الصحة: زيادة عدد لجان الكشف الطبي على ذوي الاحتياجات الخاصة إلى 550 لجنة    وزير الشؤون النيابية: الحوار الوطني لم ينته إلى توصية محددة بشأن النظام الانتخابي    «الاقتصاد والعلوم السياسية» بجامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    ممثل الحزب المصري الديمقراطي يرفض تعديلات قوانين الانتخابات    63 ألف طالب بالأول والثاني الثانوي يؤدون امتحاني التاريخ والأحياء في المنيا    «الداخلية»: ختام تدريب الكوادر الأفريقية بالتعاون مع الشرطة الإيطالية في مكافحة الهجرة غير الشرعية    وزير المالية: بدأنا جني ثمار الإصلاح بمؤشرات قوية للأداء الاقتصادى    البنك الأهلي يجتمع غدا لحسم أسعار الفائدة على الشهادات والمنتجات المصرفية    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    «الزراعة»: الدليل الإرشادي البيطري خطوة لتطوير المنظومة الصحية بمصر    استمرار توريد القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    «المنظمات الفلسطينية» تحذر من تداعيات توسيع جيش الاحتلال نطاق عملياته في غزة    حكومة غزة: الاحتلال يفرض سيطرته على 77% من القطاع عبر التطهير العرقي والإخلاء القسري    وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد    طاقم تحكيم أجنبي لنهائي دوري سوبر السلة بين الأهلي والاتحاد السكندري    قبل جولة من الختام.. ماذا يحتاج مانشستر سيتي للتأهل لدوري أبطال أوروبا؟    أزمة جديدة داخل الزمالك بسبب مدير تعاقدات «أهلاوي»    القضاء الإداري يحكم في إعادة مباراة الأهلي والزمالك اليوم.. وخبير لوائح يكشف مفاجأة    لاعب مانشستر السابق يجيب.. هل ينضم رونالدو للوداد المغربي؟    رسميًا.. ريال مدريد يعلن مدربه الجديد خلفًا لأنشيلوتي    ضبط 275 كيلو لحوم فاسدة قبل عيد الأضحى المبارك بدمياط    مصرع طالب إعدادي غرقًا في ترعة بقنا    إحالة مدير «الكوثر للغات» للتحقيق للتلاعب فى أوراق التصحيح    موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الأزهري الترم الثاني 2025    غرق فى الترعة.. مصرع طالب إعدادي بقنا    السعودية: وصول 960 ألف حاج واستطلاع هلال ذي الحجة الثلاثاء    بدء أعمال التصحيح وتقدير الدرجات للشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    نادين نجيم تتعاون مع ظافر العابدين لأول مرة في دراما رمضان 2026    «المشروع X» ينفرد بصدارة إيرادات شباك التذاكر    تامر حسني والشامي يتصدران التريند ب«ملكة جمال الكون»    5 أبراج تُجيد فن الدعم النفسي والتفكير بطريقة إيجابية (هل برجك منهم؟)    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    في احتفالية تسليم جينوم الرياضيين، عاشور: وضع خريطة جينية للمصريين ودراسة الأمراض الشائعة والنادرة    بحضور 3 وزراء.. إطلاق مرحلة جديدة من اختبار الجين الرياضي Gene-Next    الصحة العالمية: أكثر من 60% من الأمراض المعدية لدى البشر تنشأ من الحيوانات    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    قبل التفاوض على التجديد .. عبد الله السعيد يطلب مستحقاته المتأخرة من الزمالك    وزير ألماني يدعو لتجنب التصعيد في النزاع الجمركي مع واشنطن    تشريعية النواب توافق على تعديلات قانون مجلس الشيوخ    جامعة أسيوط تستعد للموسم الصيفي بأنشطة رياضية متنوعة بالقرية الأولمبية (صور)    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    «يوم بحس فيه أني محظوظة».. رسالة وفاء عامر لجمهورها بعيد ميلادها    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد – صور    مصر تستعرض نظامها الصحي الجديد في مؤتمر صيني ضمن "الحزام والطريق"    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    التشكيل المتوقع لمباراة مانشستر سيتي وفولهام والقنوات الناقلة    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروعان لقناة السويس!!
الجزء الأول+الجزء الثاني
نشر في الشعب يوم 03 - 10 - 2014

في حفل بداية العمل في مشروع قناة السويس الجديدة أشار قائد الإنقلاب إلى أن هذا هو نفس المشروع الذي تمت دراسته في العهود السابقة .. فرح أنصار " العهود السابقة " واعتبروا أن كل من رفض مشروع الرئيس مرسي صار مدينا له بالإعتذار ، فها هو مشروعه ينفذه ألد خصومه .
