محافظ مطروح يعتمد المرحلة الثانية لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي العام    رئيس الوزراء يتفقد محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر بمدينة العلمين الجديدة    أسعار الخضار والفاكهة اليوم السبت 26-7-2025 بمنافذ المجمعات الاستهلاكية    40 ندوة إرشادية لمزارعى 13 محافظة على مواجهة التأثيرات السلبية لتغيرات المناخ    مصلحة الضرائب تصدر قرار مرحلة جديدة من منظومة الإيصال الإلكتروني    مصر تشارك في صياغة الإعلان الوزاري لمجموعة عمل التنمية التابعة لمجموعة العشرين    زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب بحر أندامان في الهند    122 شهيدا جراء المجاعة وسوء التغذية بقطاع غزة من بينهم 83 طفلا    "المصرى الديمقراطى" يرفض تحميل الدولة المصرية مسؤولية جرائم الاحتلال فى غزة    كمبوديا تغلق المجال الجوي فوق مناطق الاشتباك مع تايلاند    "لوفيجارو": مأساة غزة تختبر إنسانية الغرب وعجزه السياسي    لوموند: قمة بكين تكشف ضعف أوروبا الكبير في مواجهة الصين    الثالث منذ أمس.. وفاة رضيع نتيجة سوء التغذية والمجاعة في غزة    حسام عبد المجيد مستمر مع الزمالك بعد فشل مفاوضات الاحتراف الخارجي    منتخب الطائرة ينتظم فى معسكر سلوفينيا استعدادًا لبطولة العالم بالفلبين    سيراميكا يواجه دكرنس غداً فى رابع ودياته استعداداً للموسم الجديد    إنتر ميامي يتعاقد مع صديق ميسي    بالصور.. وزير الرياضة ومحافظ الجيزة يفتتحان حمام سباحة نزل الشباب الدولي    أخبار مصر.. نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. إعلان الأوائل بعد قليل    طبيب سموم يكشف سبب وفاة الأطفال ال6 ووالدهم بالمنيا.. فيديو    خطوات التعامل مع حساب إنستجرام المزيف الذي ينتحل شخصيتك.. تعرف عليها    زوجة راغب علامة تحسم الجدل بشأن شائعة انفصالهما بصورة وتعليق.. ماذا قالت؟    نقيب الموسيقيين بلبنان ل"اليوم السابع": زياد الرحبانى كان بعيدا وفقدنا فنان عظيم    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقيع كتاب يوثق رحلتها المسرحية    الصحة: مصر تستعرض تجربتها في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين» خلال مؤتمر إفريقيا للقضاء على الإيدز والتهاب الكبد B والزهري    "الصحة": دعم المنظومة الصحية بالبحيرة بجهازي قسطرة قلبية بقيمة 46 مليون جنيه    تحتوي على مكونات مفيدة تحفز الطاقة والمناعة.. تعرف على أفضل المشروبات الصحية الصيفية    غينيا تتجاوز 300 إصابة مؤكدة بجدري القرود وسط حالة طوارئ صحية عامة    تنسيق الجامعات 2025.. تسجيل الرغبات بموقع التنسيق الإلكتروني مجانا    وزير الري يتابع مشروع مكافحة الحشائش المائية في البحيرات العظمى    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    بالأرقام.. الحكومة تضخ 742.5 مليار جنيه لدعم المواطن في موازنة 25/26    انخفاض أسعار الدواجن اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    أسامة قابيل: من يُحلل الحشيش يُخادع الناس.. فهل يرضى أن يشربه أولاده وأحفاده؟    "تأقلمت سريعًا".. صفقة الأهلي الجديدة يتحدث عن فوائد معسكر تونس    "قصص متفوتكش".. محمد صلاح يتسوق في هونج كونج.. نداء عاجل لأفشة.. ورسالة إمام عاشور لزوجته    أعرف التفاصيل .. فرص عمل بالأردن بمرتبات تصل إلى 35 ألف جنيه    القضاء الأمريكى يوقف قيود ترامب على منح الجنسية بالولادة    تشغيل قطارات جديدة على خط مطروح    تعرف على موعد عرض أولى حلقات مسلسل « قهوة 2» ل أحمد فهمي    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    أحمد السقا: «لما الكل بيهاجمني بسكت.. ومبشوفش نفسي بطل أكشن»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرف على أسباب ضرب السيسى ليبيا الآن
نشر في الشعب يوم 17 - 02 - 2015


(1) حقائق مُهمة ينبغي أن تعرفها!
