قالت معلومات حصلت عليها جريدة "لفيغارو" من عدة مصادر في أجهزة الاستخبارات الغربية أن علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، يعاني من سرطان بروستات في المرحلة الرابعة، أي أن الورم الخبيث انتشر في كل جسمه، وحيث أن سنّه بلغ 76 عامًا، فإن الأطباء يقدّرون أنه لم يتبقّ له سوى سنتين على قيد الحياة. وتضيف "لفيغارو"، في مقال بقلم فيليب جيلي، أن تلك الخلاصة الطبية تأكدت بعد العملية الجراحية التي خضع لها خامنئي في شهر سبتمبر الماضي من أجل استئصال جزئي للبروستات. وأن المرض الذي يعاني منه خامنئي منذ 10 سنوات لم يكن سرا، مع أن المعلومات المتوفرة بشأنه ظلت خاضعة لرقابة متشددة. ولكن المعلومات السابقة كانت تفيد بأن مرضه منخفض الحدّة، وقد دهش الأطباء في شهر سبتمبر حينما تبيّن لهم أن مرضه بلغ المرحلة النهائية. ويقول تقرير الجريدة، إن عددًا صغيرًا من الناس يعرف الوضع الحقيقي لصحّة المرشد، وعلاوة على المقربين منه، وخصوصًا ابنه مجتبى خامنئي، 45 سنة، واسع النفوذ في الأوساط الدينية والسياسية، الذي يستشيره والده كثيرًا، فالذين يعرفون السرّ يقتصرون على ديوان خامنئي، الذي يديره محمد كولبايكاني. ومع أن ديوان خامنئي يسعى لإبقاء الأمر سريا، فمن المشكوك فيه ألا يكون رئيس الجمهورية حسن روحاني مطلعا على الموضوع. وتتساءل "لفيغارو": "أي تأثير سيكون لمرض خامنئي على المفاوضات النووية الجارية حاليا، والتي يرجع له القرار الأخير بشأنها؟ ومن الصعب تقييم ذلك التأثير. فهو يمكن أن يكون تأثيرًا جسمانيًّا، حسب انتشار السرطان ونوعية العلاجات، كما يمكن أن يكون نفسيًّا". ويسأل خبير غربي: "هل يريد خامنئي أن يتذكره الإيرانيون زعيمًا سمح برفع العقوبات الغربية عن بلاده، أم زعيمًا حرص بالدرجة الأولى على صيانة تراث الثورة؟" في أي حال، لم تبدر حتى الآن أي بوادر ضعف واضحة، حتى أثناء تلاوة خامنئي خطابا استمر لمدة نصف ساعة في يوم 11فبراير. المرشحون إن أي تدهور مفاجئ لصحة المرشد يمكن أن يؤثر بحدة في معايير الخلافة، خصوصًا ان الروزنامة السياسية الإيرانية توفّر فرصا لعدد من الطامحين. في 21 أكتوبر الماضي توفّي رئيس مجلس الخبراء، آية الله رضا مهدوي-قاني عن عمر بلغ 83 عامًا، ويضم المجلس 86 خبيرًا يتم اختيارهم في انتخابات عامة كل ثماني سنوات، ووظيفته الرئيسية هي اختيار المرشد الأعلى. وتم تعيين آية الله العظمي هاشمي شهرودي (66 عاما) رئيسا مؤقتا للمجلس، ويُعَدّ شهرودي معتدلاً، ولو أنه مقرّب من خامنئي، وكان قد ترأس النظام القضائي الإيراني لمدة 10 سنوات، بين 1999 و2009. وهو يمتلك أرفع المؤهلات الدينية الشيعية، أي أنه "مرجع تقليد"، ما يخوّله إصدار الفتاوى. وسيعقد مجلس الخبراء اجتماعاً في 15 مارس بغية تثبيت شهرودي في منصب الرئاسة حتى نهاية دورة المجلس التي تنتهي خلال سنة. ففي العام 2016، سيكون على أعضاء المجلس أن يقدّموا ترشيحاتهم مجدداً. وسيكون ذلك الاختبار الحقيقي ل"شهرودي": فإذا ما احتفظ بمنصبه رئيسا ل"مجلس الخبراء"، فإنه سيكون في وضع يسمح له بالسعي لخلافة خامنئي، ولكنه سيواجه عددا من المنافسين. فمجلس الخبراء يضم آية الله أحمد خاتمي (55 عاما، وهو ليس من أقارب الرئيس الأسبق محمد خاتمي)، الذي يلقي خطبة الجمعة في جامع طهران الكبير، الأمر الذي يؤمن له تغطية إعلامية واسعة. وهنالك آية الله أحمد جنتي (88 عاما) الذي يعدّ من كبار المتشددين، والذي يرأس مجلس صيانة الدستور، الذي يصادق على أي قوانين صادرة عن مجلس النواب. ويعتقد أن مساعده آية الله مصباح يزدي (80 عاما) مرشّح أيضاً لخلافة خامنئي. وبين المرشحين أيضاً آية الله صادق آمولي لاريجاني (54 عاما)، وهو شقيق رئيس المجلس علي لاريجاني. ويمكن أن يكون المنصب مغريا لكل من هاشمي رفسنجاني (81 عاما)، والرئيس الحالي حسن روحاني (66 عاما). ولكن فرص روحاني يمكن أن تكون ضعيفة بسبب سمعته معتدلا، وكذلك لأن مؤهلاته الدينية قد لا تُعدّ كافية. وهذا مع أن مؤهلات خامنئي الدينية عُدّت غير كافية حينما تم تعيينه في العام 1989، ما اضطره للاعتماد على دعم الحرس الثوري، وإلى تعديلٍ دستوري سمح له بتبوء منصب المرشد الأعلى. وإن بعض المصادر لا تستبعد تعيين مجتبى خامنئي، الذي يدير حاليا ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري. في هذه الأثناء، يتابع الغربيون المناورات التي ستجري في طهران خلال الأشهر المقبلة. فعدد من الملفات الحاسمة ترتبط بالمرشد، وأبرزها: السعي لامتلاك قنبلة ذرية، والنزاع العراقي-السوري، والعداء المعلن لإسرائيل، والمنافسة مع السعودية، والانفتاح على الغرب.