يكشف محمد رجب، أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل، عن حقيقة الصراعات بين رجال الحرس القديم وعلى رأسه كمال الشاذلي، والحرس الحديث الذي يظهر كامل الولاء لجمال مبارك، فيقول رجب: نعم كان هناك صراع بين كمال الشاذلي وأحمد عز، ففي البداية لم يكن الصراع معلومًا لدى الجميع، وتصاعد هذا الصراع وبدأ يظهر على السطح، نتيجة تمسك كل من كمال الشاذلي وأحمد عز برأيهما في بعض الموضوعات، ولكن البداية الحقيقية لهذا الصراع الحقيقي ظهرت منذ أن كان عز في بدايته عضوًا في الأمانة العامة، وكان الشاذلي هو مهندس النظام الذي يضع القواعد والأسس والدوائر، وهو بطبيعة الحال الذي اخترع دائرة السادات بالمنوفية لأجل أحمد عز فقط، ومن هنا بدأ نجم عز في الصعود، ثم كان لدخوله الأمانة العامة مع شلة جمال مبارك أثر كبير في بروز نجمه. وكان عز يجالس كمال الشاذلي لأكثر من ساعتين يوميًّا في هذا الوقت؛ حيث بادرت بسؤال الشاذلي حينها «هو عز بيقعد عندك الوقت ده كله ليه؟»، فضحك الشاذلي ساخرًا «وكأنه يقول لي إن هناك أسرارًا في العملية التنظيمية داخل الحزب»، ومن هنا أدركت أن أحمد عز سيجلس على كرسي كمال الشاذلي وحذرته من ذلك، لكنه لم يهتم، حتى آلت إلى أحمد عز أمانة التنظيم بالفعل، وسيطرت شلة جمال مبارك على الحزب، والجميع تآمروا بعد ذلك على كمال الشاذلي. ويضيف محمد رجب: أحمد عز كان ناجحًا كرئيس شركة، لكنه عندما خلط الثروة بالسلطة، وحاول دمج إمكانياته الاقتصادية في البرلمان لخدمة مشروعاته الخاصة، فشل وأفشل الحزب وأثار الرأي العام ضدنا، ولم يتعلم من تجربته في الخارج، أو يستفيد من نموذج رجال الأعمال والساسة في أمريكا "فهم عندما يدخلون مجال السياسة يبتعدون عن البيزنس، ويوقفون نشاطهم حتى نهاية حياتهم السياسية". أما مسألة الإطاحة بكمال الشاذلي، وما ظهر من تداعيات الصراع بينهما.. فأنا لم أستطع مقابلة الشاذلي بعد عودته من العلاج بالخارج بسبب شدة مرضه. والحالة التي وصل إليها وكنتُ مشفقُا عليه جدًا.. لكن الحقيقة هي أن الجميع تآمروا على كمال الشاذلي وليس أحمد عز وحده، وإن كان عز هو الأكثر فجاجة في تقليص دور الشاذلي داخل الحزب بعد مشواره الطويل، وكان ذلك بمثابة الاغتيال المعنوي للرجل الأقوى باعتباره أول أمين تنظيم للحزب، لكن إلى جواره كان هناك آخرون عانوا من عز مثل زكريا عزمي وصفوت الشريف الذي له تاريخ طويل وخبرة سياسية تنظيمية فائقة بحكم المدة التي قضاها في الحزب، وبحكم خبرة عمله في المخابرات. لكن في النهاية البلد كانت مشكلتها أن البعض كان يعمل لحساب الرئيس فقط، فعندما يكون الرئيس صاحب سلطات مطلقة يكون العمل لحسابه هو السائد. وهناك واقعة حدثت في البرلمان، تشير إلى ذلك قبل حل جهاز المدعي العام الاشتراكي، وكان المسئولون عن إدارته من الشخصيات التي يرشحها الرئيس بعد أخذ رأي مجلس الشعب؛ حيث كان هناك شخص مرشح لهذا المنصب، وعند عرض الموضوع على المجلس، اعترض بعض الأعضاء، ومنهم الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء السابق، ومرت الأيام والتقى الرئيس أعضاء مجلس الشعب والشورى. وعندما رأى النائب الدكتور حمدي السيد، قال له حرفيا «إيه بتعترض على قرار رئيس الجمهورية يا حمدي، وعنفه أمام الجميع»، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة. وتعرض حمدي للاغتيال السياسي وقتها وللاضطهاد من رموز الحزب. ويقول محمد رجب: يوسف والي كان من رموز الحزب الموالين لمبارك في كل شيء، ولكنه كان على خلاف مع جمال مبارك، فهناك واقعة حدثت أمامي في أحد اجتماعات الأمانة العامة للحزب، وفيها انتقد جمال مبارك سياسة الحزب في الشارع، وأنا ساندته في الرأي، لأنه كان موضوعي، وفى هذا الاجتماع، رد يوسف والي على جمال مبارك قائلًا «أنت مش فاهم حاجة»، رغم أن يوسف والي لم يكن في يوم من الأيام يرد على أي شيء مما يقال، وهنا تدخل زكريا عزمي معنفًا يوسف والي «أنت ازي ترد على جمال مبارك»، وكان هذا آخر اجتماع يحضره يوسف والي. وحول مَن كان يدير الحزب الوطني في السنوات الأخيرة قبل ثورة 25 يناير، يقول أمين تنظيم المنحل: عند إعادة تشكيل الأمانة العامة تم استبعاد كمال الشاذلي، ويوسف والي، ولكن عند عرض التشكيل على الرئيس (المخلوع) مبارك، اعترض في أول الأمر، لكنه في النهاية ترك الموضوع لابنه جمال وأحمد عز. وجمال مبارك في الفترة الأخيرة قبل الثورة كان يوجه سياسات الحزب. في السنوات الأخيرة كان الرئيس مبارك لا يدير الأمور فعليًّا، وكانت أشياء غريبة تحدث، ومنها على سبيل المثال، أن زكريا عزمي والفريق القريب من الدائرة الضيقة لم يكونوا يعرضون على مبارك صحف المعارضة، لأنها - حسب وصفهم- كانت تحرق دمه، وكان من يدير كل الأمور في الحزب أحمد عز وجمال مبارك. وهناك الكثير من الحقائق التي كانت غائبة عن الرئيس، وبالطبع لم يكن يعلم أو يدري بالمشهد كاملا.