أ – عملية خطف الأقباط المصريين لم تتم في الأيام الحالية، ربما سمع عنها الكثيرون الآن بعد انتشار صورتهم بالملابس البرتقالية كأسرى على أحد شواطئ ليبيا، لكنها تمت على مرحلتين، الأولى في الثلاثين من ديسمبر للعام 2014 حيث خُطف 7 من المصريين الأقباط وهم من مركز سمالوط بمحافظة المنيا في طريق عودتهم لمصر في مدينة (سرت) شرقي ليبيا، ثم 14 آخرون في الثالث من يناير الماضي من قلب أماكن سكناهم في نفس المدينة (سرت) أيضًا، أي أن المصريين أمضوا في الأسر ما بين ال(42 : 45) يومًا!
ب - لم تكن هذه الحادثة الأولى، فقبل خطف السبعة بنحو أسبوع تم قتل طبيب مصري وزوجته في قلب بيته في منطقة جارف، جارف في (سرت) أيضًا بالمناسبة، وخطفت ابنتهما والتي تم العثور على جثتها بعدها بأيام قليلة، وفي 24 من فبراير للعام الماضي تم خطف سبعة مصريين من منزلهم ثم إعدامهم (رصاصة في كل رأس) وألقيت جثثهم في إحدى ضواحي بني غازي لتعثر عليها السلطات الليبية حينها، بينما صرحت وزارة الخارجية أنها لن تعلق، وسوف تصدر بيانًا بهذا الشأن لاحقًا كما نشرت الBBC البريطانية في وقتها!
ج - سنعود للمصريين الذين ذبحهم تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم (داعش) في التو واللحظة، لكن هناك قصة في منتهى الأهمية أولًا.
في الجمعة، الرابع والعشرين من يناير لعام 2014 كان شعبان هدية المعروف باسم (أبو عبيدة الزاوي) رئيس غرفة عمليات ثوار ليبيا التابعة (صوريًا) لرئاسة أركان الجيش الليبي في الإسكندرية، السلطات المصرية التي رصدت تحركاته اعتقلته، والاعتقال تم بلا أي أسباب معلنة على الرغم من أن أبو عبيدة تقنيًا تابع للسلك الدبلوماسي الليبي الرسمي وليس من ميليشيات ضد الحكومة الليبية!
وكالة الأنباء الليبية الرسمية حينها صرحت بأن (رئاسة المؤتمر الوطني العام) أصدرت تعليماتها للحكومة الليبية ولرئيس جهاز المخابرات العامة وللسفير الليبي لدى مصر بضرورة اتخاذ كل الإجراءات العاجلة للإفراج الفوري عن أبو عبيدة، وأدانت الرئاسة نفسها الاعتقال، لكن غرفة عمليات الثوار كان لها رأي آخر!
في نفس اليوم، مساءً، خطفت مجموعة مسلحة الملحق الإداري للسفارة المصرية في ليبيا، ثم في يوم السبت أكملوا العمليات باختطاف الملحق الثقافي وثلاثة موظفين في المركز الثقافي بالسفارة ليكتمل العدد (خمسة) دبلوماسيين مخطوفين في غضون 24 ساعة فقط من اعتقال أبو عبيدة!
طالبت المجموعة الخاطفة بإطلاق سراح فوري لأبو عبيدة مقابل الإفراج عن الدبلوماسيين الخمسة، بينما نفت غرفة عمليات الثوار أن تكون ضليعة بالعملية. على الفور تحركت القاهرة لتنسق مع الجانب الليبي، بعد 48 ساعة فقط، وفي الاثنين السابع والعشرين من يناير أفرجت وزارة الداخلية المصرية عن أبو عبيدة لتطلق المجموعة المسلحة (المجهولة) سراح الدبلوماسيين الخمسة وليعودوا سالمين لمصر، ثم ستصدر القاهرة قرارًا بإجلاء جميع العاملين الدبلوماسيين المصريين (الرسميين) في ليبيا بعد هذا الاختطاف.
