فرض الاحتلال إغلاقا تاما على الضفة الغربيةالمحتلة لمدة 48 ساعة اعتبارا من منتصف ليلة الجمعة 12-3-2010، وبينما فرض حصارا مشددا على البلدة القديمة في القدس بذريعة "الأسباب الأمنية"، وقعت اشتباكات بين الشبان المقدسيين وجنود الاحتلال عند ساحات المسجد الأقصى قبل وبعد صلاة الجمعة. وقال متحدث باسم جيش الاحتلال الجمعة: إن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أمر بفرض إغلاق كامل على الضفة الغربية لمدة 48 ساعة اعتبارا من منتصف الليلة الماضية وحتى منتصف ليل السبت - الأحد لدوافع أمنية، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية دون مزيد من التفاصيل.
وذكرت مصادر فلسطينية أن هذا الإغلاق يأتي مع اقتراب موعد افتتاح أكبر كنيس يهودي على بعد أمتار قليلة من المسجد الأقصى المبارك، ويقوم جيش الاحتلال بانتظام بإغلاق الضفة الغربية مع كل عيد يهودي، وهي المرة الأولى منذ سنتين التي يتخذ فيها مثل هذا الإجراء في وقت ليس هناك أي احتفالات مرتقبة في إسرائيل.
ونالت مدينة القدسالمحتلة النصيب الأكبر من هذا القرار الإسرائيلي؛ حيث فرض الاحتلال حصارا مشددا عليها منذ ساعات الفجر، ومنع الرجال ممن هم دون سن الخمسين من دخول المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر؛ ما اضطر المئات إلى أدائها في أقرب نقطة ممكنة من المسجد، خاصة عند طلعة باب الأسباط ومدخل باب الساهرة.
وقالت مصادر صحفية ل"إسلام أون لاين.نت" إن مواجهات وقعت وقت صلاة الجمعة بين عشرات الشبان المقدسيين وبين جنود الاحتلال الذين حالوا دون وصول هؤلاء الشبان إلى ساحات الأقصى للصلاة فيه، وأوضحت المصادر أن بعض الشبان أصيبوا بحالات اختناق نتيجة استخدام الاحتلال لقنابل الغاز المسيل للدموع.
وعقب أداء صلاة الجمعة دارت بعض المناوشات بين المقدسيين في بعض الأحياء منها حي وادي الجوز ومنطقة باب صلاح الدين خارج أسوار البلدة القديمة، إلا أن هذه المناوشات بقيت محدودة.
وكانت قوات الاحتلال قد نشرت الآلاف من عناصرها على أبواب المسجد المبارك وعلى جميع مداخل البلدة القديمة بالمدينة، بالإضافة إلى قوات أخرى انتشرت في أنحاء وأزقة البلدة، ووضعوا الحواجز والمتاريس العسكرية، وأطقت منطادا راداريا استخباريا، بينما بدأت طائرة مروحية بالتحليق بشكل متواصل في سماء القدس القديمة والمسجد الأقصى لمراقبة المواطنين.
وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، فإن القوات الإسرائيلية تدعي أن حشد المزيد من القوات في البلدة العتيقة ومحيطها يأتي على خلفية وجود معلومات استخبارية تشير إلى احتمال وقوع مواجهات.
غير أن الوكالة لفتت إلى أن الأمر له علاقة باقتراب تاريخ السادس عشر من الشهر الجاري، وهو الموعد الذي أعلنت أنه سيتم فيه افتتاح أكبر كنيس يهودي، الذي يسميه اليهود "الهيكل الصغير" ويقع على بعد عشرات الأمتار القليلة من المسجد الأقصى.
ونتيجة لمنع قوات الاحتلال المصلين من الوصول للمسجد الأقصى والصلاة فيه، فقد أقام الفلسطينيون 50 تجمعا في أحياء مختلفة بمدينة القدس وأدوا صلاة الجمعة فيها لتحدي المنع الإسرائيلي من وصولهم للصلاة في الأقصى.
وتأتي هذه الإجراءات الإسرائيلية بعد تصاعد الغضب الفلسطيني والدولي من عدة مخططات إسرائيلية لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة المحتلتين، منها 1600 وحدة تم المصادقة عليها بالفعل، و50 ألف وحدة أخرى يجري التحضير لها، وذلك بعد أسابيع قليلة من إعلان إسرائيل ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بالضفة لما تسميه ب"التراث اليهودي"؛ ما يعني تهويدهما بقرار رسمي.
وحذر ناجح بكيرات، رئيس قسم المخطوطات بالمسجد الأقصى، ل"إسلام أون لاين.نت" من أن استمرار الاحتلال في هذه السياسة سيجعل مدينة القدس تعيش حالة من الغليان مما ينذر بانفجار الأمور بين الفترة والأخرى.
مسيرة يهودية
وفي الوقت الذي فرض فيه الاحتلال حصاره على المواطنين الفلسطينيين في الضفة والقدس فقد سمح لعناصر اليمين اليهودي المتطرف بتنظيم مسيرة في حي سلوان شرقي القدس بذريعة الاحتجاج على البناء غير المرخص من قبل الفلسطينيين، بينما بررها بعض منظميها بأنها "لتجسيد السيادة الإسرائيلية واليهودية في المكان".
وذكرت "وفا" أن شرطة الاحتلال بالقدس صادقت الخميس لعناصر اليمين المتطرف بقيادة باروخ مارزول وإيتمار بن غفير بتنظيم هذه المسيرة بعد 10 أيام، تبدأ من قرب حائط البراق باتجاه مركز حي سلون.
ويضطر بعض الفلسطينيين إلى البناء بشكل غير مرخص؛ لأن بلدية الاحتلال في القدس لا تمنحهم أي تراخيص بناء بهدف تقليل وجودهم في المدينة.
وفي سياق متصل شنت أجهزة أمن الاحتلال والشرطة الخميس حملة دهم واسعة النطاق لمنازل الفلسطينيين في معظم أحياء البلدة القديمة والأحياء المجاورة للبلدة، واعتقلت عددا من الشبان، وسلمت عددا آخر أوامر حبس بيتي لمدة أسبوعين.
ونقلت وكالة "وفا" عن المحامي خالد زبارقة -من مؤسسة القدس للتنمية بالداخل- أن شرطة الاحتلال قامت بما تسميه "باعتقالات احترازية" منذ بداية هذا الأسبوع، وقال إنها اعتقلت نحو مائة شاب.
كما اعتقلت شرطة الاحتلال فجر الخميس الشاب طارق بكيرات (23 عاما)، أحد حراس المسجد الأقصى، بعد مداهمة منزله الكائن في بلدة صور باهر جنوب مدينة القدس، ومددت "محكمة الصلح" توقيفه لمدة خمسة أيام.
وكان الشاب بكيرات قد أخلي سبيله قبل شهر ونصف بعد اعتقاله لمدة ثمانية شهور، وتزوج منذ حوالي شهر.
من جهتها، جدّدت الشخصيات والمؤسسات والقيادات الدينية والوطنية في القدس نداءها للفلسطينيين بضرورة شد الرحال والتواجد المكثف في المسجد الأقصى اليوم الجمعة وفي الأيام القادمة وخاصة في السادس عشر من هذا الشهر.