قررت السلطات الليبية منع عرض كتب دينية وروايات في معرض دولي للكتاب يقام بين التاسع والعشرين من الشهر الجاري بطرابلس العاصمة وبنغازي، ثاني أكبر مدن الجماهيرية، وتجاوز عدد دور النشر المشاركة 380 دار نشر عربية ودولية التي عرضت مائتي ألف عنوان. وتحدثت مندوبة دار الحوار السورية هالة خليل عن ست روايات لليبي محمد الأصفر منعت دفعة واحدة دون إبداء أسباب واضحة، بينها "عسل الناس" و"المداسة" و"شكشوكة". وقالت إن الدار شاركت بهذه الكتب في معرض الجزائر الأخير، لكنها أضافت أن من حق إدارة المعرض سحب أي كتاب يخالف سياسته. وكانت تقارير صحفية تحدثت عن منع كتب للكاتب الإسلامي علي الصلابي أبرزها كتاب يتناول الحركة السنوسية التي ينتمي إليها الملك إدريس السنوسي الذي أطاح به العقيد معمر القذافي في 1969. وقالت إن أمين المؤسسة العامة للثقافة نوري الحميدي أصدر تعليمات بمنع كتب الصلابي بعد أن كان مسموحا بها. وقال إدريس بن الطيب، وهو كاتب وسجين رأي سابق، إن مسئولي الرقابة لم يتمكنوا من فهم أن الرقابة ليست "قبيحة وسيئة" وضارة بحركة الفكر والثقافة فحسب، بل أصبحت "غير ممكنة بحكم تطور الاتصالات"، ومصادرة الكتب محاولة يائسة لإيجاد دور بوليسي في عالم أنهي فيه وجود البوليس". وبغض النظر عن موقفه من الحركة السنوسية قال إن محاولة مصادرة كتب تتحدث عن تاريخ حركة تشكل إحدى حركات الإصلاح الديني الهامة في الوطن العربي محاولة لطمس جزء من التاريخ. ويقول ابن الطيب إن منع الكتب محاولة مضحكة "ذكرتني بأحد السجناء الذي حكم بالإعدام في جريمة قتل فما كان منه في محاولة لإلغاء الحكم إلا خطف ورقة الحكم من الشرطي وأكلها"، فهذا السجين أعدم بعد أن سببت له الورقة "عسر هضم". وسجل الشاعر صالح قادربوه أن الممارسات تتزامن مع خطاب الانفتاح الجديد على الرأي، وقال إن دولته ستظل "متخلفة" ما دامت الممارسات قائمة. ووصف الناقد سعد الحمري "الرقيب الليبي" بأحمق "لا يعي حتى معنى الرقابة"، ولاحظ كيف اختفت كتب المفكر الصادق النيهوم والأديب الراحل خليفة الفاخري من أرفف الدور المشاركة المحلية والعربية. وتساءل "لماذا المصادرة؟"، وأكد أن الرقابة ترفع المعدل البياني للكتاب حتى "لو كان أجوف"، وهي "محاولة عبثية" حسب الكاتب عبد الله الساعدي. وتوقع الكاتب فتحي نصيب حصول الكتب الممنوعة على "دعاية مجانية" ما كانت لتحدث لو سمح بعرضها، لكنه أكد وجود ثوابت يجب احترامها ومراعاتها، وذكّر بأن دول العالم حتى المتقدمة تمارس "رقابة صارمة" على الأخبار والمعلومات. كما دعت الصحفية زينب شاهين إلى الكتابة بمسؤولية، وقالت إن الحرية يجب أن تكون في حدود القيم والأخلاق والثوابت والتقاليد. ونفى المشرف العام لمعرض بنغازي عبد الرسول العريبي مصادرة أي كتاب بما فيها كتب النيهوم. وقال إن قرار المصادرة "غير صائب" ويؤثر على سمعة المعرض، لكنه اعتبر من حق الإدارة حجب الكتب حفاظا على مجموعة القيم المتفق عليها.