أخذت الإمارات على عاتقها وأد ثورات الربيع العربي في مهدها.. وشنت حربًا مفتوحة في جميع دوله وعلى جماعات الإسلام السياسي بشكل خاص، وهو ما شاهده العالم في تورط أبوظبي ومعها الرياض في دعم الانقلاب العسكري بمصر، وإعادة نظام بن علي في تونس، ودعم الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا.. برغم بعد المسافة بينهم وبين دول الخليج . فنجد الإمارات التي توصف بأنها المدبر والممول الأول للثورات المضادة ببلدان الربيع العربي، كان لها دور خاص في تونس - مهد الثورات العربية - وراهنت على قوى الثورة المضادة هناك، التي يمثلها حزب "نداء تونس" الذي يقوده "الباجي قائد السبسي" أحد أبرز الوجوه السياسية في نظام "بن علي" . كما قرأت صحف فرنسية، محاولات الإمارات التدخل في الشأن التونسي على أنها محاولة لوأد الثورة التونسية، للمساعدة في القضاء على الجماعات الإسلامية بليبيا، وتمكين اللواء خليفة حفتر من إنجاح انقلابه هناك، وينبع هذا من إدراكها أن نجاح الثورة في تونس والإسلاميين في ليبيا يشكل خطرًا على الانقلاب في مصر، الذي تدعمه وتسعى لتثبيته يومًا بعد آخر. وكانت قناة مكملين الفضائية، قد بثت عدة تسريبات تخص الدور الإماراتي المشبوه في وأد ثورات الربيع العربي، وصفقات السلاح السرية ، كان آخرها ما بثته مساء الاثنين 2 مارس 2015، "الجزء الثاني من تسريبات (ال 70 دقيقة)"، التي أعلنت عنها سابقًا، وفضحت الدور الإماراتي في ليبيا وتضمنت عدة مكالمات تليفونية بين عباس كامل، مدير مكتب قائد الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي وعدد من قيادات القوات المسلحة، واتصالات أخرى بمسؤولين إماراتيين من بينهم الدكتور سلطان الجابر، وزير الدولة بالإمارات . وفي وقت سابق، كشف تسريب حول تحقيقات مع "الساعدي القذافي" المسجون في طرابلس أنه اعترف بالاتصال مع شخصيات أمنية وتنفيذية كبيرة في أبوظبي بهدف تشجيع ثورة مضادة ضد الثورة الليبية. الإمارات ترسل أسلحة وذخيرة ثقيلة إلى ليبيا فيما تداولت مواقع صحفية، اليوم السبت، ما أفادت به مصادر دبلوماسية إماراتية عن أن لقاء جمع بين دبلوماسيين إماراتيين ونظراء ليبيين من مؤيدي قائد الثورة المضادة في ليبيا «خليفة حفتر» أقر فيه الجانبان بإرسال الإمارات أسلحة وذخيرة ثقيلة إلى ليبيا، بحسب موقع «الإمارات 71». وتابع الموقع: أن أحد الدبلوماسيين الليبيين خاطب نظرائه الإماراتيين، قائلا «أنتم ترسلون طائرات وسلاح وذخيرة للتبو في الجنوب». فأجاب الدبلوماسيون الإماراتيون «أي نعم، وبعلم رئيس حكومتك ورئيس مجلس نوابكم»، على حد تعبيرهم، في إشارة إلى رئيس حكومة طبرق «عبد الله الثني»، ورئيس برلمان طبرق المنحل «عقيلة صالح». ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة في ليبيا وتتهم الإمارات ويساعدها نظام الانقلاب في مصر – الذي استضاف حفتر – بأنها تسعى إلى تقسيم ليبيا إلى دولة في الشرق (طبرق) ودولة في الغرب (طرابلس)، لمنع قيام دولة عربية قوية خالية من الاستبداد تتمتع بالوحدة والاستقرار وتستفيد من ثرواتها في مشاريع وطنية وقومية من جهة أخرى. كما كشف دبلوماسيون غربيون العام الماضي أن مقاتلات إماراتية شاركت في قصف أهداف في طرابلس في إطار إسناد عسكري لمليشيات «حفتر»، وهو ما لم ينكره الأكاديمي «عبدالخالق عبدالله» مستشار ولى عهد أبوظبي، مبررا ذلك بحماية أمن مصر كون الإمارات استثمرت كثيرا في نظام السيسي وأن وجود حكومة إسلامية في ليبيا يشكل تهديدا على النظام المصري، على حد قوله. كما أفادت صحيفة «الشروق الجزائرية»، الأربعاء الماضي، أن مصادر رسمية ليبية كشفت لها عن مخطط فرنسي جديد في المنطقة بدأ تحركاته من داخل ليبيا، وبالتحديد الجنوب الليبي، مع دولة خليجية (لم تسمها الصحيفة)، حيث بدأت الدولة الخليجية المعنية بعقد اجتماعات سرية لمجموعة من قادة الجنوب الليبي من ضباط الجيش والشرطة ورجال القبائل. والهدف هو السيطرة على الجنوب الليبي، وفق الصحيفة الجزائرية. وتابعت «الشروق»، «حسب مصدرنا المقرب من الاجتماع، فإن الشعار الظاهر للاجتماع هو توحيد الجنوب الليبي كونه الحل للمشكلة الليبية، أما الحقيقة فهي مشروع فرنسي للاستحواذ على الجنوب والعودة إلى مستعمرات الماضي وتقسيم ليبيا إلى دولة للطوارق تبدأ من غدامس إلى غات، مرورا بسبها وأوباري وإليزي بجنوب الجزائر إلى شمال ماليوالنيجر، ودولة التبو من منطقة غدوة شرق سبها إلى الكفرة وحدود السودان وشمال شرق النيجر وشمال التشاد»، وفق تقديرات المصدر الذي لم تكشف الشروق هويته. ونظرا للدور الإماراتي المتزايد في ليبيا ومساندتها لقوات «خليفة حفتر» قائد الثورة المضادة، ونظرا لإقرار هؤلاء الدبلوماسيين وكذلك تعاونها مسبقا مع فرنسا في حربها ضد الإسلاميين في مالي، فإن ناشطين عربا لا يترددون في تخمين أن الدولة الخليجية المقصودة التي أشارت إليها «الشروق الجزائرية» ومصدرها أن تكون دولة الإمارات إذ لا يوجد دولة خليجية مهتمة بالشأن الليبي بحجم اهتمام الإمارات في مصير البلد الذي شهد ثورة على حكم العقيد القذافي الذي استمر أكثر من 40 عاما.