قالت مصادر مسئولة إن إعلان إثيوبيا، السبت الماضى، افتتاح سد «تانا بليز» لتخزين المياه وتوليد الطاقة الكهربائية، يهدف إلى استفزاز مصر وجرها إلى سلوك دبلوماسى متسرع يساعد على قلب الرأى العام العالمى لصالح دول المنبع، بدلا عن الاعتماد على الشرعية الدولية لاتفاقيتى المياه السابقتين عامى 1929، وعام 1959. وأوضحت المصادر أن جهات سيادية وسياسية مسئولة عن ملف النيل اجتمعت أمس لبحث أسلوب التعامل مع التطور الجديد، وطلبت معلومات تفصيلية عن السد، تمهيدا لتقديمها إلى الرئيس مبارك، مشيرة إلى أن المعلومات المتاحة عن سد «تانا بليز» تؤكد أنه يضم «توربين» واحداً تصله المياه عن طريق نفق، وأنه ليس سداً بالمعنى العلمى لذلك، وتوقعت المصادر صدور بيان صحفى تفصيلى من وزارة الموارد المائية والرى حول «السد» وموقف مصر منه.
وقال الدكتور حمو العمرانى، الخبير الدولى للمياه، مدير المكتب الإقليمى لمركز البحوث للتنمية الدولية الكندى، إن التصريحات الإثيوبية حول افتتاح سد جديد للمياه والكهرباء يهدف لجر مصر إلى الإسراع بطلب تأجيل المشروعات المائية المزمع إقامتها على نهر النيل بدلا من طلب إعادة المفاوضات إلى طاولة المحادثات مرة أخرى، وهو ما تسعى إليه إثيوبيا.
وأضاف العمرانى أن ردود الفعل المصرية الهادئة خلال الفترة الأخيرة وراء محاولة إثيوبيا استفزاز مصر، بما ينعكس على قلب أوضاع التأييد الدولى لصالحها بدلا من تأييد وجهة النظر المصرية، مطالبا بالتمهل فى التعامل مع هذه التصريحات، والحوار مع الأطراف الأخرى العقلانية فى إدارة هذا الملف.
من جانبه، أجرى أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، مباحثات أمس مع نظيره البلجيكى ستيفن فانا كير، تناولت التطورات الأخيرة فى موضوع الخلافات فى وجهات النظر بين مصر والسودان من ناحية ودول المنبع فى حوض النيل من ناحية أخرى.
قلق مشروع من جهته، قال الدكتور محمود أبوزيد، وزير الموارد المائية والرى السابق، الذى يزور الولاياتالمتحدة حاليا، إن القلق من توقيع 4 دول بحوض النيل على الاتفاقية الإطارية قلق مشروع، لكن لا داعى للإفراط فيه، فمازال المجال مفتوحاً لتقويم الاعوجاج الحالى فى علاقة مصر المائية مع دول الحوض.
وأضاف أبو زيد فى اتصال هاتفى مع «المصرى اليوم» من واشنطن «هناك تصور خاطىء بأن الاتفاقية التى تم التوقيع عليها هى اتفاقية لتقسيم مياه النيل، والحقيقة أنها مجرد إطار قانونى، يضع أسساً ومبادىء للتعاون بين الدول الموقعة عليها، والتعامل مع موضوع تقسيم المياه سيتم فى مرحلة لاحقة، وستحكمه اعتبارات قانونية وسياسية وفنية واقتصادية معقدة، وتقديرى أن ذلك سيستغرق وقتاً ليس بالقصير».
وطالب الوزير السابق جميع دول حوض النيل بالعمل بجدية خلال تلك الفترة من أجل التوصل إلى اتفاق يرضى الجميع، ويحافظ على الأمن المائى لمصر والسودان.
وأشار إلى أن تاريخ مبادرة حوض النيل يؤكد أن العلاقات بين دوله وشعوبه أكبر بكثير من مجرد اتفاقية لن يترتب عيها أى شىء على الأرض فى الوقت الحالى، واختزال العلاقة بين مصر ودول الحوض فى قضية المياه، خطأ يجب ألا نقع نحن أو تلك الدول فيه، والدبلوماسية المصرية قادرة على إدارة الأزمة الحالية بما يضمن الموازنة بين تحقيق المصالح المائية لمصر، والارتكاز على جهود سنوات مضت من بناء الثقة والتعاون مع هذه الدول،.
وحول رؤيته لتفاصيل موضوع الاتفاقية، قال أبوزيد: «تركت التعامل الرسمى مع الملف منذ تركى المنصب، ولا يمكننى التعليق على شىء لم أشارك فيه، نعم كان لى شرف الإسهام فى إطلاق مبادرة حوض النيل عام 1999،
وبناء العلاقة مع دول حوض النيل منذ بدايتها، والتفاوض لمدة عشر سنوات حول الاتفاقية الإطارية، لكن من الصعب أن أتحدث فى تفاصيل موضوع الاتفاقية - التى تم التوقيع عليها مؤخراً - عبر الهاتف». وحول أسباب زيارته لواشنطن،
قال «الزيارة تأتى بصفتى رئيسا للمجلس العربى للمياه، والرئيس المناوب لمجموعة العمل رفيعة المستوى التابعة لسكرتير عام الأممالمتحدة، الخاصة بالتغير المناخى، وهدفها إجراء مشاورات مع البنك الدولى وهيئة الفضاء الأمريكية (ناسا) حول مشروعات لاستخدام تكنولوجيا علوم الفضاء لبحث أثر التغيرات المناخية على الموارد المائية العربية».