كاتب هذه السطور متخصص في التخطيط الإقليمي، وتخصصي الدقيق هو الجوانب الإستراتيجية لهذا المستوى من التخطيط ، وقد حيرني بشدة إعطاء قائد الإنقلاب شرف دراسة المشروع لخصمه اللدود، بينما هو في الواقع ينفذ مشروعا مختلفا تماما، ليس فقط في هيكله الهندسي ولكن في فكره الإستراتيجي .. في أهدافه ونتائجه .. وكان هذا كافيا لإثارة فضولي، فقد كنت مستشارا لوزير الإسكان في حكومة الدكتور هشام قنديل، الدكتور طارق وفيق، مما أعطاني الفرصة للإطلاع على الخطوط العريضة لمشروع الرئيس مرسي، وأعرف تماما أن مسألة زيادة قدرة المجرى الملاحي للقناة لم تكن إلا جزئية متواضعة في هذا المشروع، لا تأخذ أولوية كبيرة ولم يكن من المخطط أن تتم في المراحل الأولى لأننا لسنا في حاجة إليها الآن .. بسب هذا الفضول بدأت هذا البحث ، ورغم أنه لم يكتمل لأسباب خارجة عن إرادتي ستتضح للقارئ في ثناياه ، فإن ما وصلت إليه حتى الآن من نتائج يستحق في تقديري أن يعرض، وسأبدأ بعرض مبسط – أرجو أن لا يكون مخلا – للفكرة المحورية للمشروع الذي أعرفه ، ثم بعدها سأعرض ما أمكنني فهمه عن المشروع الجديد (فهو لم ينشر كاملا في أي مكان بعد) .. ليس لمجرد أن نعرف الفرق بينهما .. وإنما لندق ناقوس خطر لما قد يكون إحتمالات قوية لإهدار موارد الشعب المصري ، التي هي أصلا قليلة وغير كافية لإحتياجاته .
* *
مشروع تنمية إقليم قناة السويس:
لعل القارئ قد لاحظ اختلاف في الإسم، وهو ليس فارق شكلي، لكنه يعكس اختلاف الأهداف ومنهج التفكير، فمشروع الرئيس مرسي كان لتنمية الإقليم كله، وزيادة قدرة الممر الملاحي لم تكن إلا مجرد جزء من هذا المشروع، أما مشروع قناة السويس الجديدة فيتمحور حول الممر الملاحي، وعلى هامشه بعض المشروعات التي لم تعلن ماهيتها بعد، ومن الواضح أنها قليلة الأهمية من الناحية الإقتصادية والإستراتيجية معا فلم يهتم أحد بالكلام عنها.
فكرة المشروع أقدم من عهد الرئيس مرسي، لكن هذا لا يبخسه حقه ، فهو الذي تبناها وخصص الموارد المادية والبشرية اللازمة لتمحيص الأفكار وجمع البيانات لإتخاذ القرارات التفصيلية لتحويل فكرة براقة إلى مشروع حقيقي .. ولنبدأ برواية الطريقة التي تطورت بها الفكرة لتصل إلى مخطط عام متكامل .
- بدأ التفكير في أهمية تنمية شبه جزيرة سيناء بمجرد إنتهاء الأعمال الحربية في 1973، فأولا ينبغي أن نوصل لأهلنا في سيناء حقهم في مستوى معيشة ملائم لحياة كريمة، وفرص عمل لأبنائهم، وخدمات حديثة يستحقونها بصفتهم مواطنين مصريين أدوا ما عليهم للوطن، وثانيا ينبغي ألا يتكرر مرة اخرى ما حدث في حربي 1956 و1967 .. فبمجرد إنكسار خط الدفاع الأول على الحدود الشرقية تصل قوات العدو بسرعة غريبة إلى قناة السويس لتهدد العاصمة نفسها .. لابد من توفير كثافة سكانية في شبه جزيرة سيناء تعوق تقدم القوات من جهة، وتجعل إحتلال الإقليم عملية مكلفة للقوات المحتلة .. بدا واضحا أن هذه مسألة ضرورية للأمن القومي المصري.
- ثم تعززت أهمية تعمير سيناء وحشد كثافة سكانية بها بعد توقيع معاهدة كامبد ديفيد .. فبسبب هذه المعاهدة لم يعد لخط الدفاع الأول على الحدود أي وجود حقيقي ، وقواتنا المسلحة غير موجودة تقريبا في كل شبه الجزيرة ، وتتمركز كلها في الضفة الغربية للقناة .. أصبحت الكثافة السكانية ضرورية حتى يمكن عرقلة تقدم القوات داخل هذه الصحراء الخالية تقريبا .. فلا يمكننا الركون إلى فكرة سلام دائم مع عدو ما زال إلى الآن يقول أن أرض إسرائيل الموعودة تمتد من النيل إلى الفرات .
