[email protected] منذ أن بدأت أزمة تجميد جريدة الشعب فى 20/5/2000 ، وكان أكثر الناس تشاؤما يظن أن الأمر سيستغرق ستة أشهر أو عام على أقصى تقدير، وأذكر فى هذا الصدد ما قاله لى الأستاذ إبراهيم نافع/ نقيب الصحفيين آنذاك، وكنت أسأله عن مصير العاملين الإداريين بعد الشهور الستة التى قرر إتحاد العمال صرف رواتبهم فيها، أن قال ساخرا "وهل تعتقد أن الأزمة ستسمر أطول من هذا؟!"، كان الرجل يعتقد أن الإدارة السياسية المصرية لديها منهج فى الخلاف، وأنها ستعمل على إزالة أسبابه، وأنها قادرة على ذلك فى أقل من ستة أشهر!!، ولا أعرف من أين أتى بهذا التصور وهو الرجل المحنك القريب من مراكز صنع القرار وصاحبه الأوحد. المهم الآن أن صحفيى وإداريى جريدة "الشعب" بعد تسعة أعوام ونصف العام، يعانون من وضع شاذ غير مسبوق، ولا مبرر، ولا مفهوم، وضع هو أشد وطأة من الاعتقال، وأنكى من النفى.. ولا ينقصه سوى سحب الجنسية.. والغريب جداً.. جداً.. أنهم يعانون هذا الوضع بلا سبب معروف، سواء لهم، أو للقائمين على الحكم. هناك ما هو معروف من خلاف سياسي بين حزب العمل وبين أهل الحكم، وقد تشطّت السلطة فى الخلاف إلى حد تجاوز القوانين التى وضعتها بيديها، وقد قامت السلطة بالفعل بهذا مع قيادات حزب العمل، فزجت يالراحل الكبير الأستاذ الدكتور/ محمد حلمى مراد وقد تجاوز الخامسة والسبعين فى الحبس، ثم كررت الفعلة مع المفكر المصرى العربى الكبير الراحل الأستاذ/ عادل حسين، ثم سجن فى قضية قيل عنها ما قيل.. قضية المبيدات المسرطنة والتى ثبت صحة كل ما جاء بشأنها على صفحات الشعب.. سجن مجدى حسين رئيس تحرير الشعب، وصلاح بديوى، ولأول مرة فى تارخ الصحافة كان ثالثهم رسام الكاريكاتير المبدع عصام حنفى، ولم تنسى المحكمة أن ُتغرم عادل حسين فى القضية مبلغا كبيرا يعلم القاصى والدانى أنه لا يملكه، وأنه لن يكون أمامه سوى السجن قضاء لهذا الدين لولا رحمة الله الذى اختاره قبل أن تنفذ فيه العقوبة. كل هذا يمكن فهمه فى إطار الغلو فى الخصومة السياسية.. وأيضا يمكن فهم ما قامت به أجهزة الأمن مع الراحل الكبير الأستاذ/ إبراهيم شكرى من إعداد وإخراج لمسرحية التنازع على الرئاسة، فى نفس الإطار، بعد أن فشل السجن فى ترويع هؤلاء الرجال البواسل.. يمكن فهمه.. ولابد من إدانته بالقطع. أما ما لا يمكن فهمه، فهو لماذا يعاقب هؤلاء الصحفيون والإداريون وعمال الخدمات، عقوبة جماعية تتجاوز فى قسوتها السجن والنفى؟! عقوبة يمكن وصفها بقتلهم أحياء؟! ومعظمهم لا علاقة له بالحياة الحزبية، ولا الكتابة السياسية، ولا العمل السياسي!! لماذا يصبحون بلا عمل ولا أجور ولا علاج ولا غطاء تأمينى؟! لماذا يجدون أنفسهم بُكْْم حينما يسألهم أبناؤهم إين تعمل يا أبت أو يا أم؟! السؤال الكبير الذى يحتار فيه هؤلاء هو.. ما هى جريمتنا؟؟!! والأدهى أنهم لا يعرفون من هو الذى يجب أن يوجهوا له هذا السؤال؟! إبنتى الكبرى تبلغ العشرين من العمر.. تسألنى أين مقر عملك ؟! هل تعمل فى نقابة الصحفيين ؟! لماذا لا تكتب فى الصحافة المطبوعة ؟! وبعد أن شرحت لها أن الجريدة مجمدة بقرار من لجنة شئون الأحزاب و.. قاطعتنى.. أنا أسأل عن جريمتك أنت.. ما هى جريمتك التى منعت بها من الكتابة والعمل، وحرمت بها من حقوق يتمتع بها كل طفل فى مصر بصرف النظر عن العمل.. حق التأمين الاجتماعى والمعاش عند التقاعد، والحق فى أجر يزداد مع الأيام ومع زيادة سنوات العمل والعمر والأعباء ؟! وأردفت ماذا أقول عن عمل أبى لشاب "مفترض" يمكن أن يأتى لطلب يدى؟؟؟؟!! يا أبت أنا لا أصدق أنهم ينكلون بك كل هذا التنكيل بلا جريمة شنعاء.. وبلا حكم قضائى قاطع.. ولولا أننى رأيت جواز سفرك لساورنى الشك فى أنهم نزعوا عنك الجنسية المصرية.. أعرف يا أبت من أحوالنا أنك لم تسرق.. أعرف مما تكتب " على الموقع الألكترونى" أنك تحب هذا البلد وتخلص له.. أعلم من صَلاتِك أنك مؤمن بالله.. أثق من علاقتك بجيراننا وأصدقائك أنك ودود معتدل الفكر.. فما هى جريمتك؟؟!!. السيد صفوت الشريف رئيس مجلسى الشورى والأعلى للصحافة.. أنا والله لا أعرف بماذا أجيب إبنتى.. فهل تعرف أنت ما هى جريمتى وجريمة زملائى المغدورين من صحفيين وإداريين وعمال ؟! أو تعرف ما الذى يمكن أن أرد به إتهام إبنتى وأبنائهم المبهم والموحى، الذى يفوق كل إتهام قسوة، وهل تعرف شخصا غيرك يمكن أن يكون مسؤولا عما أنا فيه من كرب؟؟! أنا.. والله لا أعرف!!