قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" امس الاحد إن على مكتب العمل السعودي أن يحقق على الفور في انتهاكات حقوق العمال بشركة "جداول" الدولية بمقر الظهرانوالرياض، حيث يقول العمال إنهم لم يتلقوا أجورهم منذ شهور وتصاريح الإقامة الخاصة بالكثير منهم (وهم من دول عربية وآسيوية) انتهت صلاحيتها، مما يعني أنهم تحت الحصار في مقر الشركة. وكانت "هيومن رايتس ووتش" كشفت في شهر أبريل 2010، عن مشكلة العمال بمقر الشركة السكني بالظهران، الذي يستضيف مواطنين أمريكيين يعملون في قاعدة جوية قريبة. لكن لا الشركة ولا السلطات السعودية عالجت المشكلة.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "على سلطات العمل السعودية أن تعمل على ضمان عدم إفلات الشركات من العقاب على حالات انتهاك حقوق العمال". وتابعت "فهؤلاء العمال تحت الحصار، ويبدو أن السلطات لا ترعى مصالحهم".
وقد أخفقت شركة "جداول" الدولية في الوفاء بوعودها بدفع الرواتب للعمال المتأخرة منذ أكثر من ستة أشهر. وفي اجتماع عُقد في 12 أبريل مع العمال الأجانب بمقر الظهران، وكان أغلبهم من الهند ونيبال، قال المدراء للعمال إنهم يعملون على تسوية مشكلة دفع الرواتب المتأخرة ومشكلة تجديد تصاريح الإقامة. ودون هذه التصاريح، لا يمكن للعمال مغادرة المقر خوفاً من الاعتقال، ولا يمكنهم اللجوء للمراكز الطبية ولا يُسمح لهم بمغادرة البلاد.
و"جداول" الدولية تملكها شركة "إم بي آي الجابر"، ورئيس مجلس إدارتها هو الشيخ محمد بن عيسى الجابر، أحد أغنى أغنياء العالم.
وقال أحد العمال بمقر الظهران ل "هيومن رايتس ووتش" في 28 مايو إن زملاءه ممن يعملون بدوام كامل بمقر الرياض توقفوا بدورهم عن العمل، لأنهم لم يحصلوا على أجور ولم تُجدد تصاريح إقامتهم، رغم أن العمال المشتغلين بدوام جزئي لم يتوقفوا عن العمل. وقال إن الإدارة استدعت العمال ممن يعملون بدوام كامل في الرياض، واحداً وراء الآخر، وهددوهم بالسجن والترحيل، وبالحرمان من الطعام، إذا هم لم يستمروا في العمل. وقال إن عمال الظهران لم تصلهم مثل هذه التهديدات. ومحضر اجتماع 12 أبريل الذي اطّلعت عليه هيومن رايتس ووتش يفيد بأن مدير المقر أجرى اتصالات عديدة بالشيخ محمد بن عيسى الجابر بشأن الموقف القائم في مقر الظهران.
وكانت مجلة "فوربس" قد أوردت في عام 2010 الشيخ محمد بن عيسى الجابر في المركز 39 من بين أغنى أغنياء العالم. والشيخ الجابر يشغل أيضاً منصب مبعوث خاص لليونسكو معني بالتعليم والتسامح والثقافات في الشرق الأوسط، وهو متحدث باسم الأممالمتحدة في منتديات إعادة ابتكار الحكومات.
وكتيب اليونسكو الخاص بعام 2010 المعني بالتنوع الحضاري ورد فيه وصف "قيم الضيافة الحسنة والكرم، تعلي منها مجموعة شركات إم بي آي الجابر إلى أعلى المستويات، وتشي بالتحضر والتمدن، ومن ثم الحضارة".
ولم ترد اليونسكو على سؤال "هيومن رايتس ووتش" الذي أُرسل إليها في 20 مايو بشأن الجابر، على ضوء وضع العمال في شركة 'جداول' الدولية في الظهران.
ولم تتصل وزارة العمل السعودية، التي تتبعها محاكم العمل، ولم تبادر بالتحقيق ضد شركة "جداول" الدولية على خلفية خرق نظام العمل السعودي لعام 2005. ومع عدم قدرة العمال على الخروج من المقر، فلم يتمكنوا من التقدم بالشكوى.
ومحاكم العمل السعودية معروفة ببطء الإجراءات، وكثيراً ما يستغرقها الأمر سنوات للنظر في قضية والحُكم فيها، وبعد الحُكم يمكن الطعن، مما يؤخر من الوصول لحُكم نهائي. العمال المهاجرون الذين يعيشون على دخل ضئيل لا يتعدى مئات الدولارات شهرياً، وأغلب هذه المبالغ يرسلونها إلى بلدانهم، لا يمكنهم تحمل كلفة الانتظار الطويل. كما أن ليس لدى العمال الأجانب الوافدين الموارد المتوفرة للشركات فيما يخص توكيل محامين.
وقالت سارة ليا ويتسن "نظام الكفالة السعودي ومحاكم العمل غير الفعالة، كثيراً ما تجعل العمال الوافدين المتورطين في نزاع مع أصحاب عملهم معدمين وفي حالة من اليأس". وأضافت "العمال المُحاصرون لا يمكنهم العمل أثناء متابعة قضاياهم وتسويتها، ولا يمكنهم أيضاً العودة لأوطانهم".