- لا يمكن زرع السكان في أي مكان إلا إذا توافرت به أنشطة إقتصادية توفر لهم العمل وتدعوهم للإستقرار .. صحيح أن سيناء مليئة بالموارد لكنها مفتتة في مواقع متباعدة، وكل منها صغير بدرجة لا تسمح بقيام مدينة كبيرة في أي منها ، وتنمية أي إقليم تحتاج لمركز حضري كبير يعمل كقطب للنمو وتتمركز فيه الخدمات التي لا يمكن وجودها إلا في مدينة كبيرة .. فالإقليم يحتاج لعدد من الخدمات المركزية التي لا يمكن إقامتها إلا إذا كانت تخدم عدد كبير من السكان، مستشفى مركزي به كل الوحدات المتخصصة ويقيم به عدد مناسب من الأطباء المتخصصين ، جامعة يمكن لأبناء المقيمين أن يلتحقوا بها ، مراكز للصيانة ومكاتب إستشارية هندسية وقانونية ومحاسبين .. الخ ثم الخدمات الثقافية والترفيهية المطلوبة لإقامة السكان الدائمة .. فهؤلاء الخبراء والمتخصصين لن يقيموا ويعملوا في القرى المتناثرة التي يمكن أن تنشأ في مشروعات إستصلاح الأراضي أو بجوار المحاجر والمناجم الصغيرة والمبعثرة .. نحتاج لمدينة كبيرة في سيناء، لكن ما هي القاعدة الإقتصادية التي يمكنها دعم مثل هذه المدينة؟.. لا توجد في سيناء مواقع يمكنها تحمل إقامة عدد من المشروعات الإقتصادية الكبيرة المتجاورة التي تكون قاعدة إقتصادية تعتمد عليها هذه المدينة .
- جاءنا الحل من خبراء النقل هذه المرة : إستغلال الموقع الفريد لقناة السويس الذي يمثل نقطة يتجمع عندها أغلب طرق الملاحة العالمية .. وهذا يحتاج لتفصيل .
تبلغ حمولة سفن النقل التجاري عشرات الآلاف من الأطنان، وقليلة جدا هي السلع التي يمكن أن تملأ شحنة واحدة منها سفينة تجارية من ميناء البداية لتفرغها كلها في ميناء الوصول، فأغلب السلع لا تكون شحنة واحدة منها كافية لتغطية كامل حمولة السفينة، كما أن الشحنة لا تكون كلها متجهة لميناء وصول واحد ، بل تتوزع على عدة موانئ، وتعبأ السلع في حاويات مغلقة ، تتحدد سعة الحاوية ووزنها بالحمولة والحجم الذي يمكن لسيارة نقل أن تحمله من المصنع حتى ميناء البداية ثم من ميناء الوصول حتى مخازن تجارة الجملة .. لنتصور الوضع إذن : تحمل السفينة عدد هائل من الحاويات بها سلع مختلفة من منتجين متعددين لتطوف بها على عدد من الموانئ تفرغ في كل ميناء جزء من شحنتها، وإذا كانت السفينة حسنة الحظ فسيمكنها أن تجد في كل ميناء من يريد إرسال شحنة مكافئة لما تم تفريغه وذهابه إلى واحد من الموانئ التي تقع على خط سيرها، وهذا لا يحدث في كل مرة.
لما كانت قناة السويس هي النقطة التي ستمر بها هذه السفن في رحلات الذهاب والعودة ، فإن وجود ساحة ترانزيت للحاويات سيمثل فرصة جيدة لكثير من السفن كي تضمن أن تقلل إلى أقصى حد عدد الموانئ التس ستضطر للوقوف عندها والإنتظار فيها للشحن والتفريغ ، كما تقلل إحتمال أن تضطر السفينة لقطع جزء من رحلتها بحمولة أقل من طاقتها القصوى .. كيف ذلك ؟
لنفرض أن هناك سفينة تحمل شحنة من الحاويات من ميناء أوروبي لتدور بها على عدد من موانئ جنوب شرق آسيا تفرغها هناك، ثم تعيد التحميل بشحنات أخرى لتعود بها إلى أوروبا، في وجود محطة الحاويات لن تحتاج هذه السفينة للوقوف عشر مرات في عشرة موانئ آسيوية، ستكتفي بإنزال كل شحنتها في المحطة وتتحمل منها بشحنة جديدة قادمة من آسيا تنتظرها في المحطة لتعود بها إلى أوروبا ، وفي المحطة يتم فرز الحاويات حسب ميناء الوصول وتتجمع مع غيرها مما حملته سفن أخرى من أوروبا، وستكون نتيجة فرز شحنات كل هذه السفن إعداد شحنات تكفي كل منها لملئ سفينة ذاهبة إلى ميناء وحد من موانئ آسيا .. عملية الفرز هذه ستؤدي إلى أن كل السفن المشتركة فيها ستسير في رحلة واحدة من ميناء ما في آسيا أو أوروبا ، إلى محطة ترانزيت الحاويات الموجودة في منطقة قناة السويس .. هذه العملية ستؤدى إلى وفورات كبيرة في التكلفة وفي الزمن مما يشجع عدد كبير من الناقلين على استخدام هذه الوسيلة.
