خيَّر رئيس الوزراء البريطاني المهاجرين في بريطانيا بين الاندماج في المجتمع والالتزام بقيمه أو الرحيل، وأعلن خلال محاضرة رفضه ارتداء المسلمات في بريطانيا للنقاب، واعتبر أن أقلية من مسلمي البلاد يتبنون "أيديولوجية خبيثة". وقال بلير في محاضرة حول الاندماج بمقر الحكومة في لندن يوم الجمعة 8-12-2006: "إذا لم يكن المهاجرون مستعدين لقبول التسامح البريطاني إزاء الأديان الأخرى فليرحلوا". وجدد بلير رفضه ارتداء المسلمات النقاب في بريطانيا، معتبرا أنه عقبة أمام الاندماج والتواصل الإنساني. ونقلت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن بلير قوله إن حظر النقاب في الأماكن العامة خاصة في الوظائف التي تتطلب مهارات الاتصال الإنساني أمر يعزز الاندماج داخل المجتمع البريطاني. ورفض "الأفكار أو المعتقدات" التي تقول إن الشريعة الإسلامية يجب أن يتم الالتزام بها في كل مكان ببريطانيا. وتابع: "إنه أمر طبيعي عندما يكون الاتصال جزءا رئيسيا من عمل شخص ما أن يرى وجوه من يخاطبهم". غير أنه طالب المساجد التي تمنع النساء من ارتيادها مراجعة مواقفها في هذا الشأن، مشيرا إلى أن بعض النساء المسلمات يشعرن بالإحباط لمنعهن من الذهاب إلى مساجد معينة. واعتبر بلير أن هناك "أيديولوجية جديدة خبيثة ينتمي إليها أقلية من مسلمي بريطانيا"، مشيرا إلى أنها تهدد التناغم بين كافة طوائف المجتمع البريطاني. وتابع: معظم مسلمي بريطانيا فخورون بأنهم بريطانيون ومسلمون في نفس الوقت، وهم جديرون بالاحترام. ولكن المشكلة تكمن في قلة منهم". مصادر التمويل وأعلن بلير أن أجهزة الأمن البريطانية سوف تتبع إجراءات أمنية مشددة حيال مصادر تمويل الأقليات "التي لا تسعى إلى الاندماج بفاعلية مع المجتمع البريطاني". وانتقد سهولة تدفق الأموال على منظمات ذات أنشطة دينية عنصرية أو طائفية قائلا: "سوف نُقيِّم في المستقبل المحاولات التي تبذلها الجماعات الدينية، مدى توافقها مع سياسة الاندماج والتماسك الاجتماعي". وتحدث بلير عن القيم البريطانية في التعامل مع المهاجرين قائلا: "المساواة في الاحترام والتعامل مع كل المواطنين تعد قيمة أساسية في المجتمع البريطاني". وشدد على أن الحكومة البريطانية لن تسمح لأي مواطن بريطاني بأن يعيش خارج إطار القانون، في إشارة إلى المهاجرين. المدارس الدينية وعلى صعيد آخر أعلن بلير أن وزارة التعليم سوف تشرف على مدى سعي المدارس الدينية لتدريس مقررات تحث على التسامح واحترام الديانات الأخرى. وقال: "سنشجع كل المدارس الدينية على بناء جسر يربط بين الثقافات الأخرى، وإحداث (توأمة) بين مختلف المدارس الدينية إسلامية ومسيحية". وكشفت تقارير صحفية بريطانية في أكتوبر الماضي عن أن وزارة التعليم العالي أعدت وثيقة تطالب أعضاء هيئات التدريس في الجامعات البريطانية بالتجسس على الطلاب المسلمين بحجة أنهم قد ينظمون أنشطة وفعاليات ترسخ "التشدد والتطرف" في أذهان زملائهم؛ وهو ما اعتبره الطلاب المسلمون "أسوأ انتهاك لحقوقهم في بريطانيا؛ إذ تضعهم في دائرة الشك والتحقيق كما لو كانوا متهمين لحين ثبوت براءتهم". المسلمون يأسفون وتعليقا على محاضرة بلير قال محمد عبد البارئ الأمين العام للمجلس الإسلامي البريطاني لصحيفة الجارديان اليوم السبت: "إنه من المؤسف أن نرى رئيس الوزراء البريطاني ينظر لظاهرة الإرهاب باعتبارها صراعا للقيم، دون أن يكون مستعدا لمراجعة أو تقييم بعض سياسات بريطانيا المضللة في الشرق الأوسط وإسهامها في تصاعد خطر التهديدات الإرهابية العالمية". وأضاف عبد البارئ: "الحقيقة أن هناك مجموعة صغيرة من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية تقدم على هذه الأعمال الإجرامية، ويجب التعامل مع هؤلاء بصرامة، وفقا للقانون". وتأتي تصريحات بلير في الوقت الذي تتواصل فيه الحملة العدائية التي تشنها الحكومة البريطانية سياسيًّا وإعلاميًّا على المسلمين في البلاد، وكان آخر مظاهرها اتهام رئيس شرطة العاصمة لندن للمسلمين بعدم التعاون مع السلطات البريطانية في مكافحة الإرهاب. وتعاني الأقلية المسلمة من ممارسات عداء ونظرة عنصرية منذ تفجيرات لندن في يوليو 2005 التي أودت بحياة 56 شخصا. وشهدت بريطانيا اعتداءات بدنية ولفظية على مسلمين بعد تصريحات رئيس مجلس العموم البريطاني وتصريحات وزير الخارجية السابق جاك سترو الذي هاجم فيها ارتداء المسلمات للنقاب، وطالبهن بخلعه. ويعيش في بريطانيا نحو 1.8 مليون نسمة، أي ما يعادل نحو 2.7% من إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 60.6 مليون نسمة. ومعظم الأقلية المسلمة من ذوي الأصول الباكستانية والهندية.