امتنع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بجماعة "الإخوان المسلمين" والأمين العام لاتحاد الأطباء العرب عن الرد على أسئلة نيابة أمن الدولة العليا، أثناء مثوله أمامها في مستهل التحقيقات معه في القضية المعروفة إعلاميا ب "قضية التنظيم الدولي للإخوان". وأمرت النيابة بحبس أبو الفتوح و6 آخرين 15 يوما على ذمة التحقيقات، بعد أن وجهت إلى القيادي الإخواني تهمة الانضمام إلى جماعة محظورة قانونا وإعادة إحياء التنظيم الدولي للجماعة والاتصال بمنظمات "إرهابية"، واستغلال منصبه كأمين عام لاتحاد الأطباء العرب في دعم منظمات "إرهابية" وغسيل أموال. ولدى مواجهته بالاتهامات، أكد أبو الفتوح أنه لن يرد عليها، لأن هذه التهم ليست جديدة وسبق أن حوكم عليها أمام المحكمة العسكرية، في إشارة إلى محاكمته عسكريا ومعاقبته بالسجن خمس سنوات في فترة التسعينات، فضلا عن الحصانة التي يجب أن يتمتع بها، بصفته عضوا بالهيئة العليا للمجلس الطبي العربي التابع للجامعة العربية، بموجب اتفاقيه المقر الخاصة بالجامعة التي يتبعها اتحاد الأطباء العرب الذي يشغل منصب الأمين العام به. وقال أبو الفتوح أمام محمد الفيصل رئيس نيابة أمن الدولة العليا "إن الإذن الصادر بضبطه باطل لأنه يقوم بعمل دبلوماسي تابع لجامعة الدول العربية فيما يخص لجنة الإغاثة الإنسانية التابعة لاتحاد الأطباء العرب". يأتي هذا فيما أفرجت النيابة أمس عن المستشار فتحي لاشين (80 عاما)، الخبير الاستشاري في المعاملات الشرعية والمستشار السابق بوزارة العدل، وقررت إعادته إلى منزله، في ظل تدهور حالته الصحية، خاصة وأنه يعانى الإصابة الفشل الكلوي، ويعجز عن الحركة، بعد قضائه يوما كاملا في مستشفي إمبابة تحت حراسة أمنية مشددة. وقال عبد المنعم عبد المقصود محامي "الإخوان" إن النيابة انتقلت مساء الأحد إلى مستشفى إمبابة، حيث قامت باستجواب الدكتور لاشين في غياب هيئه الدفاع عنه، حيث لم تقم بإخطار المحامين لحضور التحقيقات. واعتبر أن قرار الإفراج عن لاشين ليس مؤشرا على وجود انفراجة أو توجه من جانب الدولة للتراجع عن تصعيدها الأمني ضد "الإخوان"، مرجعا الإفراج عن القيادي الإخواني بعد أقل من 24 ساعة من اعتقاله إلى تخوف السلطات من حدوث أي مكروه له، في ظل حالته الصحية المتدهورة. وقال عبد المقصود إنه سيقدم بطلب إلى النيابة للإفراج الفوري عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لكونه يعانى من أمراض خطيرة منها القلب، وبحاجة لرعاية صحية، ويخشى أن تتدهور حالته داخل السجن. وطالبت هيئة الدفاع عن أبو الفتوح والمكونة من 50 محاميا على رأسهم مختار نوح ومحمد الدماطى ومحمد طوسون وجمال تاج بإرجاء التحقيق لحين الاطلاع على إذن النيابة ومحضر التحريات قبل البدء في التحقيقات، وقررت إثر رفض النيابة طلباتها الانسحاب من حضور التحقيق مع المتهمين. وقال عبد المقصود إنه لم يسمح لأحد حتى الآن بالاطلاع على مذكرة تحريات مباحث أمن الدولة للنيابة، واصفا اتهامات النيابة بأن معظمها جاءت بناء على تحريات واهية لا أساس لها من الصحة، وتابع: أعتقد أن القضية ستأخذ بعدا سياسيا خاصة أن رئيس النيابة الذي يتولى التحقيق هو نفسه رئيس النيابة الذي حقق مع إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة "الدستور" في قضية صحة الرئيس". وكان اسم أبو الفتوح قد ورد في محضر تحريات سابق ضم إلى جانبه أعضاء بمجلس الشعب على رأسهم الدكتور سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان في المجلس أسندت إليهم تهمة إحياء التنظيم الدولي للإخوان، ومن المتوقع أن يصدر النائب العام قرارا برفع الحصانة عنهم. غير أن عبد المقصود اعتبر أن ما نشرته تقارير صحفية من اتهامات للإخوان بتلقي أموال من التنظيم الدولي للجماعة مجرد تسريبات أمنية، وأنه لا يوجد أي دليل على صحتها، مشيرا إلى المحكمة العسكرية رغم أنها محكمه استثنائية إلا أنها برأت المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد والمعتقلين معه في نفس قضيته من تهم غسيل