إن إدارة محطة ترانزيت للحاويات تنطوي بالطبع على ما هو أكثر من مجرد تجهيزات الشحن والفرز والتوزيع والتخزين .. هناك قدر هائل من جهود تخطيط البرامج الزمنية للرحلات وغيرها من العمليات الإدارية ، لكن محطة الترانزيت ستؤدي إلى وفورات جيدة في تكلفة النقل تبرر ما تتقاضاه من شركات النقل مقابل خدماتها، وفي هذه المرحلة سيكون العائد بالنسبة لنا هو رسوم سنتقاضاها بالإضافة إلى فرص عمل لعدد لا بأس به من العمال والمهندسين ومختلف الوظائف الخدمية الأخرى .. وبالطبع لابد أن تنشأ مع ميناء المحطة وحدات لخدمة السفن نفسها وتموينها وصيانتها.
إذا نجحنا في إنشاء عدد من محطات ترانزيت الحاويات في منطقة قناة السويس وإدارتها بنجاح بالإستعانة بالشركات العالمية المتخصصة، بالذات في البداية، فإننا سنكون قد أنجزنا المرحلة الأولى من تنمية إقليم قناة السويس .. إنها مجرد البداية وحسب.
أغلب المنتجات الصناعية الحديثة ، من الطائرات العملاقة حتى الحواسيب الشخصية وأجهزة التلفاز، يتوزع صنع أجزاءها على دول عديدة، بعضها تتجمع مكوناته من عشرات الدول، ليتم تقفيل السلعة في مركز واحد ثم تشحن منه إلى الأسواق .. بالطبع تحتاج بعض عمليات التجميع لتجهيزات معقدة وخبرات فنية متطورة – الطائرات مثلا – لكن بعضها الأخر يتم تجميعه في صالات تحوي كمية قليلة من التجهيزات وعدد قليل من الخبراء – هذه الأخيرة هي التي نريد اجتذابها عندنا، فبدلا من ان يتم إرسال المكونات أولا في حاويات إلى مكان التجميع لتفرغ كي يتم تجميعها فيه ثم تملأ الحاويات مرة أخرى وترسل إلى محطة الترانزيت، لماذا لا ترسل حاويات المكونات نفسها إلى محطة الترانزيت ويتم التجميع في ورشة فيها ثم يشحن إلى الأسواق؟ .. من الواضح أن هذه سيقلل من تكاليف النقل وإعادة ملئ الحاويات وتفريغها مرات عديدة، وسيعزز من هذا الإتجاه وجود مواقع صالحة للتصنيع وقريبة من الميناء، وحبذا لو كان عندنا بعض العمالة الفنية التي يمكنها استخدامها خاصة أن الأجور عندنا أقل مما في الدول الصناعية المتقدمة.
إذا تم تجميع بعض المنتجات عندنا فستنشأ بجوارها في البداية بعض الصناعات البسيطة، ستبدأ بصناعات هامشية لكنها صناعات على أي حال، توظف عمالا وتدر دخلا، مثل إنتاج مواد التغليف من الورق والبلاستيك والفوم ، وطباعة نشرات التشغيل .. الخ ، وبالتدريج – وهذا مرتبط بكفاءتنا – يمكن أن يتم إنتاج بعض المكونات المهمة بجوار محطات الحاويات بدلا من تصنيعها في أماكن بعيدة ونقلها.
* *
إن وجود كل هذا النشاط الإنتاجي لابد أن يخلق بجواره العديد من الأنشطة المالية والإدارية والخدمية والإستشارية، بالإضافة إلى أن هذه المناطق الصناعية المرتبطة بالسوق العالمي ستعطي فرصة لإنشاء صناعات محلية متجهة للتصدير، ولن يقتصر الأمر على ترانزيت الحاويات وما يرتبط به .. تخطيط كل ذلك وتنفيذه عملية شاقة ومعقدة لكنها تستحق أن نباشرها ونستعين عليها بكل الخبرات المحلية والدولية .
