- زوبعة الحجاب لإلهاء الناس ولتستمر جهود النظام في الإعداد للتوريث والتخطيط لمزيد من كبت الحريات والاستبداد ونهب أموال الشعب - خلال 20 عام تدهورت أحوالنا السياسية ودمروا القطاع العام وتراجعنا إقليميًا وعالميًا كتب: محمد أبو المجد في إطار سلسلة الندوات الأسبوعية التي ينظمها حزب العمل في كل أربعاء بمقر المركز العربي للدراسات كانت ندوة هذا الأسبوع تحت عنوان "حوار مفتوح حول الأوضاع الراهنة", والتي تحدث فيها المستشار طارق البشري نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق والمفكر الإسلامي المعروف، وحضرها عدد كبير من أعضاء حزب العمل والمهتمين بالشأن السياسي.. وقدم الندوة مجدي حسين الأمين العام للحزب, وحضرها بعض قيادات الحزب مثل وعبد الحميد بركات الأمين العام المفوض، والدكتور مجدي قرقر الأمين العام المساعد, ومحمد السخاوي أمين التنظيم, والسفير محمد والي والدكتور كمال حبيب– أعضاء اللجنة التنفيذية, ومن الشخصيات السياسية المهندس محمد عصمت سيف الدولة, والدكتور يحيى القزاز. تخريب سياسي وفي تقديمه للمستشار طارق البشري, أكد مجدي حسين أنه لا يوجد الآن إصلاح سياسي وإنما يوجد تخريب سياسي, ومحاولة إلغاء الحياة السياسية وما رأيناه مؤخرًا في الانتخابات الطلابية والعمالية خير شاهد على ذلك، وأضاف أننا الآن نمر بحالة هبوط شديد في موضوع الإصلاح بعد أن كان المنحنى قد شهد بعض الصعود, بعد الانقسام الذي حدث بين حركات المعارضة رغم ضعفه الشديد. وفي بداية كلمته أكد المستشار طارق البشري أن البلاد تمر الآن بأسوأ حالاتها على جميع المستويات بشكل غير مسبوق ومنحنى الفساد والاستبداد آخذ في التصاعد بشكل مخيف, فقد وصلت البلاد إلى درجة كبيرة من التفكك والانحلال داخليًا وخارجيًا. الأمن القومي والعداء للصهاينة وانتقد البشري تصريحات المسئولين المصريين عن الأمن القومي المصري بعد حذف كلمة العداء لإسرائيل رغم أهمية وتأثير هذا الأمر على مسألة الأمن القومي المصري بسبب كون الكيان الصهيوني هو العدو الأول لنا وهو كيان توسعي وله أطماع في أراضينا, فكيف نستبعد خطره على أمننا القومي, مضيفًا أن النظام المصري الحالي يتحالف الآن مع الكيان الصهيوني ويتبنى رؤيته في فلسطين ولبنان بشكل مخزي وغير مسبوق على مدار الحكومات والأنظمة السابقة!! وفي موضوع الإصلاح السياسي والتغيير داخل البلاد, قال البشري إن أولى خطوات التغيير تبدأ بالتوجه نحو الجماهير والتجمعات المؤثرة مثل العمال في المصانع والطلاب في الجامعات وليس الاكتفاء بالتوجه نحو النخب السياسية كما يحدث الآن. دور الصحافة وشدد على أن الصحافة الآن عليها دور كبير في موضوع التغيير, فهي التي تملك قيادة العمل العام بقدرتها الواسعة في التأثير على الجماهير وصناعة توجهاتها وتوجيه اهتماماتها, فهي القادرة على إحداث حركة سياسية كبرى, ويجب أن يعرف القائمون عليها خطورة وأهمية دورهم في الإصلاح والتغيير. وأوضح البشري أننا كنا بصدد تشكيل هيئات كبيرة في المجتمع الأهلي تقوم بمهمة التغيير والإصلاح وذلك في الانتخابات العمالية والطلابية لولا التزوير الفاضح الذي تم فيهما وتراجع الأمل وسيادة نبرة اليأس من التغيير بعد الأحداث التي شاهدناها في تلك الانتخابات. ترزية التعديلات وأضاف أن مسألة التعديلات المستمرة في الدستور واليي يقوم بها ترزية الحزب الحاكم حتي تصبح موائمة لأطماع النظام في التوريث والقضاء على أي أمل في منافسة سياسية شريفة يمكن أن تفضي إلى تغيير حقيقي وملموس, وقال: إننا بالفعل نريد "ترزيًا" يفصل الدستور, ولكن لصالح الشعب وليس ضد إرادته كما يفعل ترزية الحزب الوطني. استقطاب المجتمع وإلهاء الشعب