د – الآن عودة لقتلى ليبيا من المصريين، بعد أن تم اكتمال العدد عشرين بالاختطاف الثاني في 3 يناير الماضي، أمر عبد الفتاح السيسي بإنشاء خلية أزمة تضم ممثلين لكافة الأجهزة المعنية وعلى رأسها (رئاسة الجمهورية/ وزارة الدفاع/ وزارة الخارجية) لبحث كيفية الإفراج عن العشرين مصريًا، على مدار شهر ونصف تقريبًا، كل ما فعلته خلية الأزمة هو إجراء محادثات مع شيوخ القبائل الليبية، والسلطات الليبية الرسمية، ووزراء خارجية أوروبيين، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، لأن سامح شكري وزير الخارجية والقائم على الاتصالات السيادية أكد أن الإرهاب خطر يواجه الجميع!
في نفس الوقت، وبالتحديد في 19 يناير الماضي، وبعد أكثر من أسبوعين على الاختطاف، نظم العشرات من أهالي المختطفين وقفة احتجاجية أمام وزارة الخارجية مطالبين بسرعة التحرك للإفراج عن ذويهم، فيما أكد بعضهم أن الخارجية لم تبذل أي مساعٍ أو جهود بناءة لاستعادة أبنائهم!
بعد الكثير من الاجتماعات، والكثير من الاتصالات، والكثير من اللجان المنبثقة من خلية الأزمة المصرية، والكثير من محلب رئيس الوزراء المصري الذي قال لشقيق أحد المختطفين أنه مستعد لتسليم نفسه ليعودوا جميعًا، وفي الجمعة الماضية (الثالث عشر من فبراير) صرح العمدة (أحمد طرام) مستشار الرئاسة المصرية لشئون القبائل في برنامج الحياة اليوم أن قبائل ليبيا أكدوا من قبل أن المختطفين على قيد الحياة ولم يعدموا، وأنه خلال 48 ساعة سيسمع أهالي المصريين أخبارًا سارة عن أبنائهم المختطفين في أيدي العصابات المسلحة!
بعد 48 ساعة بالضبط، تم إعدام الجميع!
(2) ما الذي يحدث في ليبيا؟
بعد شهور من الصراع الدموي والذي انتهى بإسقاط نظام القذافي بدعم دولي لإنهائه منذ ثلاث سنوات، انقسم الداخل الليبي بعد فترة فوضى عارمة لقسمين مباشرين، قسم الدولة (المفترضة) بحكومتها الانتقالية وتمثيلها الدبلوماسي وتحالفاتها الداخلية القبلية والدولية، وقسم الجماعات المسلحة التي لا يجمعها ضابط من أي نوع وتعمل وفقًا لأهداف وغايات مختلفة.
الجماعات المسلحة خارج سيطرة الدولة تمامًا وتحكم فعليًا مناطق صراع بسيطرة تامة منها في ليبيا، وهي ثلاثة أنواع، أولها الجماعات المكانية التي تتبع لمدينة ما أو قبيلة ما، ثانيها الجماعات الفكرية والتي تنطلق من خلفية عقائدية أو أيديولوجية معينة، وثالثها جماعات أخرى بنسبة أقل تتبع أشخاصًا معينين لهم نفوذ داخلي في ليبيا.
الآن، هناك 23 كيانًا مسلحًا في ليبيا، منهم أحد عشر كيانًا مع المؤتمر الوطني العام (حكومة طرابلس) أهمهم (قوات فجر ليبيا/ تنظيم أنصار الشريعة/ ثوار مصراتة/ كتيبة الفاروق/ مجلس شورى ثوار بني غازي)، ومن هؤلاء من لا يدعم المؤتمر الوطني العام (كتنظيم أنصار الشريعة مثلًا) ولكنه يقاتل قوات حفتر، واثنا عشر كيانًا مع مجلس النواب بمدينة طبرق وفيها رئيس الوزراء الليبي المعترف به دوليًا (عبد الله الثني) وهي التي فيها قوات رئاسة الأركان التي يدعمها (خليفة حفتر)، الاسم الشهير المتهم بالانقلاب على شرعية ما بعد الثورة، والذي يدعمه النظام الحاكم في مصر بشكل غير مباشر.
من أهم من يقف مع مجلس نواب طبرق من الفصائل المسلحة (قوات رئاسة أركان الجيش/ قوات حرس المنشآت النفطية/ كتائب الزنتان/ درع الغربية/ صحوات المناطق/ قوات الصاعقة/ كتيبة حسن الجويفي/ كتيبة محمد المقريف)، لكن السيطرة الأكبر على موارد البلاد ومقراتها ومدنها للمؤتمر الوطني العام بينما تتمركز حكومة الثني في أقصى شرق ليبيا في (طبرق)، المؤتمر الوطني العام يسيطر بلا اعتراف دولي، وتحالف الثني يقاتل باعتراف دولي ودعم من الجارة الأهم “مصر”.
