطوير وإثراء منظومة العمل العربي المشترك, بشكل يحقق الغاية المنشودة التي يتطلع إليها القادة العرب.
وكانت قطر أرسلت إلى الجامعة العربية مقترحا بعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، لبحث سبل تطويق الأزمة الأخيرة بين ليبيا والأمين العام من جانب ودول الخليج العربي، إضافة للأردن والمغرب، فيما يخص تطوير الجامعة ومقترح رابطة دول الجوار، وهو المقترح الذي يخضع حاليا للنقاش.
نرفض نتائج سرت من ناحية أخرى، اكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح ان الكويت لم تتحفظ على نتائج القمة العربية الاستثنائية التي عقد بمدينة سرت الليبية الاسبوع الماضي بل رفضتها.
جاء ذلك ردا على سؤال في المؤتمر الصحفي الذي عقده الشيخ محمد مع وزير الخارجية التركي الدكتور احمد داوود أوغلو بالكويت امس واوردت تصريحاته وكالة الانباء الكويتية "كونا" في شأن موقف الكويت من نتائج القمة العربية الاستثنائية التي عقدت بمدينة سرت الليبية وعما اذا كانت هناك تحفظات عليها.
وقال الشيخ محمد "لا توجد تحفظات بل رفض كويتي ولسنا معنيين بأي شيىء يصدر كقرار لم تتم الموافقة والاجماع عليه". مضيفا، ان مذكرة بهذا الشأن تم ارسالها الى جامعة الدول العربية ليس فقط من الجانب الكويتي بل من سبع دول منها دول مجلس التعاون باستثناء الاخوة في دولة قطر كونها عضوا في اللجنة الخماسية.
واشار الى ان دولة الكويت لا تنظر الى اي اقتراح في شأن تعديل ميثاق الجامعة العربية بمنظور روتيني عادي بل على اساس انه عمل استراتيجي له ابعاد أمنية واستراتيجية خطيرة على كل الدول العربية.
واضاف لذلك يجب ان يحظى ذلك النوع من الاقتراحات بدراسة وبمسئولية عالية وليس بعملية "سلق" في اشارة الى ان ما تم خلال القمة "كانت عملية سريعة ولم تعط الفرصة لمناقشة الافكار التي وردت في اللجنة الخماسية".
وقال الشيخ محمد "حقيقة الامر ان الفرضيات التي بنيت عليها هذه التوصيات تجاهلت قضية الالتزام في القرارات واستبدلتها بفرض ان (نفخ أو تضخيم) المؤسسات هو العلاج للعمل العربي المشترك وليس الاشكالية الاساسية وهي الالتزام بالميثاق والتعهدات والقرارات".
وذكر ان ثمة دولا "لا تلتزم بالقرارات" مدللا على ذلك بقرار انشاء صندوق لدعم المشاريع المتوسطة والصغيرة في الدول العربية والذي صدر بالاجماع في القمة الاقتصادية التي عقدت بالكويت اثر مبادرة اطلقها سمو امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حينذاك "وانطلق اليوم" بمشاركة عشر دول "ولا بأس في ذلك".
وقال الشيخ محمد ان المؤمنين بهذه الفكرة اطلقوها "لانهم يؤمنون بالعمل العربي المشترك..لذا يتوجب على الجميع الالتزام بما تم الاتفاق عليه وهذا هو الامر الذي يجب ان يقوم عليه تعديل مسمى جامعة الدول العربية الى اتحاد الدول العربية متسائلا كيف سيحل قضية الالتزام وقضية التزام الدول والامانة لجامعة الدول باللوائح والقرارات".