وحذر البشري بشدة من المحاولات الحثيثة التي يقوم بها البعض لاستقطاب المجتمع نحو قضايا فكرية وعقائدية منها ما هو معلوم بالضرورة ومنها ما هو من الفروع وشغل الناس بها بغرض إلهائهم وصرفهم عن الوضع السياسي ومسألة التغيير والإصلاح وكان آخرها أزمة الحجاب الحالية التي افتعلها وزير الثقافة والذي يعمل ضمن سياسة تهدف إلى إثارة الفتن الفكرية كل فترة وشغلنا بها عن أوضاعنا السياسية وهو ما يصب في مصلحة النظام, وتاريخ وزارة الثقافة الأسود في رواياتها المفتعلة ومهرجاناتها وحفلاتها الماجنة خير شاهد على هذا الأمر. وأكد البشري زوبعة الحجاب الأخيرة جاءت لإلهاء الناس بها بينما تستمر جهود النظام المستميتة في الإعداد للتوريث والتخطيط لمزيد من كبت الحريات والاستبداد ونهب أموال الشعب. وقال البشري: إذا قارننا بين اهتماماتنا قبل عام 82 وبين اهتماماتنا بعد عام 84 فسوف نجد أن الشعب قبل عام 82 كان يهتم بالقضايا الوطنية والسياسية الحساسة والخطيرة وكان يعرف ويعي ما يجري حوله, أما بعد عام 84 فقد انشغلنا بقضايا فكرية وفتن جانبية وتركنا الوضع السياسي ينحدر من سئ إلى أسوأ وتركنا الكيان الصهيوني يقوى ويزداد على حساب خلافاتنا الفرعية والفكرية. خسرنا الكثير وأوضح أننا خسرنا الكثير جدًا خلال العشرين سنة الماضية, فقد أخذت أحوالنا السياسية في التدهور, تم تدمير القطاع العام بشكل كامل, وتراجعنا إقليميًا وعالميًا, وهجرنا أبناؤنا إلى الخارج, وما خفي كان أعظم, وذلك بالمقارنة بدول كانت صغيرة مثل إيران التي أنجزت في العشرين سنة الماضية الكثير والكثير مما جعلها اليوم في مصاف القوى التي يُحسب لها ألف حساب, محذرًا من استمرار انحصار اهتماماتنا وضيقها بالشكل المخيف الذي نراه اليوم وإلا فإن التحذير الإلهي واضح في هذا الأمر (وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم). تفكك الجهاز الإداري وأشار المستشار طارق البشري إلى أن هناك حالة من التفكك الكامل والمخيف للجهاز الإداري للدولة أو ما يسمى "الجهاز البيروقراطي" والذي يشمل المؤسسات السيادية والخدمية, حيث أصبحت القرارات فيها تدار بشكل مركزي وإداري بدون أية خلفية سياسية, مما جعل الموظف لا يشعر بأي دافعية للعمل والإنتاج.. فالأوامر الإدارية تصدر له ولكنه لا يعرف مغزاها وهدفها السياسي. وحذر البشري من العبث باستقرار هذا الجهاز الحيوي والذي يعتبر عصب الدولة الرئيسي فهو المتحكم في المجتمع المصري وبه خبرات كبيرة وهم من خيرة الشعب المصري, وشدد على وجوب إشعار الموظف بالأمان والاستقرار في عمله سياسيًا وإداريًا حتى يستطيع القيام بعمله بشكل منظم وهادئ مما سينعكس على البلاد بشكل إيجابي, مطالبًا الأحزاب والقوى السياسية بأن تجعل الحفاظ على استقرار الجهاز الإداري من أهم أهدافها السياسية. دور المجتمع الأهلي وتطرق البشري إلى المجتمع الأهلي ودوره في التنمية والاستقرار, حيث أكد أن هناك حركة نخبوية متنوعة نحو التغيير والإصلاح السياسي مثل تحركات القضاة والصحفيين والمحامين والصيادلة وهو أمر جيد, مطالبًا بأن يتم إدماج التجمعات الشعبية المؤثرة في هذه الحركة حتى تصبح مؤثرة وفعالة. وقال المستشار: على سبيل المثال فإن حركة القضاة الأخيرة حُملت فوق طاقتها وطُلب منها أن تقود الحركة في الشارع وهو مالا يستطيع القضاة فعله بشكل كاف نظرًا لطبيعة عملهم ومواقعهم, ولكنهم في موقفهم الأخير قد وصلوا إلى مدى جيد جدًا يجب استثماره بشكل صحيح. الوصول إلى الجماهير وبعد ذلك بدأت مداخلات الحضور حيث بدأها د. كمال حبيب حيث أكد أن ما قاله المستشار في كلامه يعتبر بحق (مقدمة في علم التغيير) وهو إضاءة يجب الاهتمام بها وتطبيقها.. مشيرا