بجانب كل هؤلاء، دخل الساحة الليبية منذ فترة أسطورة الرعب التي يروج لها العالم وهي (تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم داعش)، وهو التنظيم الوحيد الذي تتفق أغلب هذه الفصائل المتصارعة على أنه بات خطرًا واضحًا يتمدد في ليبيا بانتظام، بينما بايعه بعض أعضاء هذه التنظيمات مثل البعض من تنظيم (أنصار الشريعة)، وداعش بالأساس موجودة في درنة على ساحل البحر المتوسط وبعض المناطق في بني غازي.
معنى ذلك أن في ليبيا الآن حكومتين منفصلتين، إحداهما (حكومة المؤتمر الوطني العام) بقيادة عمر الحاسي، وأخرى وهي (حكومة البيضاء) بقيادة عبد الله الثني قبل أن تنقل عملها لطبرق بعد أن خيرها تنظيم مجلس ثوار ليبيا بين مغادرة المدينة وبين القتل، والوضع، بلا أي شك يُدفع في اتجاه تقسيم ليبيا وبدء عهد (دويلات ليبيا الانفصالية).
(3) ما هي مكونات التحالف الإقليمي في ليبيا؟!
في أكتوبر الماضي نشرت الواشنطن بوست مقالًا بعنوان (هل ليبيا حربٌ بالوكالة؟) تطرقت فيه لتشكيل التحالف الإقليمي الذي يحاول فرض السيطرة على المشهد الليبي المعقد والمتداخل بشدة، هذا التحالف يشكله ثلاثة لاعبين رئيسيين هم (مصر/ الإمارات/ الجزائر).
مصر، وفي عهد ما بعد صعود الجنرال عبد الفتاح السيسي للحكم؛ أصبحت تنظر إلى ليبيا على أنها خطر داهم يهدد مؤسسات وبنية الدولة المصرية بسبب سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة على المشهد هناك، فضلًا عن تصدير التوتر من النقاط الحدودية شديدة الهشاشة في الغرب مع ليبيا، وهو ما حدث فعلًا في عملية مقتل ال21 جنديًا في العام الماضي على الحدود المصرية الليبية في ظروف ملتبسة لم يعرف أحد وجه صحتها بدقة حتى الآن.
الإمارات ترى في صعود التيار الإسلامي في ليبيا خطرًا داهمًا عليها فيما بعد، وتخشى الإخوان المسلمين كالعادة مع أنهم في حقبة ما بعد القذافي اتخذوا – تبعًا لأيديولوجيتهم – مسارًا سلميًا مؤمنين بأن خير الطرق للنهضة هو التغيير السلمي حتى مع طبيعة ليبيا الداخلية العنيفة، لكنها ترى تصاعدًا في النفوذ القطري المتغلغل في نظام ما بعد القذافي، أما الجزائر فهي تخشى بشدة تصاعد الجماعات الإسلامية المسلحة وسيطرتها مما يؤدي إلى تصدير التوتر للداخل الجزائري، مع مساهمة ذلك فيما بعد في تفكيك القبضة الأمنية الحديدية التي يبسط بها الجيش الجزائري يده على مقاليد الحكم هناك!
المشكلة، أن حفتر لم يكن على مستوى التطلعات، وفشل بشدة في إثارة إعجاب التحالف الإقليمي غير المباشر، مما أدى لإهمال دعمه خصوصًا من جانب الجارة الأهم (مصر)، فالجماعات الإسلامية تنتشر بالطول والعرض في ليبيا، ومجلس نواب طبرق ينزوي باستمرار ولو نُقِلَ عنه الدعمُ والاعترافُ الدوليان لانتهى تمامًا، وداعش تصعد باستمرار وتشكل ثقبًا أسود يتوسع بانتظام وبثقة في ليبيا.
تبدو هنا الضربة العسكرية الجوية المصرية بداية مفهومة لما سيحدث فيما بعد على الأغلب، ومحاولة التدخل لمعادلة كفة الميزان مرة أخرى وتنفيذ الرؤية المصرية الإماراتية الجزائرية المشتركة هناك، ومنع تصاعد نفوذ جماعات الإسلام السياسي، والأهم السيطرة على (داعش) قبل أن تتمدد أكثر في ليبيا وتؤسس لولاية شمال أفريقيا كما أعلنت من قبل!