محصلة التنمية الصناعية شرق قناة السويس هو وجود عدد كبير من الناس يعملون ويرغبون في الاقامة بالقرب من مناطق عملهم .. لقد حصلنا على القاعدة الإقتصادية التي يمكن أن يعتمد عليها تجمع حضري كبير بدرجة كافية ليعمل كقطب لتنمية الإقليم كله، فقطب التنمية يوفر كل الخدمات لمنطقة تقع في دائرة نصف قطرها هو المسافة التي تقطعها السيارة في حوالي ساعة ونصف، أي حوالي 150 كم، ويمكن أن يتعدى تأثيره هذا النطاق في وجود مراكز حضرية ثانوية .. ها نحن نقترب بجدية من تحقيق هدف التنمية الإقتصادية الشاملة، وهدف تعمير سيناء ورفع مستوى معيشة أهلها، وهدف تعزيز الأمن القومي بحشد الكثافة السكانية على الحدود مع عدو مازال يقول أنه يريد مد حدوده إلى النيل.
* *
كانت الأفكار التي طرحناها في الفقرات السابقة تدور بشكل عرضي في مناقشات بعض المخططين والأكادميين من قبل الثورة بزمن، فلما تبناها الرئيس محمد مرسي أصبح لها جهازا متفرغا يمتلك الموارد ويمكنه الإستعانة بالمتخصصين لتحويل هذه الأفكار إلى خطط واقعية وبرامج للتنفيذ.
كان عليهم أولا أن يجمعوا قدرا هائلا من المعلومات التفصيلية في مسائل جد متنوعة ، من أول طبيعة التربة في المناطق المزمع إستغلالها مرورا بتحقيق تحفظات للقوات المسلحة لمراعاة نشاطها في السلم والحرب، ثم بيانات عن مستقبل التجارة الدولية التي ستعبر قناة السويس، ومعرفة المناطق الأخرى في العالم التي يمكن أن تكون منافسة لمشروعنا، وغيرها كثير .. والهدف هو وضع مخطط عام، وينطوي وضع هذا المخطط على إتخاذ كثير من القرارات الإستراتيجية التي تتداخل فيها الإختصاصات، مثل طريقة التصرف في الأراضي (بالإيجار أو حق الإنتفاع أو المشاركة بها كحصة عينية .. لكل منها مزاياه وعيوبه ومخاطره) وأسلوب التعاقد مع الشركات التي ستدير ساحات الحاويات ، والحوافز التي ستقدم للصناعة (بحيث تنشأ صناعات جديدة لا أن تعمل هذه الحوافز على إنتقال الصناعات الموجودة في الوادي إلى قناة السويس للإستفادة من المزايا)، وطبعا التفكير في أسلوب لتمويل المشروع وتحديد مواقع الأنشطة المختلفة التي يشتمل عليها ..
وبعد الإنتهاء من المخطط العام يتم تطوبره إلى مخطط تفصيلي (أو هيكلي كما يفضل البعض) يحول المخطط العام إلى خرائط تفصيلية موضح عليها الطرق وقطع الأراضي المخصصة لعناصر المشروع المختلفة والأنشطة المحددة التي سيتم ممارستها على كل قطعة أرض.
بعد هذا يتحول المخطط التفصيلي إلى مشروعات، وكل مشروع هو عبارة عن أعمال محددة لها رسومات تنفيذية يسند تنفيذه إلى مقاول أو عدة مقاولين ، ومن وجهة نظر إدارة المشروعات فإن تسويق المشروع والتعاقد مع المنتفعين هو أحد مشروعات المخطط العام .. ويعطي المخطط التفصيلي لكل مشروع تاريخ للبدء وتاريخ للإنتهاء وتكلفة تقديرية للأعمال.
ويعرف كاتب هذه السطور أن جهاز تنمية إقليم قناة السويس الذي أنشأه الرئيس مرسي قد أعد مخططا عاما للمشروع لكنه لا يعرف المراحل التي قطعها في إعداد المخططات التفصيلية ، غير أنه اطلع على بعضها وقد وصل إلى مراحل متقدمة .. لم يعد هذا مهما الآن ، فما يتم تنفيذه هو شيء مختلف تماما سنعرض له في الجزء التالي من هذه الدراسة.
***************
عرضنا في الجزء الأول الخطوط العريضة لمشروع تنمية إقليم قناة السويس الذي تبناه الرئيس مرسي، وفي هذا الجزء نعرض لمشروع الانقلاب المسمى "قناة السويس الجديدة"، ونترك للقارئ المقارنة بينهما، فالأمر أوضح من أن يحتاج لشرح من جانبنا.
