بين المطالب والمكاسب والتصعيد العسكري، تُدار جلسات الحوار الليبي في مدينة الصخيرات المغربية، بحثاً عن حل سياسي يوقف نزيف الدم بين فرقاء ليبيا. الحوار الليبي مُهدد بالفشل إذ ما استمر التصعيد العسكري بين المتناحرين.. بتلك الكلمات عبر المتابعون عن رؤاهم لنتائج جلسات التفاوض، ومدى استمرار الحوار في ظل تصعيد الجنرال العسكري خليفة حفتر وتكثيف ضرباته الجوية على طرابلس، وعمليات قوات فجر ليبيا في مدينة فشلوم. فالأزمة الليبية اقتربت من عامها الأول.. أكثر من 6 أشهر حوار ولا جديد، رغم مساعي بعض الدول لإيجاد حل توافقي يجمع كلا الأطراف. صخيرات المغرب وبدأ الحوار الليبي مشوار طويل من المفاوضات، فكانت البداية في غدامس برعاية أممية نهاية شهر أكتوبر لعام 2014، أعقبه تفاوضات في السودان والجزائر وجنيف الأولى والثانية والجزائر ثم المغرب وتحضيرات في الجزائر قبل أن يعقبها 4 جلسات في الصخيرات المغربية. قتال ليبي وحذر المؤتمر الوطني العام في ليبيا (برلمان طرابلس) أن "استمرار قصف" العاصمة الليبية قد يؤدي إلى نسف المفاوضات المستمرة في المغرب مع ممثلي برلمان طبرق. وقال محمد المعزب عضو وفد المؤتمر الوطني العام المفاوض "ليس من المجدي أن نستمر في الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع استمرار القصف لسكان آمنين في مدينة مثل طرابلس". وأضاف "اذا استمر قصف طرابلس فسيؤدي ذلك إلى تفجير المفاوضات"، لافتاً إلى أن "العاصمة فيها ثلاثة ملايين نسمة وهي مترامية الأطراف وليس فيها حاميات عسكرية، وبالتالي فإن ادخال المدينة في فوضى السلاح سيؤدي إلى تداعيات خطيرة ما قد يدعونا إلى مراجعة أنفسنا بعدم الاستمرار في هذه المفاوضات". أزمة سياسية بدوره، اعتبر أبو بكر بعيرة، عضو لجنة الحوار الممثلة لمجلس النواب الليبي، أن "الأزمة السياسية في ليبيا قد تكون أوشكت على الانتهاء". وأضاف أن "المجتمع الدولي انزعج بعد التصعيد العسكري الأخير، وفي ظل عدم حل المشكلة السياسية في ليبيا سيظل هذا السجال العسكري بين الأطراف الليبية المختلفة". وطلب مجلس النواب الليبي أثناء جلسات الحوار من الأممالمتحدة، التراجع عما ورد في المسودة الأولى لوثيقة الحل السياسي لبعثة الدعم في ليبيا بتحجيم مكانة المؤسسة التشريعية، وتعويضه بصلاحيات أكبر لمجلس النواب في المرحلة المقبلة. في غضون ذلك أعلن عدد من كتائب الثوار التابعة لوزارة الداخلية الليبية (التابعة لحكومة الإنقاذ) سيطرتها على منطقة فشلوم وسط العاصمة طرابلس كليًّا، بعد اقتحامها المنطقة للقضاء على مجموعة من المسلحين المنتمين لعملية الكرامة التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر. اشتباكات ببنغازي الحوار الليبي لن يقدم جديداً، بتلك العبارة تحدث محمد حسين الباحث في الشأن الليبي قائلاً: الأحداث الداخلية والصراعات بين فجر ليبيا وقوات حفتر ستعطل الحوار الليبي، مضيفاً أن التصعيد المسلح يأتي من الجانبين. وأوضح الباحث في الشأن الليبي ل"مصر العربية" أن الصراع الحاصل في ليبيا، في الأساس هو صراع بين قطر والإمارات، الأولى تدعم فجر ليبيا، والثانية تدعم حفتر والجيش الليبي، وبالتالي فما يحدث في المناطق الليبية لن يتوقف إلا بإبعاد كلا الطرفين عن المشهد. وتابع: تأجيل الحوار الليبي وانتقاله من دولة إلى أخري ليس في صالح الليبيين، فتأجيل الحوار مقصود