من سيسيطر عسكريًا على ليبيا بالطبع ستكون له السيطرة الكبرى على منابع النفط، ثروة البلاد الأولى، مما يؤدي إلى الاعتراف الدولي به آجلًا إن لم يكن عاجلًا، ومن يدعم المسيطر المفترض هناك سيكون له النفوذ الأكبر في الداخل الليبي مما يؤدي لوجود أوراق لعب بيده يضغط بها أيضًا على الجارتين المباشرتين (مصر والجزائر) إن لم ينجح التحالف الإقليمي غير المباشر في بسط سيطرته في ليبيا عن طريق من يدعمهم في الداخل!
(4) هل هذه هي الضربة الجوية الأولي لمصر في ليبيا؟
في الثلاثاء، السادس والعشرين من أغسطس لعام 2014 أقرت الولايات المتحدة لأول مرة بأن مصر والإمارات العربية المتحدة نفذتا ضربات جوية مشتركة على أهداف عسكرية لفصائل إسلامية في ليبيا، وكان التصريح رسميًا على مستوى عالٍ وقام به الأميرال (جون كيربي) أحد المتحدثين باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، قبلها صرح مسئولون أمريكيون لوكالة فرانس برس أن مقاتلات إماراتية شنت هجومًا جويًا مرتين على مواقع لميليشيات إسلامية مسلحة في طرابلس انطلاقًا من قواعد جوية عسكرية مصرية، وأكدت الأمرَ في نفس السياق صحيفةُ نيويورك تايمز حينها وأضافت على لسان مصدرين من مصادرها الرسمية الأمريكية أن الطائرات الإماراتية قادها طيارون أمريكيون!
الضربة الثانية كانت فجر اليوم، حيث صرحت القوات المسلحة المصرية بأن القوات الجوية قامت بضربات انتقامية سريعة على بعض معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخيرة تابعة ل(داعش) في درنة، وأنها عادت بعد الضربات لقواعدها بلا خسائر، وتناثرت أخبار أن الضربة تسببت في وقوع 40 قتيلًا من تنظيم الدولة الإسلامية المسيطر على درنة!
من جانبه أعلن مجلس شورى مجاهدي (درنة) وضواحيها أن الضربات الجوية أوقعت عددًا كبيرًا من المدنيين قتلى بينهم أطفال ونساء، وقالت مصادر أخرى أن القتلى 7 مدنيين و17 جريحًا، وطمأن البيانُ المصريين الموجودين بدرنة بأنهم في حسن ضيافة وأمان كما عهدوا منذ عقود، وأن الرد على حفتر ومن ورائه السيسي سيكون قاسيًا وفي الزمان والمكان المناسبين بحسب البيان.
وتطرق بيان المجلس للتحريض الإعلامي المصري في العام الماضي على التدخل العسكري في ليبيا، وهو أمر صحيح بالفعل، حيث طالب أحمد موسى ومصطفى بكري وتوفيق عكاشة في العام المنصرم بضرورة تدخل الجيش المصري لضرب الجماعات المسلحة في ليبيا بشكل مباشر، وهو ما أكده أكثر عماد الدين أديب – المقرب من السلطات المصرية – في مقال له في نفس الفترة داعيًا قوات التدخل السريع المصرية لأعمال استباقية لضرب الإرهاب في ليبيا والسودان وغزة!
(5) لماذا قصف درنة تحديدًا؟
درنة هي معقل المعارضة الإسلامية في عهد القذافي، بعدها، تحولت لنقطة تجمع والتقاء أعضاء الكثير من الجماعات الإسلامية المسلحة في ليبيا، وهي أول مدينة ليبية تبايع تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) علانية، حيث شهدت أول استعراض عسكري لقافلة سيارات تابعة للتنظيم الدولي في ديسمبر من العام الماضي، وتمثل نقطة انطلاق وتوزيع رئيسية لمقاتلي داعش في ليبيا.