قناة السويس الجديدة
عندما تختار الدول مشروعاتها الكبرى، خصوصا إذا كانت تعاني من شح الموارد، أو بالتعبير الذي صار هو الأشهر "مفيش"، فيتحتم عليها ألا تتخذ قرارا إلا بعد حساب العلاقة بين العائد والتكلفة لكل المشروعات التي تحتاجها، أو ما اشتهر بدراسة الجدوى، فهي لن تستطيع أن تنفذها كلها ، لذلك تبدأ بتلك التي تعطي أكبر عائد لوحدة التكلفة ، ثم التي تليها حتى تنتهي قدرتها التمويلية ، ومن عائد المشروعات المنفذة تشرع في تنفيذ باقي القائمة حسب ترتيب الأولوية .. يبدو هذا بديهيا لكن الظاهر أن حكومة الانقلاب لا تعرفه.
لا تهتم المشروعات التجارية إلا بما يحقق أكبر عائد لمستثمريها ، فهذا هو الهدف من إقامتها، أما مشروعات الدولة فتحكمها أهداف أخرى، بالطبع من المفيد أن يقدم المشروع عائدا للخزينة ليساعد الدولة على القيام بوظائفها، لكن هدف الدولة من إقامة المشروعات بنفسها ينبغي ان يخضع لمتطلبات التنمية لزيادة القدرة الإنتاجية للإقتصاد كله وزيادة فرص العمل وتحفيز الإستثمار في صناعات مكملة او مغذية .. الخ، فهذا هو الذي سيرفع مستوى المعيشة على المدى البعيد، وسيؤدي إلى زيادة دخل الدولة بما تحصل عليه من ضرائب أرباح المشروعات ودخول العاملين، حتى لو لم تكن للمشروع الذي تقيمه الدولة أرباحا تذكر.
لنضرب مثلا واحدا – وهو ليس الوحيد – للبدائل المتاحة لاستثمار الموارد المحدودة للإقتصاد المصري .. إن زيادة قدرة الممر الملاحي لقناة السويس قد يؤدي – وقد لا يؤدي كما سنرى فيما بعد – إلى زيادة حصيلة الدولة من رسوم المرور، لكن لا شيء أكثر من ذلك، أما زيادة قدرتنا على توفير الطاقة، وهي مشكلة خطيرة تواجهنا الآن، فإنه سيؤدي إلى إزالة معوق كبير يعرقل قدرة الصناعة القائمة على العمل بكافة قدرتها، وسيفتح المجال لإقامة مشروعات كبرى لا يمكنها أن تخاطر بالعمل في مصر – رغم توافر الموارد والعمالة والسوق – في ظل أزمة خانقة في الطاقة .. إن زيادة إنتاج الطاقة سيزيد بالطبع ما تحصله الدولة مقابل إستهلاكها، لكن يفوق ذلك بمراحل ما ستحصل عليه من ضرائب ورسوم من المشروعات التي لا تعمل الآن بكامل طاقتها، ومن المشروعات الجديدة اتي لن تنشأ حتى نحل لها مشكلة الطاقة (كل مصنع واحد كبير يقدم حافزا بمجرد وجوده لإنشاء عدد كبير من المصانع الصغيرة والورش ومشروعات الخدمات التي تمده بإحتياجاته) – هذا سيخلق فرص عمل أكثر ويعزز من قدرتنا على مواصلة النمو الإقتصادي ، أي مواصلة زيادة قدرتنا الإنتاجية عاما بعد عام، ومعها تزيد تلقائيا حصيلة الدولة نفسها من الضرائب والرسوم .. إن أزمة الطاقة تضع قيدا على التنمية في كل المجالات بلا إستثناء.
قد يظن البعض أن رسوم قناة السويس ستوفر لنا عائدا بالعملة الصعبة بينما الصناعات المحلية لن تفعل، وهذا تصور خاطئ، فالتنمية الصناعية ستوفر تحويلات بالعملة الصعبة يقوم بها المستثمرون وإذا صاحب هذا سياسة ذكية لتشجيع الصادرات (وهو ما قامت به كل دول جنوب شرق آسيا الناهضة بلا إستثناء)، فإن العائد من العملة الصعبة سيكون أضعافا مضاعفة لما تدره قناة السويس كممر ملاحي .. ومع ذلك فلن نسترسل في بحث الفرص البديلة للإستثمار، ولنقتصر على المقارنة بين مشروعي قناة السويس.
