لا يزال العاملون في مجال الصحافة والإعلام في مصر، يكتشفون يومًا بعد يوم حجم العقوبات الكارثية، التي تواجههم في قانون "مكافحة الإرهاب" الجديد، الذي أصدره السيسي مؤخرًا. ولم يدر في خيال أحد من الصحفيين، أو العاملين في مجال الإعلام في مصر، أن يأتي عليهم يومًا ويجدوا أنفسهم أمام قانون "يخيرهم" بين غرامات مادية، لا يقدرون على سدادها، أو الحبس أو تنفيذ عقوبات تأديبية عليهم، كالعمل فراشيين في المصالح الحكومية أو داخل أقسام الشرطة، لمجرد عدم التزامهم في تغطيتهم الصحفية، بالبيانات الرسمية الصادرة من وزارة الدفاع. وبحسب تقرير نشرته "صحيفة الشروق المصرية"، فإن قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر أمس الأول أثقل كاهل الصحفيين بالنص على عقوبة غرامة، مشددة تتراوح بين 200 ألف و500 ألف جنيه، في حال نشر أخبار متعلقة بالجرائم الإرهابية أو مكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة من وزارة الدفاع، مما يطرح تساؤلات عن مصير الصحفى المتهم إذا عجز عن سداد الغرامة. استبدال الغرامة بالحبس وقال المستشار أحمد هارون أبو عايد -رئيس بمحكمة استنئاف القاهرة- إنه في حال عدم سداد الغرامة المقررة وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية في مادته 511 يتم تنفيذ الإكراه البدني من خلال إذن من النيابة العامة بحبس المتهم لمدة ثلاثة شهور بحد أقصى على أن تخصم خمس جنيهات من قيمة الغرامة في كل يوم من مدة الحبس (450 جنيها). من جهته أشار المحامي الحقوقي أحمد حسام إلى أنه بافتراض صدر الحكم على صحفي بقيمة الحد الأدنى للغرامة وهي 200 ألف جنيه، ورفض الصحفي الدفع ولا يملك أموالا ظاهرة للحجز عليها لاستيفاء الغرامة بعد حبسه ثلاثة أشهر، تكون ذمة المحكوم عليه المالية خالصة جزئيا بملبغ حاصل ضرب 5 جنيهات × 3 شهور فقط أى ما يساوى 450 جنيها من أصل 200 ألف جنيه، ويكون المتهم مدين للدولة بمبلغ 199 ألف جنيه و955 جنيها. فراش في قسم الشرطة وأضاف أنه «يجوز للمتهم أن يطلب في أي وقت من النيابة العامة قبل صدور أمر بالإكراه البدنى -الحبس- أن يطلب إبداله بعمل يدوي أو صناعي يقوم به بلا مقابل لإحدى جهات الحكومة أو البلديات مدة من الزمن مساوية لمدة الإكراه البدني -الحبس- التي كان يجب التنفيذ عليه بها، وفقًا للمادة 521 من قانون الإجراءات الجنائية» مشيرًا إلى أنه غالبا ما تكون الخدمة في أقسام الشرطة عبارة عن أعمال النظافة. وأوضح أن «المادة 522 تنص على أنه في حال تغيب المحكوم عليه عن عمله أو عدم قيامه بالعمل المطلوب بلا عذر تراه جهات الإدارة فيرسل لقسم التنفيذ لحبسه المدة المحددة بثلاثة شهور ويتم خصم 5 جنيهات عن كل يوم من تلك المدة؛ لأن هذه العقوبات نوع من الإكراه البدني للمحكوم عليه بالغرامة في حال عدم سدادها، وهذا الإكراه البدني لا يبرئ ذمة المحكوم عليه ولذلك تتعقب جهات تنفيذ الأحكام أمواله وأرصدته فى البنوك وممتلكاته، سواء مادية أو منقولة ويتم الحجز والتحفظ عليها لسداد قيمة الغرامة». 4 مواد تهدد الإعلام واشتمل قانون مكافحة الإرهاب على 4 مواد من شأنها تهديد وسائل الإعلام بجميع أنواعها والعاملين بها بالوقوع تحت طائلة القانون، وكذلك النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى، في حالة نشر أى بيانات أو أخبار يمكن اعتبارها ترويجا للجماعات الإرهابية أو تتناقض مع بيانات وزارة الدفاع -وليست وزارة الداخلية- بشأن الأعمال الإرهابية ومكافحتها. أبرزها المادة 35 التي أثارت جدلا واسعا قبل إصدار القانون لما كانت تنص عليه من توقيع عقوبة الحبس على الصحفيين المخالفين لبيانات الجهات الرسمية عن الأعمال الإرهابية، فتبين أن الدولة تراجعت عن توقيع عقوبة الحبس على الصحفيين متعمدى ناشرى هذه البيانات الخاطئة، ووضعت نصا عقابيا آخر بالغرامة التى تتراوح بين 200 ألف و500 ألف جنيه دون الإخلال بالعقوبات التأديبية الأخرى. كما تم استخدام كلمة «وزارة الدفاع» بدلا من «الأجهزة المعنية» كجهة لإصدار البيانات الرسمية التى تقاس بها البيانات الأخرى عن الأعمال الإرهابية، كما استحدثت المادة عقوبة على كيان الصحيفة أو وسيلة الإعلام ورئيسها الفعلى إذا ارتكبت الجريمة ذاتها، وتجيز المادة لأول مرة صدور حكم بوقف الصحفي أو الإعلامي عن ممارسة مهنته مؤقتا كعقوبة. ويثور خلاف دستوري حول هذه المادة، خاصة فيما يتعلق بعقوبة المسئول الفعلي عن الشخص الاعتباري، الذي نشر الخبر أو البيان، وهو رئيس التحرير؛ حيث يقول معارضو النص إن المحكمة الدستورية سبق وقضت بعدم دستورية إشراك رئيس التحرير كمتهم في جريمة النشر، بينما تقول مصادر حكومية إن معاقبة المسئول الفعلي هي السبيل الوحيد لمحاسبة الشخص الاعتبارى المخالف للقانون.
5 سنوات للنشطاء وتنص المادة 28 على عقوبة السجن مدة لا تقل عن 5 سنوات لكل من «روج أو أعد للترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى» وتعتبر أن «من قبيل الترويج غير المباشر، الترويج للأفكار والمعتقدات الداعية لاستخدام العنف، وذلك بأى من الوسائل المنصوص عليها فى الفقرة السابقة من هذه المادة». وتنص المادة 29 على عقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات لكل من «أنشأ أو استخدم موقعا على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية. أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أي جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية فى الداخل والخارج». كما تجيز المادة 49 للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة إصدار قرار بوقف أو حجب هذه المواقع، أو حجب ما تتضمنه من أوجه الاستخدام المنصوص عليها في المادة والتحفظ على الأجهزة والمعدات المستخدمة في الجريمة.