الأموال. وأعرب عن ثقته في صدور قرار بالإفراج عن المتهمين إذا تم إحالتهم إلى القضاء الطبيعي، متوقعا أن يتم تبرئتهم جميعا من "الاتهامات الزائفة"، مشيرا إلى سابقة توجيه مباحث أمن الدولة تهمة تصنيع طائرة بالتعاون مع حركة "حماس" للدكتور عبد الحي الفرماوي الأستاذ بجامعه الأزهر. من جانبه، أكد محمد الدماطي عضو هيئة الدفاع عن المتهمين "انسحبنا من حضور التحقيق لأن النيابة رفضت إعطاءنا صورة رسمية من محضر التحريات وإذن النيابة رغم أن هذا مطلبا قانونيا". وأضاف "في رأيي لو أن هناك بالفعل قضية أو تحريات واقعية لما رفضت النيابة إطلاعنا على مذكرة التحريات وإذن النيابة"، واستدرك قائلا: "من حق جميع المتهمين التزام الصمت تجاه أي سؤال يوجه لهم من قبل النيابة حتى يطلعوا على التحريات، وهذا ما فعله أبو الفتوح". يأتي هذا في الوقت الذي اتهم فيه القيادي الإخواني والبرلماني الأسبق الدكتور جمال حشمت جميع المسئولين في مصر وعلى رأسهم الرئيس مبارك بتهديد الأمن القومي للبلاد وزعزعة استقرار البلاد بسياساتهم وتصريحاتهم التي وصفها بغير المسئولة. واتهم النظام بأن لديه "غلا وحقدا" شديدين ضد "الإخوان"، وأشار إلى تصريح للرئيس مبارك وصف فيه "الإخوان" بأنهم يمثلون خطرا على مصر، وتبعه الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية بتصريح مماثل يعتبر فيه "الإخوان" خطرا على مصر أكثر من الخطر الذي تمثله إسرائيل نفسها. ورأى حشمت أن هذه التصريحات تمثل خطرا على أمن واستقرار مصر، ونعت مواقف وسياسات مبارك بأنها مخالفة للدستور والقانون، وأن النظام الحاكم في مصر يحكم البلاد "جبرا لا اختيارا"، وقال إنه سياساته الحالية من شأنها تدفع الشعب بقوه للعنف ولاستخدام السلاح والقوة، "إلا أنه رغم ذلك لن نلجأ لنفس الأسلوب الذي يتبعه النظام ضدنا ولن نلجأ للعنف". لكنه قال إن "الإخوان فوتوا الفرصة في كل مرة على مؤامرات النظام لاستدراج الإخوان للعنف"، مشددا على أن الجماعة لن تقوم أبدا برفع السلاح وستستمر في انتهاج أسلوب المقاومة السلمية التي يسددون ثمنها من أجل تحقيق الإصلاح السياسي. وقال إن النظام الحاكم لا يملك أية رؤية أو وسيله للتعامل مع المعارضة سوى العصا والجزرة، حيث يستخدم العصا ضد "الإخوان" ويعطي الجزرة للأحزاب المعارضة والقوى السياسية الأخرى. إلى ذلك، أعلنت نقابة الأطباء عن أسفها الشديد للقبض على الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور جمال عبد السلام رئيس لجنة الإسعاف والطوارئ باتحاد الأطباء العرب، وطالبت بسرعة الإفراج عنهما، معتبرة أن اعتقالهما يسيء إلى دور مصر العربي. وأكدت أن أبو الفتوح يشغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب منذ أكثر من أربع سنوات منذ عودة مقر الاتحاد إلى القاهرة وأنجز إنجازا باهرًا ودفع الحيوية للاتحاد وساعد علي توثيق العلاقات بين النقابات العربية الطبية وأثمرت جهود الاتحاد في الارتقاء بمستوي النشاط العلمي وإنشاء دبلومات مهنية عربية، والارتقاء بالتعليم الطبي والمهني. وأوضحت أن من بين إنجازاته إنشاء لجنة الإسعاف والطوارئ التي يرأسها الدكتور جمال عبد السلام والتي ساهمت بجهد خالص في مجال إغاثة ضحايا العدوان علي فلسطين والسودان والعراق وغيرها من البلاد الإسلامية. كما أصدرت رئاسة المجلس الأعلى لاتحاد الأطباء العرب بيانا أعربت فيه عن ألمها وأسفها الشديدين لعملية القبض على الأمين العام للاتحاد، ووصفته بأنه يمثل الصورة المشرفة للطبيب العربي وهو المشرف على أعمال جميع لجان الاتحاد بمعاونة السادة الأمناء المساعدين في كل الأقطار العربية. وذكر البيان أن "رئاسة المجلس الأعلى ترى أن القبض على الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يسئ إلى موقفنا العربي أمام العالم المتحضر ويحرم أمتنا من هذه الطاقة المتدفقة والعطاء المتميز". وناشدت رئاسة المجلس الأعلى المسئولين بمصر بالتدخل الفوري لإطلاق سراح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور جمال عبد السلام مقرر لجنة القدس بالاتحاد.