تزامنًا مع ذكرى أحداث موقعة المنصة التي وقعت في السابع والعشرين من يوليو من العام 2013. أعاد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، تداول شهادة لأحد الأطباء الميدانيين في اعتصام رابعة العدوية، ويدعى محمد سليمان، بشأن أحداث المنصة. الشهادة نشرها الطبيب عبر صفحته -حينها- على موقع "فيس بوك"، واستخدمها موقع "ويكي ثورة" في توثيق الحدث. وجاء نص الشهادة كالتالي: شهادتي كطبيب ميداني على مجزرة المنصة 27/7/2013 28 يوليو، 2013، الساعة 04:45 صباحاً كنت مع أصدقائي باسم وأيمن وأحمد ومصطفى وعمرو ليلة الجمعة نتحدث عن الثورة والشهداء والمتخاذلين والمفوضين وعن إحساس كل واحد فينا لو صاحبه بقى شهيد ولو هو نفسه بقى شهيد! وبينما كنا جالسين كانت هناك طائرتان تطوف حول ميدان رابعة العدوية وكانت قريبة جدًا لدرجة أن صوتها كان صاخبًا مزعجًا جدًا جدًا، ومر الوقت وتواترت الأخبار عن سقوط جرحى وشهداء عند النصب التذكاري وذلك قبيل الفجر صلينا الفجر وكانت الأوضاع قد هدأت واسترحنا قليلاً بعد صلاة الفجر. كنت في المستشفى الميداني وحدة "1" وكان مرابطًا فيها الدكتور هشام فايد - استشاري الجراحة والدكتور عصام الشافعي - استشاري الأطفال والدكتور أحمد زايد - استشاري العظام والدكتور أحمد مصلح - طوارئ والدكتور أحمد محمد - صيدلي والدكتور عبد الحميد محمد - صيدلي في تمام الساعة الخامسة صباحًا حدث هرج ومرج في المكان وهتافات صاخبة وصرخات بالاستغاثة وكانوا يطلبون أطباء على وجه السرعة في المستشفى الميداني الرئيسي، فانطلقت مسرعًا إلى المكان وكان قد سبق إليه الدكتور هشام فايد والدكتور أحمد زايد. وفي الطريق شاهدت سيارات إسعاف تنقل مصابين من عند المنصة وكذلك سيارات ملاكي وموتوسيكلات ولما ذهبت إلى المستشفى الرئيسي ، كانت إدارة المستشفى قد قسمت المكان إلى قطاعات على جانبي الطريق للتعامل مع الإصابات البسيطة كالكدمات والجروح السطحية والخرطوش والاختناق، والإصابات المتوسطة كالجروح العميقة والرصاص الحي في الأماكن الأقل الخطورة كالأطراف العلوية والسفلية أما المستشفى الرئيسي فكان يستقبل الإصابات الخطيرة كالرصاص الحي في الأماكن الخطيرة كالرأس والصدر والبطن وحالات النزيف الشديدة وكذلك الكسور. وانضممت إلى فريق الأطباء في إحدى الوحدات الطبية على جانبي الطريق حيث كان هناك طبيب جراحة وعظام وطوارئ وباطنة بدأنا نستقبل الحالات المصابة كان معظمها إصابات بالخرطوش وجروح سطحية واختناقات كنا نطهر الجروح وأحيانًا نقوم بخياطتها وفي حالات الاختناق كنا نستخدم أجهزة استنشاق وأدوية كالفينتولين. كان عدد الحالات كبير جدًا حيث استقبلت وحدتنا أكثر من 300 حالة، كنا نصارع الزمن لعمل ما نستطيع عمله تجاه المصابين. رصاص حي استقبلنا حالة بها طلق ناري في منطقة الصدر بالإضافة إلى خرطوش في أماكن متفرقة في جسده. أكثر ما أقلقنا هو الطلق الذي في الصدر حيث كان النزيف شديد جدًا وشاركت مع طبيب الجراحة في محاولات استخراج الجسم الغريب وبعد صراع مع الزمن وقلة الإمكانيات تم استخراج جسم معدني. حيث كانت رصاصة حية مستقرة بين الضلوع ولم تنفذ لتستقر في الرئة وتم عمل خياطة مكانها وإرساله لعمل اللازم في المستشفى. أكثر من 20 خرطوشة استقبلنا مريضًا في الخمسينيات به أكثر من 20 خرطوشة في أماكن متفرقة في الجسم، قمنا بالتطهير ونقل المصاب داخل الخيمة ليرتاح وأخذ مسكن لتهدئة الألم الفظيع الذي يعاني منه. ثم أجده بعد دقائق واقفًا على قدميه ويرتدي حذاءه ويصر على أن يذهب إلى مكان الاشتباكات. قائلاً: أنا رايح أدافع عن الشباب اللي هناك ومش هسيبهم أبدًا ومش هتخلى عن المكان اللي كنت واقف فيه.. أنا عاوز شهادة مش إصابة! جسد واحد أثناء معالجة أحد المصابين حدث تدافع شديد نتيجة للزحام نحو الخيمة وكاد يهلك المصاب من تدافع الناس وسيارات الإسعاف واندفاع الواقفين، قام طبيبان بعمل كوبري بجسديهما على المصاب لحمايته من دهس الأرجل والاختناق واندفع الواقفين ووقعوا على الطبيبين وتم إنقاذ المصاب من هلاك محتم. قنص أكثر من 50 حالة قنص في الرأس والرقبة وموت في الحال وعلى أيدي قناصة محترفين. دماء تتساقط على الطريق كانت السيارات تغدو وتروح على المستشفى وأثناء نقل المصابين أو الشهداء تتساقط الدماء بغزارة على الطريق في مشهد بشع مؤلم حينها صاح أحدهم قائلاً: اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى يارب. طبيب مصاب يعالج مصابًا أصيب صديقي د.أحمد مصلح بخرطوش في منطقة الصدر وما أن تم تطهيره حتى قام ليعالج المصابين القادمين إلى المستشفى الميداني. عمليات كبرى! أخبرني الدكتور هشام فايد - استشاري الجراحة- أنهم أجروا عمليات كبيرة في المستشفى الرئيسي كعمليات استكشاف وقلب مفتوح وبعضها نجحت بفضل الله. أحد المصابين أخبرني أثناء تضميد جروحه أن الغاز الذي كان تطلقه الشرطة غاز محرم دوليًا حيث كان في سلاح الحرب الكيماوية ويعرف هذا الغاز جيدًا، ويبقى الغاز في الرئة ويسبب ضيق في التنفس لمدة 4 ايام على الأقل ويسبب الموت للأطفال والأجنة! الحصيلة أكثر من 50 حالة قنص بالرأس. أكثر من 150 حالة إصابات مميتة ونزيف حاد. أكثر من 50 حالة استشهدت في الطريق إلى المستشفيات خارج الميدان. أكثر من 5000 حالة إصابة ما بين كدمات وخرطوش واختناقات وجروح قطعية وعميقة ورصاص حي وكسور.