قال مصدر سياسى رفيع إن مصر والسودان أعدتا خطة للتحرك المشترك للتعامل مع أزمة اعتزام سبع دول تضم منابع النيل إنشاء المفوضية العليا لإدارة مشروعات دول حوض النيل فى عنتيبى بأوغندا فى 15 مايو المقبل بدون مصر والسودان. وقال المصدر إن آلية التحرك تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية أولها انتظار رد رؤساء الدول السبع على مضمون الرسالتين اللتين بعث بهما رئيسا مصر والسودان إليهم عقب فشل مؤتمر وزراء رى حوض النيل فى شرم الشيخ. ولن تتجاوز فترة انتظار الردود الأسبوع المقبل، «وفى حال عدم الرد أو الرد بالسلب ستتحرك الدولتان باتجاه ثنى عدد من تلك الدول عن التوجه إلى أوغندا للتوقيع على الاتفاقية، وفى حال عدم نجاح هذا التحرك فسيتم إرسال رسائل رسمية إلى دول أصدقاء المبادرة من المانحين للمشروعات لعدم اعتماد الاتفاق المنفرد بدون مصر والسودان»، على حد تعبيره. وقد سبق إرسال هذه الرسائل للبنك الدولى وهو مقر بها لكن سيجرى التأكيد على الجميع هذه المرة. وفى سياق متصل، أكد السفير عبدالرحمن سر الختم سفير السودان لدى مصر فى تصريح صحفى على هامش منتدى لجنة العلوم السياسية الذى عقد أمس بمقر المجلس الأعلى للثقافة أن السودان ومصر تتوقعان ردا إيجابيا من جانب بعض الرؤساء الأفارقة السبعة على الرسائل المصرية والسودانية. فى المقابل، قال على الدين هلال أمين الإعلام فى الحزب الوطنى ورئيس اللجنة إنه من المتوقع ألا يتم الرد على تلك الرسائل أو يأتى الرد عليها بالسلب وهنا يجب اعتماد خطط التحركات المصرية السودانية «لأننا فى حالة أزمة تتطلب اعتماد أكثر من سيناريو لإفشال مخططات الدول السبع للتوقيع المنفرد بدون مصر والسودان، وفى مقدمتها التأثير على المانحين وأصدقاء المبادرة للتدخل لدى الدول السبع لثنيها عن تحركات عنتيبى». وكشف السفير سر الختم عن وجود تحركات مسبقة بين مؤتمر شرم الشيخ وما سبقه من مؤتمر عقد فى الاسكندرية العام الماضى لتجاوز الأزمة، «أسفرت عن تشكيل فريق من الدول السبع تقوده تنزانيا ضد تحركات مصر والسودان». وقال السفير إن تلك التحركات كانت سرية للغاية وهى التى أنتجت هذه النتيجة التى وصلنا إليها. لكنه صمم على أنها «تحركات فنية من جانب أجهزة تلك الدول التنفيذية ويبقى القرار فى النهاية قرارا سياسيا خاصا برؤساء تلك الدول ومن ثم نتوقع من بعضهم ردا إيجابيا». وأضاف «لا أستبعد أيادى خارجية وراء تحركات دول حوض النيل خاصة مع وجود تحركات إسرائيلية ولا أريد أن اسمى أو أشير إلى طرف أفريقى بعينه لأننا مع السلام فى المنطقة وبالحوار يمكن حل الخلاف لكن لا يعنى ذلك إمكان التنازل عن حقوقنا إطلاقا». وأضاف: الطعون التى رفضنا بها التوقيع فى شرم الشيخ اعتمدت على وجود مثالب قانونية وفنية وإجرائية تضرب الاتفاق»، أضاف السفير.