* *
هي ليست قناة جديدة كما يقال ، فهي مجرد عمل إزدواج للجزء الأوسط من المجرى الملاحي القديم ، ففي الوقت الحالي لا يمكن إلا أن تسير قافلة واحدة من البداية حتى النهاية، وعندما تخرج تدخل بدلا منها قافلة أخرى في الإتجاه المعاكس، لكن بعد إنتهاء المشروع سيمكن أن تدخل قافلتين في الإتجاهين وفي الجزء الأوسط من القناة سيكون لكل منهم فرعة تستمر فيها .. هذا لا يعني أن القناة أصبحت بالكامل في إتجاهين ولكنه سيزيد قدرتها الحالية (حوالي 76 سفينة يوميا) الى 93 سفينة يوميا.
وشرق الممر الملاحي تتجه النية لعمل بعض المشروعات الأخرى، والمطروح الآن حسب ما تسرب إلينا هو بعض مشروعات السياحة والترفيه والشاليهات والمساكن السياحية .. ونحن في الواقع لا ندري من هو خبير التخطيط اللوذعي الذي أوصى بذلك ، وما هي الإفتكاسات التخطيطية التي يمكن بها تبرير هذا القرار، فمن حيث المبدأ لا نعلم أي دراسة لتخطيط السياحة في مصر قالت أن مجرى قناة السويس يمكن أن يعتبر نقطة جذب سياحية في أي وقت من الأوقات، أما في وقتنا هذا ونحن نعلم أن المناطق السياحية القائمة تعاني معاناة شديدة من إنخفاض الإقبال ، فإنه من السفه أن تنفق الدولة بعض أموالها على إنشاء منطقة جديدة لا يحتاجها أحد .. غلى أية حال سمعنا أن النية تتجه لإعادة النظر في هذه المشروعات، إذ يبدو أن بعضهم قد انتبه إلى فساد هذه الأفكار، لكننا لم نعلم شيئا عن الاتجاه البديل، ولا يبدو أن هناك من يعلم، فالواضح أن التنفيذ قد بدأ على عجل دون أن يكون لديهم فكرة متكاملة عما يريدون إنجازه، ناهيك عن أن يكون هناك مخطط عام للمشروع.
والأدهى من ذلك هو اننا نعلم أن الأرض شرقي قناة السويس ليست كلها صالحة للبناء ، بعضها سبخة وبعضها طفلة، والجزء الصالح تحتاج القوات المسلحة للإحتفاظ ببعضه خاليا لاستخدامها ، والمتبقى للبناء لا نقول أنه محدود ولكنه ليس بالوفرة التي يظنها الكثيرون .. فإنشاء هذه التجمعات السياحية الترفيهية أو غيرها من المشروعات سيسبب مشاكل جمة في المستقبل إذا تغيرت الظروف وأمكننا العودة لمخطط تنمية الإقليم، لا يمكننا الجزم بأنها مؤامرة متعمدة لإجهاض فكرة محطات ترانزيت الحاويات التي كانت السبب الرئيسي في معارضة الإمارات لمشروع الرئيس مرسي، لكن هذه ستكون النتيجة العملية لتنفيذ المشروع بهذه الطريقة المرتجلة.
* *
أما البدء في عمل إزدواج القناة الآن، ثم الإصرار على أن يتم بأقصى سرعة، فهو أمر مثير لأشد العجب .. إن الوضع الحالي للقناة يسمح بمرور 76 سفينة يوميا، ومعدل المرور الفعلي لم يصل بعد الى 50 سفينة في اليوم، وتقديرات جهاز تخطيط تنمية الإقليم كانت تشير إلى أننا لن نحتاج للبدء في تنفيذ مشروع الإزدواج قبل عام 2020، أي بعد ست سنوات، فما هي الفكرة من دفن الأموال في هذا المشروع لمدة ست سنوات كاملة بدون أي عائد ؟ .. لعل هذه هو السبب في عدم نشر أي دراسة جدوى للمشروع، فهي ستفضح عدم جدواه، أما كلام الدعاية الذي يقول أن الدخل سيزيد لأن طاقة القناة ستصل إلى 93 سفينة في اليوم فهو قطعة من الدجل الحقيقي، فمعدل نمو التجارة الدولية لا يتجاوز بأي حال 5% سنويا ولن تزيد الحاجة للمرور في القناة أبدا بأكثر من هذا المعدل، أي سفينة الى ثلاثة سفن كل عام .. وهذه الزيادة تستوعبها فعلا القناة الحالية دون حاجة لأي توسعة حتى عام 2020 على الأقل.
