رفض خبراء قانونيون وفقهاء دستوريون، مقترح رئاسة الوزراء بإصدار قانون لتحصين البرلمان المقبل من الحل، فيما وصفوه بأنه "مخالف تمامًا للدستور"، ورأوا أنه من الأولى أن يتم تعديل قوانين الانتخابات بشكل لا يتعارض مع الدستور حتى لا يحكم بعدم دستوريتها من قبل المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذي يؤدى إلى حل البرلمان كما حدث من قبل، متوقعين أن يعمل البرلمان الذي سيصبح مُحصنًا على تعديل الدستور لتحصين قائد الانقلاب من المساءلة. وقال الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ القانون والفقيه الدستوري، إنه يجرى العمل على إصدار قرار بقانون من رئيس الجمهورية بتحصين مجلس النواب من الحل، واصفًا القانون بأنه "غير دستوري بالمرة ومخالف لكل أحكام الدستور". وأضاف: "البرلمان المحصن من الحل سيعمل على تعديل الدستور لتحصين رئيس الجمهورية من المساءلة"، وأشار إلى أن "السلطة القضائية أيضًا أصبحت محصنة من النقد بنصوص عقابية». وتابع مُستنكرًا، أن "كل سلطات الدولة ستصبح محصنة"، متسائلًاً: "فمن يحصن الشعب"؟ واعتبر أن "هذا يسمى في أدبيات السياسة (الدولة لشمولية ) ولكنها شمولية بقرارات بقوانين تصدر دون أن تتناطح في مصر عنزتان"، حسب قوله. واعتبر الدكتور وحيد عبدالمجيد، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، أن مقترح رئاسة الوزراء لتحصين البرلمان هو بمثابة اعتراف بالفشل فى وضع قوانين منظمة للانتخابات تنسجم مع الدستور، وإصرار على وضع قوانين غير دستورية. وأضاف "تحصين البرلمان إن حدث سيكون سابقة تاريخية، فلم يحدث من قبل أن يجاهر مشرّع علنًا بأنه يتحدَّى الدستور ويحتقره ويصدر قوانين مخالفة له"، محذرًا من أن خطوة كهذه "ستكون وصمة عار فى تاريخ مصر". من جهته، قال الدكتور محمد الذهبى، أستاذ القانون الدستورى، إن "مشروع القانون الذى تقدَّم به مجلس الوزراء لتحصين مجلس النواب، مخالف للدستور"، مضيفًا: "لا يحق لأحد حجب حق المحكمة الدستورية فى الرقابة القضائية على النصوص القانونية لاحقًا". وأشار إلى أن "البرلمان أحد السلطات الرئيسية فى أى دولة، لذا من الضرورى أن يكون قائمًا على قوانين صحيحة لا يشوبها أى عوار دستورى"، لافتًا إلى أن "أى نقد موجّه إلى المحكمة الدستورية، لحلها مجلس النواب، ليس فى محله". وتابع الذهبي: "الفترة الحالية تتجه إلى عدم الخروج على الرقابة القضائية وقوانين المحكمة الدستورية"، قائلًا إن "السلطة التشريعية الممثلة فى رئيس الجمهورية، لن تسمح بصدور مثل هذا القانون، الذى يشابه واقعة الإعلان الدستورى المكمل لمحمد مرسى"، حسب قوله. في السياق ذاته، قالت عبير سليمان، القيادية بحزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، إن تحصين البرلمان من الطعن عليه "أمر يعطي ملمحًا قمعيًا وشبهة وجود مناخ غير ديمقراطي بالتحايل على القانون والدستور وأهمية ممارسة حق التقاضي والطعن لأي مواطن قد يرى ضرورة التدخل". وأكدت سليمان، أن "تحصين البرلمان حتى وإن كان مبعثه نية طيبة فقط لمحاولة استتباب المرحلة ومرورها ووجود مجلس لا يطعن عليه ويقطع عمله، إلا أنه رغم كل هذا يعد تحصين البرلمان أمر غير دستوري وغير عادل". وقال اللواء أمين راضى أمين عام حزب المؤتمر، إن تحصين البرلمان فكرة مرفوضة شعبيًا وأمر سيئ نسبيًا، مذكرًا بأن الرئيس المعزول محمد مرسى حاول تحصين المجلس وواجه غضب الشعب، مضيفًا: "هناك حل آخر غير التحصين، وهو فتح مدة نظر المحكمة الدستورية للطعون المقدمة على عدم دستورية قوانين الانتخابات". وأوضح أن "حل أزمة تحصين البرلمان من عدمه يتمثل في صدور قرار من رئيس الجمهورية بمشروع قانون يتلاشى فيه العيوب الموجودة فى القوانين الحالية"، لافتًا إلى أن الأزمة تنحصر في التقسيم الجغرافي وعدد الدوائر. وكانت الحكومة أرسلت خطاباً للمحكمة الدستورية العليا، لاستطلاع رأيها حول تعديل مادتين من قانون المحكمة. وأول هاتين المادتين هي المتعلقة بشرط تقييد المحكمة بمدة محددة للفصل في نظر قوانين الانتخابات بحيث لا يكون هناك شرطًا يلزم المحكمة بالفصل في تلك الدعاوى المتعلقة بالانتخابات في وقت محدد، والثانية هي المتعلقة بتنفيذ الحكم بعدم دستورية قوانين الانتخابات لحين انتهاء المجلس من مدته، تفاديا لحل البرلمان خلال مدة انعقاده. وذكرت مصادر أن وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب المستشار إبراهيم الهنيدي بالاشتراك مع وزارة العدل، هما من اقترحا على الحكومة تلك التعديلات، والتي أرسلتها الحكومة لقسم التشريع في مجلس الدولة كجهة محايدة لاستطلاع رأيه فيها ووافق عليها ووضع صياغات مقترحة للتعديلات المطلوبة. وأضافت، أن اللجنة العليا للانتخابات تجري حاليًا المراجعة النهائية لقوانين الانتخابات، وسترسلها لوزارة العدالة الانتقالية خلال أيام لإرسالها لمجلس الوزراء. وتوقعت المصادر أن تؤجل الحكومة مناقشة قوانين الانتخابات، لحين رد المحكمة الدستورية العليا بشأن التعديلات المقترحة على قانونها، لمناقشة كل القوانين المتعلقة بالانتخابات في اجتماع واحد.