من الغرب حتى ينتهي مدة شرعية المؤسسات المنتخبة في أكتوبر من العام الجاري، لتصبح ليبيا بعدها مستباحة من الجميع "لا برلمان ولا حكومات ولا مؤسسات. وفي تصريحات سابقة ل مصر العربية" قال الخبير في العلاقات الدولية الدكتور سعيد اللاوندي، إن الآمال معقودة على المباحثات السياسية بين فرقاء ليبيا، مضيفاً أن الأزمة الليبية لن تتأتي إلا بحل سياسي. وأوضح الخبير في العلاقات الدولية ل"مصر العربية" أن توحد الليبيين يجب أن يمر عبر طريقين هامين أولهما: الحل السياسي، والثاني: رفع مجلس الأمن قرار حظر بيع السلاح عن الجيش الليبي، وإعطائه الضوء الأخضر لملاحقة العناصر الإرهابية هناك. وتابع: رغم الفشل الزريع الذي لحق بغالبية الجولات التفاوضية السابقة في المغرب والجزائر من قبلها، وجينييف الأولى والثانية ومساعي تونس والسودان، إلا أن الاستقرار الذي يتمناه الشعب الليبي لن يحدث إلا بالحلول السياسية والتوافق المجتمعي. جانب من اشتباكات طرابلس في المقابل، هدد المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، بتعليق جولة الحوار الليبي، بأمر من الأممالمتحدة، احتجاجاً على أحداث طرابلس. وقال عيسى عبدالقيوم المتحدث الرسمي باسم وفد مجلس النواب الليبي المعترف به دولياً، أن بيرناردينو ليون وسيط الأزمة في ليبيا "هدد بتجميد الحوار"، إذا استمرت الخروقات الموجودة في حي فشلوم وفي طرابلس. وشدد على أن "وفد مجلس النواب يشارك في المفاوضات، من أجل الحل المدني"، موضحاً أن "ما يجري في طرابلس خرق للقواعد الناظمة للحوار"، أي المفاوضات السياسية في المغرب وأعلن عبدالقيوم في تصريحات صحفية، أن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، "سيجر البلد إلى التدخل الأجنبي"، مؤكداً على حرص "البرلمان الليبي على عدم حصول تدخل أجنبي، وحل الأزمة الليبية ليبيا" بحسب قوله. من جانبه، قال صلاح الشلوى المحلل السياسي الليبي إن مفاوضات الحوار الليبي لا تزال مستمرة في الصخيرات المغربية، مستبعداً أن يكون بين الليبيين ما يسمى بالفرصة الأخيرة. وأوضح الخبير السياسي في تصريحات تلفزيونية أن الحل السياسي للأزمة الليبية هو الأمثل الآن، مشيراً إلى أن غالبية الدول التي مرت بأحداث مشابهة للوضع الليبي، استغرقت وقتاً طويلاً، وبالتالي فعلى الجميع أن يعي ذلك. وتابع: نحن ندعوا إلى الحل السياسي، فالسياسة ستحدث يوماً ما، قائلاً إن الحوار الليبي هو طوق النجاة للجميع. فيما قال كامل المرعاش الكاتب الصحفي الليبي، إن ما نتج عن حوار الصخيرات لا ينذر بوجود استقرار وتفاوض جاد، مضيفاً أن ما يفعله المؤتمر الوطني العام في فشلوم أرجعنا إلى المربع صفر. وأوضح في تصريحات تلفزيونية أن الجلوس مع المؤتمر الوطني العام هو أكبر تنازل لبرلمان طبرق، قائلاً إننا لن نسمح بتمدد الملشيات في طرابلس. وتابع: القصف الجوي والتقدم للجيش الليبي تجاه طرابلس يعجل بسقوط الملشيات المسلحة. وتشهد ليبيا اشتباكات مسلحة واقتتال دامي منذ منتصف شهر مايو الماضي، بعد إعلان الجنرال العسكري خليفة حفتر عن عملية عسكرية ضد ثوار ليبيا ومقاتلي الفجر، أسماها "الكرامة" خلفت ورائها ألاف القتلى والجرحي. وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان، هما: إحداها تابعة لمجلس النواب بطبرق، وأخرى تابعة للمؤتمر الوطني العام، والتي تتخذ من طرابلس مقرا لها.