* *
وعنما نأتي لتكلفة المشروع نجد رقم خرافي، ولا يمكننا أن نتصور فيم ستنفق هذه ال 60 مليار المطلوب جمعها، فتكلفة الإزدواج لا تتجاوز 10 % من هذا المبلغ، أما إعداد الأرض للبناء فلدينا تجربة طويلة مع المدن الجديدة ونعرف أنها ستكون في حدود 5 – 10 % من هذا المبلغ .. وبصراحة لا ندري لماذا تورط الدولة نفسها في تدبير هذا المبلغ على إعداد الأرض، لو كان لهذه الإستخدامات القدرة على تحقيق ربح تجاري (فليس لها أي قيمة تنموية، ولدينا تجربة الساحل الشمالي لتؤكد أن هذا النوع من المشروعات لا يؤدي إلى أي تنمية للإقليم) فإن القطاع الخاص سيرحب بتحمل كل تكلفة الترفيق وبيع الأراضي وإعطاء الدولة حصة من الأرباح مقابل تقديم الأرض الخام، وإذا لم يكن القطاع الخاص مستعدا للقيام بذلك فمعنى هذا أن الربحية منخفضة .. لماذا إذن تتصدى له الدولة ؟!!
وفي كل الحالات: فيم ستنفق باقي المليارات الستين؟ أخشى أنها ستذهب لسد عجز الموازنة العامة .. كيف سيتم سدادها إذن؟ ومن أين ستأتي فوائدها؟ هذا وضع خطير لا ينبغي له أن يمر دون وقفة، فالنتيجة الحتمية لأزمة السداد المتوقعة لن تكون إلا مزيد من رفع الدعم عن سلع الغلابة وتقليص الانفاق على الخدات العامة (الصحة والتعليم والنقل إلخ).
* *
ثم لماذا تسند إدارة المشروع للقوات المسلحة ؟ ما هي الخبرات التي يمتلكها الجيش وتفتقر إليها أجهزة الدولة الأخرى، خاصة وزارة التعمير ذات الأجهزة الفنية المتخصصة والخبرة التي تجاوزت ثلث القرن في إدارة هذه المشروعات؟ .. المفروض أن الجيش هو الذي يفتقر للخبرة.
قيل أن المبرر هو أن الأوضاع الأمنية ستقتضي إستخراج الكثير من التصاريح وإختصارا للوقت رؤي إسناد الإدارة للقوات المسلحة !!
سبق أن أوضحنا أن الزمن ليس عنصرا ضاغطا في هذا المشروع .. لسنا في عجلة من أمرنا .. لكن حتى لو كان الوقت مهما، ما هي العلاقة بين سرعة استخراج التصاريح وبين أعمال إدارة المشروع وهي ذات طابع فني وهندسي، وحتى داخل القوات المسلحة سيقوم بالإدارة جهات أخرى غير تلك المعنية باستخراج التصاريح الأمنية، ولم يكن من الصعب تدبير وسيلة للتعاون والتواصل بين الإدارة المدنية المتخصصة والجهات الأمنية المسئولة عن تلك التصاريح .. لطالما أقمنا في مصر مشروعات هندسية لها طابع أمني، مطارات وموانئ وسكك حديدية، وحتى السد العالي نفسه، وكلها أدارتها وأشرفت عليها إدارات مدنية من ذوي الخبرة والتخصص.
لماذا نقف طويلا عند هذه النقطة بالذات ؟.. في الواقع أن الأمر لا يرجع إلى مسألة الخبرة الفنية والإدارية فقط ، ولكن هناك ما هو أهم، فإذا كانت إدارة القوات المسلحة للمشروع لن تفيده فه ستضره على صعيد الرقابة والشفافية.
تخضع الإدارة المدنية لأي مشروع في عملها لقوانين الدولة في الإسناد والتعاقد والإستلام، وتخضع للرقابة المالية من الجهاز المركزي للمحاسبات، وللرقابة الفنية من أجهزة الدولة المتخصصة، ثم هي تقوم بعملها من خلال مناقصات علنية، وتنشر ميزانياتها الختامية، وتخضع لرقابة مجلس النواب .. الخ، أما مشروعات القوات المسلحة فلا تخضع لشيء من هذا .. أبسط نتيجة لهذا الوضع هو أننا لا نعلم حتى الآن من هي الشركات التي تعمل في المشروع، وما هو العمل المسند لكل شركة، وعلى أي أساس تم إختيارها بالذات، وما هي الأسعار التي تعاقدت عليها ولا شروط التعاقد .. الخ .. لا يمكننا أن نحاسب أحد .. هذا ليس إتهام للقوات المسلحة بالذات، لكنه الخوف من الطبيعة البشرية، فالملائكة فقط هي التي لا توسوس لها الشياطين، أما البشر فكل ابن آدم خطاء، ومن أمن الحساب غلب عليه شيطانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.