ظلت اسكندرية بما تملكه من مكان ساحر ملهمة منذ فجر التاريخ ، ربما قبل الاسكندر الاكبر المنسوب اسمها له ، وترك الرومان اثار عديدة مازالت السراديب العميقة التى تكشف عن كنوز اثرية من وقت لأخر شاهدة عليها ، وترك التاريخ الاسلامى شواهد فى قلعتها الحصينة وفى مساجدها العتيقة ، وضمت ايضا اكبر الكنائس بل ظلت مقرا رئيسيا ، وانبهر بها الملوك والامراء فشيدو أجمل القصور ،وظلت المكان المحبب لابناء مصر على مختلف مستوياتهم لعقود طويلة ولان التراجع فى قيمة وجمال اى شىء لا يلاحظ بشدة الا عند المقارنة ، فقد وجدت فى زيارتى لشواطىء المغرب ، وهى على نفس امتداد البحر ، ما يجعلنى اتحسر تماما ليس على الاسكندرية كمكان وتاريخخ ، فلوكانت شواطئها تنطق لاغرقت من فعلوا بها ، ولو كانت اثارها تنطق لرجمتهم بحجارتها ، ولكن للاسف مازال هؤلاء ومن على شاكلتهم فى مواقعهم ، فدمروا كل الاماكن الجميلةة وكل قيم ومعانى الجمال فى مصر على شواطىء المحيط الاطلنطى او البحر المتوسط بالمدن الساحلية بالمغرب تجد قمة الراحة ومتعة الاستجمام بل والصحة والعلاج للزائر ، مياة تداعبها امواج تبث روائح اليود المنعشة ونسيم الهواء الطق ، و لا تعرف التلوث ولا تحمله معها مثلما حملت اسكندرية مياة الصرف الصحى ، وبعد ان تخلصت منها عز على هؤلاء ان يتركوا هواء المكان دون افساد بروائحه ، فأصبح اى زائر للاسكندرية تستقبله فى مدخلها باالروائح الكريهة لعدة كليو مترات دون اى علاج ولان ما يحدث فى الاسكندرية طبع فى ذاكرتى ، فعندما وصلنا الى احد الابواب التى تفصل بين الرصيف والشاطىء ، ونزلت درجات توقعت ان يقابلنى احد " الصيع " الذين تؤجر لهم المحافظة الشواطىء ، فلم أجد فالشواطىء وما بها من جمال حق لكل انسان ، الرمال المترامية ليس بها ذرة قمامة او مخلفات ، الكراسى والشماسى وغيرها فى اماكن محدده دون ان تحتل المكان لحيتان لا يعرف احد مصدر ثراؤهم وان كانت روائح الحشيش والبانجو واحتكار السلع تخنق الهواء ، رصيف الشاطىء ابيض نظيف لا يقوم اى بلطجى بفرش ما يراه ووضع " الزفت " بجانبه حتى يجبر من لم يقع فى قبضة البلطجية من مؤجري الشواطىء ان يجلس فى رحبته وبما يروق له من حساب ، امام رصيف الشواطىء بلاط جميل يحمل اشكالا هندسية وصور جماليه ، والاجمل انه يحمل ادوات رياضية مختلفة " مجانية " لمن يريد ان يتزود برياضات بجانب رياضة المشى او السباحة ، بجانب هذا كافتيريات معلنة الاسعار ولا تعرف ضرائب الرزاز ومن على شاكلته من ضريبة مبيعات او رسوم سياحية الى اخر الاختراعات التى يتحملها الزائر او السائح ، بجانب كل مجموعة من " الكافتريات " شوارع جانبية بها دورات مياة نظيفة لم تعرف مثلها افخم الاماكن ممن يصفونها عروس البحر ، علما بان دخول هذه الدورات مجانا وليس من خلال اتاوة تفرضها المحليات الغبية التى تسببت فى اسواء مشهد غير انسانى تحت الكبارى فى كل ارجاء المحروسة ، الشوارع الجانبية تنتهى الى ساحات واسعة محفوفة بالورود والاشجار المورقة وفى جنباتها كراسى للاستراحة او الاستجمام ، بين الساحات حدائق للحيوانات والطيور والاسماك كلها مجانية ، وبها شرطة من شباب وفتايات فى هندام جميل ينفذون التعليمات بحسم ورفق ، فممنوع دخول الاطفال دون ذويهم ،وممنوع الباعة الجائلين ، وبالطبع الصيع واللصوص يمتنعون ، جميع الحيوانات او الطيور يشاهدها الزائردون حجب باى حجة خائبة او تخصيص كل عدة منها برسم جديد كما يفعل الحيوانات فى حدائق مصر ، ، المبانى او المساكن او الفنادق القريبة من البحر لا يزيد ارتفاعها عن ثلاث ادوار وتحمل الوان تدلل على الجمال والابداع ، هذا كله بل و جميع المتاحف والقصور تفتح ابوابها للزيارة المجانية للمواطنين والسياح مرة كل اسبوع تشجيعا للسياحة انهم لا يعرفون محافظ يبيع الشواطىء لاصحاب الكافتريات لبلطجية يحرمون المواطنين وغير القادرين من رؤية جمال بلدهم ، فقط من اجل ان يحصل عدد من موظفى المحافظة على مكافأت من حصيلة الايجار ! .. أى غباء هذا واى وصف من الحقارة يستحقونه ، هناك لا يعرفون " الصيع " الذين يحجبون البحر بستائر من القماش او الخشب الرث المقزز لاجبار الزائر على الدخول وبأعلى الاسعار ، ولا يعرفون البلطجية الذين يحتلون الارصفة ، ولا يعرفون حيتان المال الحرام الذين يحتلون اميز الاماكن فيمكن لاحد ان يغير مسار طريق مقابل غنيمة للمحافظة ، لا يعرفون محليات تغوص فى الرشاوى وسمعتهم اسوأ من الصرف الصحى يعلون المبانى لتحجب الكون ، لا يعرفون محافظ مثل " هدهود " يبث اكاذيبه كل يوم بينما محافظته تعج بالقمامة وبعض مناطقها تغرق تماما فى برك الصرف الصحى ، لا يعرفون مثل " زعزوع " لايصلح سوى بائع فى محل عصير قصب وليس وزيرا للسياحة بما يقدمه من تقارير وهمية ترى بعد هذا العرض ماهو الوصف المناسب للاسكندرية .. هل تكون أرملة البحر المتوسط ، ام العجوز الشمطاء ، ام تصرخ شواطئها ومبانيها العتيقة بأعلى صوت انى راحله ؟ من المؤكد ان نموذج شواطىء المغرب موجود فى شواطىء عديدة سواء بدول عربية او غيرها ، " شاهدت مدن ساحلية فى سوريا ولبنان وتركيا " ولانه قد يكون مستحيلا تعويض كل هذا الفارق والبون الشاسع حتى تصل الاسكندرية الى هذه المكانة الجميلة والراقية ، فليس هناك سوى حلا واحدا ، وهو تولى امثال زعزوع وهدهود مناصب فى هذه الدول حتى تهبط مدنها ومستوى السياحة بها ومعاملة المواطن والسائح الى مثلما يحدث فى مصر