قدم رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، تقريره حول البرامج النووية لإيران وسوريا الجمعة، حيث أشار فيه إلى استمرار الغموض حول وجود شق عسكري في مشاريع طهران النووية، ودعاها للمزيد من التعاون. غير أن البارز في التقرير الذي قدمه إلى مجلس حكام الوكالة، المؤلف من ممثلين عن 35 دولة، هو الكشف عن وجود آثار يورانيوم مصنّع في منشأة أبحاث بدمشق، من نوع غير مصرح عنه في المخزون السوري، لافتاً إلى ضرورة أن تتكثف التحقيقات لمحاولة تحديد مدى ارتباط هذه الآثار بما جرى الكشف عنه في منشأة دير الزور، التي ظلت طبيعتها الحقيقية أيضاً غير واضحة.
وأشار التقرير إلى أن إيران واصلت عمليات التخصيب وإضافة المعدات الخاصة ببرنامجها النووي في عدد من المنشآت تحت إشراف الوكالة ومراقبتها.
غير أنه أشار إلى أن مراقبي الوكالة طلبوا من طهران رفع مستوى المحاسبة في هذه المنشآت لتسهيل مراقبتها، نظراً للزيادة الكبيرة الطارئة في العمليات.
ولفت التقرير إلى أن عمليات المسح البيئية بالمواقع المراقبة أظهرت أن التخصيب يتم عند المستويات الدنيا المتفق عليها، مشيرا إلى أن المراقبين نفذوا 26 عملية تفتيش مفاجأة على المنشآت، وتمكنوا من تنفيذها كلها باستثناء واحدة جرى توقيفها من قبل الجانب الإيراني، بدعوى أن عملية تنقيب تتم في الموقع، علما أن تلك العملية تمت دون إخطار الوكالة.
وبحسب التقرير، فإن عملية التأكد من خلايا الوقود جرت في منشأتين فقط، وهما مفاعل طهران المخصص للأبحاث، ومفاعل إنتاج الأيودين والزينون المشع، في حين جرى منع الوكالة من التفتيش في منشأة "مفاعل إيران للأبحاث" IR 40، الذي ما زال قيد الإنشاء، وفق ما أظهرته صور الأقمار الصناعية.
وعن الشق العسكري المحتمل لبرنامج إيران النووي، قال التقرير إن هناك قضايا تحتاج للتوضيح للجزم بعدم وجود هذا الشق، دون إخفاء قلقه حيالها، وتشديده على ضرورة رد إيران على أسئلة الوكالة وطلباتها المتعلقة بزيارة بعض المواقع، والحصول على بعض الوثائق.
كما انتقد استمرار طهران بتجاهل قرار مجلس الأمن الذي طلب منها وقف تخصيب اليورانيوم في المفاعلات العاملة بالمياه الثقيلة، واعتبر أن الوكالة الدولية ستبقى عاجزة عن تأكيد عدم وجود شق عسكري في برنامج إيران النووي ما لم تحصل على حق مطلق لتفتيش منشآتها والحصول على الوثائق التي ترغب بها.
وبالنسبة لسوريا، فقد ذكرت الوكالة أنها طلبت من سوريا في الفترة الماضية السماح لها بالوصول بشكل أكثر حرية إلى موقع دير الزور، الذي دمره الصهاينة بغارة جوية بدعوى أنه مفاعل نووي قيد البناء، وإلى معمل معالجة المياه القريب منه.
وشددت على ضرورة تعاون دمشق في هذا الملف، ولفتت إلى أن الأخيرة لم تجب على الاستفسارات الموجهة لها إلا بشكل جزئي، وأن الأدلة حول وجود استخدامات مدنية وعسكرية عادية للموقع والأبنية المحيطة به غير مقنعة.
وخلصت الوكالة إلى أن المعلومات المقدمة من سوريا لا تساعد حتى الساعة في حسم الخلاف حول وظيفة مفاعل دير الزور، كما أشارت إلى أن دمشق رفضت عرضاً (من الوكالة) لمناقشة الأدلة الموجودة بحوزة المنظمة الدولية، إلى جانب الصور التي قدمتها عدة دول.
كما كشفت أنها أخطرت السلطات السورية في 18 مايو/أيار الماضي بالعثور على أثار يورانيوم من نوع غير مذكور في المخزون السوري المعلن، في عينات أُخذت في منشأة أبحاث بدمشق عام 2008. وقد تلقت توضيحات من دمشق حول أسباب وجود هذه الآثار في الأول من يونيو/حزيران الجاري، وهي تتابع هذه التوضيحات معها.
وأكدت الوكالة أنها تدرس إمكانية وجود علاقة بين هذه الآثار وتلك المكتشفة في دير الزور، كما نوهت إلى تلقيها توضيحات من سوريا حول طبيعة عمل شركة كورية شمالية موجودة على أراضيها.
يشار إلى أن مجلس حكام الوكالة سيناقش هذه التقارير في جلسة تعقد خلال الأيام المقبلة.