والمدينة قريبة من طبرق ومن البيضاء، والمدينتان تعتبران مقرات مجلس النواب الطبرقي والحكومة المعترف بها دوليًا بقيادة الثني والمتحالفة مع حفتر، لذلك فدرنة بشكل واضح تدخل في المناطق الرئيسية والحيوية التي يسيطر عليها جماعات إسلامية مسلحة معادية للتحالف الإقليمي الذي تقوده مصر بشكل غير مباشر!
تضرب رئاسة الأركان العامة في ليبيا حصارًا على المدينة، طوق أمني يجلب اشتباكات مستمرة ومتجددة بين التنظيمات المسلحة التي تسيطر على المدينة وبين قوات مجلس نواب طبرق، آخرها كانت في يناير الماضي حيث حاولت عناصر مقاتلة من تنظيمات درنة المجتمعة تحت اسم (مجلس شورى مجاهدي درنة) اختراق الطوق الأمني لتنشأ معركة تسببت في مقتل ثلاثة عشر شخصًا على الأقل وإصابة خمسة عشر آخرين من الطرفين، ثم أخرى في أول الشهر الجاري كانت نتيجتها أحد عشر جنديًا قتيلًا من قوات رئاسة الأركان على يد (داعش) كما صرح حينها محمد بزازة المتحدث باسم الحكومة الليبية.
درنة هي من الأماكن الرئيسية الآن لتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا على الرغم من وجوده في سرت (مكان اختطاف المصريين) ووجوده في بني غازي وطرابلس بشكل أقل.
(6) لماذا يدعم حفتر التدخل العسكري المصري؟!
بعد قيام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بذبح المصريين الأقباط هناك، خرج اللواء (خليفة حفتر) داعيًا القوات العسكرية المصرية بالدخول وتوجيه ضربة للتنظيمات المتشددة المسئولة عن مقتل هذا العدد من المصريين، وأضاف أنه يدعم التدخل العسكري المصري إن تم بكل قوته، وأن هذه التنظيمات المتشددة مدعومة من تركيا وقطر والسودان وهدفها في النهاية ضرب مصر بالإرهاب بشكل مباشر، ولا يجب أن تكون الحدود عائقًا أمام أي عمل لضرب هذه المجموعات الإرهابية؛ فأي مدينة ليبية كأي مدينة مصرية ولذلك نؤيد التدخل العسكري المصري بقوة!
في 16 مايو من العام الماضي أطلق اللواء المتقاعد (خليفة حفتر) – قائد التدخل الليبي الكارثي الشهير في تشاد والعائد إلى ليبيا في 2011 في محاولة فاشلة لتولي مقاليد قيادة الجيش – عملية (كرامة ليبيا) في مدينة بني غازي بهدف معلن وهو (القضاء على التشكيلات المسلحة) وهدف فعلي وهو (تدمير كتائب أنصار الشريعة) المسيطرة على بني غازي، العاصمة الفعلية والاقتصادية لليبيا، والمهمة نفطيًا. حينها خرج رئيس الوزراء المؤقت عبد الله الثني يشجب ما حدث وأن أي عملية بدون إذن رئاسة أركان الجيش الليبي مرفوضة تمامًا، وقال أن المجموعات التي يقودها حفتر خارجة على شرعية الدولة الليبية!
الموقف الليبي الرسمي سيتغير تمامًا بعد أربعة أشهر فقط، ليخرج عبد الله الثني بنفسه ويؤيد ما فعله حفتر ومبديًا ترحيبه بأي مجموعات مدنية مسلحة تقاتل بجانب الجيش الليبي. عملية حفتر بالطبع كانت تعتمد في أساسها على مجموعات مدنية مسلحة وهم من عرفوا بعد ذلك ب(الصحوات)، وفي يناير الماضي وقع رئيس مجلس النواب المنحل في طبرق قراره بإعادة خليفة حفتر للخدمة في الجيش الليبي برتبة عسكرية عاملة مع 129 من الضباط المتقاعدين!
الوضع العسكري في ليبيا – ما قبل قتل المصريين – كان يميل باستمرار لصالح المؤتمر الوطني العام ومن يقاتلون معه أو من يقاتلون حفتر عمومًا، حتى ولو لم يكن بينهم اتحاد بشكل ما، وعملية الكرامة بشكل عملي تقريبًا انتهت على الأرض منذ زمن، ويبدو التدخل العسكري المصري لو تم قبلة حياة حقيقية لحفتر وقواته في مواجهة التنظيمات الإسلامية المسلحة باختلاف توجهاتها
المصدر : ساسة بوست.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.