إلى أن قوى المعارضة السياسية قد استنفذت على مستوى الصياح والغضب دون وجود آلية محددة للوصول إلى التغيير والإصلاح. وتساءل حبيب: هل قرأ النظام نفسيات الشعب فبدأ في إثارة بعض القضايا الدينية الحساسة ليلهي بها الشعب عن القضايا الأساسية والسياسية مثل الإصلاح ومحاربة الفساد؟!! واعتبر حبيب أن مشكلة الحركات الاجتماعية والسياسية في مصر أنها لم تصل إلى الجماهير بشكل رئيسي وجعلت جل اهتمامها بالوصول إلى طبقة المثقفين فقط! آلية التحرك أما الدكتور مجدي قرقر فقد اعتبر أن المسئولية في عدم التقدم نحو التغيير والإصلاح تقع الآن على عاتق القوى السياسية الموجودة والتي أصبحت لها حسابات خاصة وغلب بعضها مصالحهم الشخصية على مصالح المواطن وهموم الوطن، مضيفا أن الأحزاب في مصر قد انقسمت إلى قسمين: 1- الأحزاب الكبيرة والتي دخلت إلى حظيرة النظام بكامل إرادتها وباعت الشعب. 2- الأحزاب الورقية والتي ليس لها أي دور سياسي إطلاقًا. وأوضح قرقر أننا يجب أن نتحرك في اتجاهين, الأول هو اتجاه العصيان المدني بشتى صوره ويجب أن يكون بشكل فعال ومنظم, أما الثاني فهو تفكيك قوة الخصم (النظام) وذلك عن طريق التركيز على نقاط الضعف به. الأوضاع الخارجية وفي مداخلته أكد المهندس محمد سيف الدولة أن مصر بعد حرب 73 قد تمت إعادة صياغتها وترتيبها على المقاس الصهيوني حتى لا تصبح شوكة في أمن الصهاينة, وتم خلق قطاع من رجال الأعمال مقربًا من نظام الحكم وحليفًا للولايات المتحدة والكيان الصهيوني مما ترتب عليه فتح مصر اقتصاديًا بشكل غير مسبوق على الصهاينة. واعتبر سيف الدولة أن الإشكالية في الوضع السياسي المصري الآن هي التبعية الكاملة التي تعيش فيها مصر للصهاينة والأمريكان. النخبة السياسية أما الدكتور يحيى القزاز فقد أكد أن المسئول الحقيقي عن الأزمة التي نعيشها اليوم هي النخبة السياسية بتهاونها وانحرافها أحيانًا عن مسارها إما بسبب ظنها باستحالة التغيير أو بسبب عجزها عن التواصل مع جموع الشعب وانشغالها بمصالحها. وفي تعقيبه على المداخلات السابقة أعرب المستشار البشري عن خشيته من وجود استقطاب لقوى المجتمع وإنهاكها وتشتيتها في قضايا خلافية بحيث تكون هذه هي مشكلتها الرئيسية بعيدًا عن المشاكل السياسية الحقيقية. إقصاء الدين عن السياسة خاطئ ونبه البشري بأن أي إقصاء للدين من مسألة الإصلاح السياسي سوف يعود بالفشل على أية تجربة إصلاحية, ولكن طالب الحركات الدينية بأن تكون هي مستعدة لتحمل تبعات الإصلاح والتغيير أيًا كانت. ورحب البشري بالخطوة التي قامت بها بعض القوى السياسية والجماهيرية بتشكيل كيانات موازية لمؤسسات النظام التي تقوم على التزوير واعتبره مظهرًا جيدًا من مظاهر العصيان المدني بعد ما فقدنا أي أمل في هذا النظام الذي يصر على القضاء على أي أمل للإصلاح مطالبًا بزيادة القوة الاحتجاجية كوسيلة أخرى من وسائل العصيان المدني. وهاجم البشري بشدة بعض وسائل الإعلام التي تعمل على إفقاد الإنسان لكل قيمه الدينية والأخلاقية حتى شهدنا بأعيننا مأساة التحرش الجنسي بالفتيات أيام العيد والتي تنم عن غياب الدين والأخلاق بشكل مخيف. وأكد البشري على أنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية والإصلاح بدون الاهتمام بالإطار الخارجي الوطني والقومي العام والعمل على تحرير الإرادة الرسمية من الضغوط الخارجية, والعمل على تحقيق الاستقلال الاقتصادي عن طريق كفالة الحد الأقصى الممكن من احتياجات الناس من داخل مصر. وفي الختام طالب البشري القوى السياسية بالتوحد بغض النظر عن الانتماءات, وحذر من إثارة الخلافات الفكرية وخلطها بالأهداف السياسية, فذلك لن يأتي بالخير علينا أبدًا.