خبراء اجانب! واستعانت الحكومة بعدد من الخبراء الأجانب المختصين فى القانون الدولى، لفحص الاتفاقيات التى أبرمتها الحكومة مع دول حوض النيل، سواء خلال فترة الاحتلال البريطانى أو بعد ثورة يوليو 1952، فيما توقع خبراء أن تعد مصر ملفا فنياً عن الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل لعرضه أمام التحكيم الدولى فى حالة قيام دول المنابع بتوقيع اتفاق منفرد لمياه النهر دون مصر والسودان. وأكدت نتائج الفحص للجنة الخبراء الأجانب، طبقا لتقرير سرى تم عرضه على الحكومة وإحدى الجهات السيادية، أنه طبقا للقانون الدولى وقرارات محكمة العدل الدولية، فإن جميع الاتفاقيات القديمة لا يمكن إلغاؤها ولها شرعية دولية، وأن محكمة العدل الدولية أقرت عام 1989 بأن اتفاقيات المياه تماثل اتفاقيات الحدود لا يجوز تعديلها إلا باتفاق جماعى من الأطراف المعنية بهذه الاتفاقيات. واقترح خبراء فى المياه أن يُصدر الرئيس مبارك تكليفا للحكومة بتخصيص وزارة دولة تكون مهمتها التعاون مع دول حوض النيل، وحل مشاكل الاستثمار المشترك مع هذه الدول من ناحية، والتنسيق من ناحية أخرى مع مختلف الوزارات لتحقيق تفعيل أكبر للمشروعات المشتركة فى إطار التعاون الشامل مع دول الحوض للاستفادة من موارد النهر لصالح جميع دول المنبع والمصب. وتقوم الحكومة حاليا بإعداد ملف كامل عن مفاوضات حوض النيل وأسباب فشل هذه المفاوضات، ودراسة تداعيات الأزمة مستقبلا من الناحية القانونية، مع تشكيل لجنة من الخبراء المصريين المعنيين بموضوعات اتفاقيات المياه، والاستعانة بخبراء من الحكومة البريطانية للحصول على مستندات أخرى من بريطانيا تعزز الموقف المصرى، حيث تحتفظ لندن بنسخ من كل ما يخص ملف اتفاقيات حوض النيل إبان احتلالها للمنطقة. وأعدت الحكومة ردا على دعاوى بعض الجهات الإثيوبية بأنه لا توجد أى اتفاقيات موقعة بين القاهرة وأديس أبابا لتنظيم موارد النهر أو إقامة سدود عليه دون الرجوع إلى مصر، وتستند الحكومة إلى خطاب النوايا الذى أصدره رئيسا مصر وإثيوبيا عام 1993، واعتمدته الأممالمتحدة باعتباره يدخل ضمن الاتفاقيات الدولية المعنية بالموارد المائية، خاصة أنه تضمن تعهد الجانب الإثيوبى بعدم إقامة مشروعات من شأنها التأثير على تدفق مياه النهر إلى مصر، ويكفل حصول مصر على حصتها من مياه النيل بشكل دورى فى إطار التعاون المشترك بين البلدين. وقال الدكتور محمود أبوزيد، وزير الرى السابق، إن خطاب حسن النوايا يندرج ضمن الاتفاقيات الدولية، وله شرعية دولية ويعترف به المجتمع الدولى. وتعكف جهة سيادية حاليا على مراجعة جولات المفاوضات بين مصر ودول حوض النيل، بحثاً عن أسباب فشل المفاوضات الأخيرة التى عقدت فى مدينة شرم الشيخ الأسبوع الماضى، وفحص جميع محاضر الاجتماعات لتحديد أسباب الوضع الحالى للمفاوضات وأسباب حدوث الانتكاسة الأخيرة، بالإضافة إلى تحديد مسؤولية كل من الدكتور محمد نصرالدين علام والدكتور محمود أبوزيد عن نتائج المفاوضات التى جرت خلال العقد الأخير مع دول حوض النيل، تمهيداً لعرضه على الرئيس مبارك لاتخاذ القرار المناسب. وأشارت مصادر حكومية رفيعة المستوى إلى أن الرئيس مبارك شدد على الحكومة بضرورة تفعيل التعاون مع دول حوض النيل فى جميع المجالات، وأن يحتل هذا الملف أولوية قصوى فى السياسة الخارجية لمصر. من جانبه، قال الدكتور مغاورى شحاتة دياب، خبير المياه، رئيس جامعة المنوفية الأسبق، إنه لا يجب الدعوة لعقد قمة لرؤساء دول حوض النيل فى الوقت الحالى لأنها ستكون انعكاساً لآراء وزراء المياه مما سيؤدى إلى فشل القمة فى التوصل إلى حلول للأزمة، مشيرا إلى أهمية أن يتميز الموقف المصرى بالهدوء. وكشف دياب عن أنه لا يوجد قانون دولى ينظم الأنهار العابرة للحدود، وشدد على أنه فى حالة قيام دول المنابع بعقد اتفاقية منفردة بعيدا عن مشاركة مصر والسودان فيها، وفشل التوصل إلى حلول أو مشروعات تحافظ على الحقوق التاريخية لمصر من مياه النيل، فيجب أن نكون مستعدين للجوء للتحكيم الدولى للتأكيد على هذه الحقوق حفاظا على الأمن المائى المصرى.