اتهم أسامة غيث مدير تحرير جريدة "الأهرام"، عضو لجنة "السياسات" بالحزب "الوطني"، الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية، بالتدخل لمنع نشر سلسة مقالات حول مشروع قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية، عبر التهديد بوقف صرف شيك لصالح مؤسسة "الأهرام" إذا لم يوقف النشر. وأضاف في تصريحات لبرنامج "مانشيت" على فضائية "أون تي في" مساء الاثنين (19-4)، إنه كان بصدد كتابة ثلاثة مقالات عن مشروع القانون الجديد بعد أن استشعر خطرا أنه لا يمس فقط النسيج الاجتماعي المصري، لكنه يسبب خللا في العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم وبالفعل تم نشر المقال الأول في "الأهرام" وقوبل بردود فعل إيجابية. لكنه فوجئ بعدم نشر المقال الثاني عن الموضوع ذاته- الذي ينشر في عدد مقاله من كل أسبوع، بعد مراجعته بشكل نهائي قبيل النشر، وتابع "عندما سألت عن السبب كان الرد أن الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية وصاحب مشروع قانون المعاشات الجديد منع صرف شيكا للأهرام وهدد بأنه لن يرسله في حال نشر المقالين الأخيرين، ووصف غيث الأمر بأنه "بلطجة غير مسبوقة من وزير ضد أعرق مؤسسة صحفية". واستدرك "في الأسبوع التالي كان من المفترض أن تنشر المقالة، وهو ما حدث في الطبعة الأولى، إلا أنه سرعان ما حُذف في الطبعة الثانية، وإنه عندما سأل عن السبب كان الرد أن الوزير (زعلان) وقيادات ب (الأهرام) طلبت حذف المقال، مشيرا إلى أنه شعر هذه المرة بأن الموضوع أوسع من إدارة (الأهرام)"، معتبرًا أن ما حدث يعد "لي ذراع لمؤسسة صحفية عريقة وخرقا لتقاليد وقيم العمل الصحفي وسابقة خطيرة على حرية الصحافة". وقال "إن الأسوأ أنه لم تتدخل جهة مستنيرة من الدولة لمنع الجريمة العظمى لإقرار القانون وإحباط مخطط متكامل الأبعاد لقلب الأوضاع الهادئة"، وتساءل "كيف يسمح نظام الحكم في البلد بإشاعة مثل هذه الظاهرة أن يتحول وزير إلى مملوك لديه القدرة على توجيه الأمور داخل صرح ضخم مثل (الأهرام)". وكشف أن وزير المالية سبق وأن منع نشر مقالتين لزميلين في "الأهرام" من قبل لنقدهما سياساته، وهو ما يثير حالة من القلق البالغ حول قيام صحفيين يعملون مستشارين للوزراء بإبلاغهم بما تحتويه الجريدة قبل طباعتها، وهو أمر اعتبره يمثل اعتداء صارخا على استقلالية الصحافة وحق القارئ في معرفة المعلومات بشكل مدقق عن كل قطاعات الدولة، واستدرك "للأسف أحشاء الأهرام بقت في الخارج". ولا يرى غيث أن الأزمة تنحصر فقط في منع مقاله من النشر ب "الأهرام"، بل في وضع دولة بشكل عام تكون فيه سلطة منع النشر بهذه القوة في أيدي المسئولين، مما يمثل نهشا في جسد الصحافة متعدد الأركان. وقال إنه ناقش الموضوع (مشروع قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية) بناء على معلومات دقيقة، وأنه من خلال متابعته تفاصيل القانون اكتشف أنه أقرب لبضاعة فاسدة يتم بيعها للمواطن المصري. وأوضح أن هذا القانون الذي يطبق على 25 مليون مصري يحول نظام المعاش التقاعدي إلى مجرد حساب ادخاري شخصي بلا مزايا محددة للمواطن ولا تتعدي تكلفة إدارة الاستثمارات فيها ل 20% في حين تصل نسبتها بالولايات المتحدة مثلا إلى 1%، كما أن مشروع القانون ترك مشاكل أصحاب المعاشات كما هي دون حل وتأجيل البت فيها إلى عام 2052، وتلك كارثة، كما يقول. وعبر عن تنديده للجوء الوزير لاستخدام نفوذه لمنع مقالاته من النشر، رغم أنه كان من الممكن له أن يرد على انتقاده لمشروع المعاشات الجديد عبر صفحات الجرائد ليضع أمام القارئ الحقيقة كاملة، لكن أن يستغل منصبه ليلغي مقالات تهاجمه فتلك مناف للمبادئ والأعراف، لافتا إلى أن هذه الانتقادات وأكثر منها سبق ووجها للوزير في اجتماعات أمانة السياسات بالحزب "الوطني" الذي يشغل عضويتها وكان مستشارو الوزير متواجدين ولم يرد أي منهم على الانتقادات.