يتجمعون في مقاهٍٍ وأماكنَ عامةٍ منتشرة في أنحاء بغداد والبصرة والنجف ومدن أخرى، يفرق كل واحد منهم شعره الطويل من النصف، ويثقب بعضهم أذنه، كما يضع المساحيق على وجهه، ويتحدث بطريقة نسائية أثناء ارتشافه الشاي، ولا يخجل من أن يظهر بمظهر الشاذ على الملأ. هؤلاء مجموعة من الشواذ جنسيا الذين بدءوا في الانتشار في الفترة الأخيرة بالعراق؛ بسبب ما أرجعته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى "الأمن والانفتاح والحرية التي جلبها الغزو الأمريكي لهذا البلد" في 9 أبريل 2003. وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير نشرته تزامنا مع الذكرى السادسة لاحتلال بغداد: إن "الأمن والهدوء سمح للعراقيين أن يتمتعوا بالحريات (الأمريكية)، ومن بينها حرية الشذوذ، والتي لم يكن من المتصور أن تحدث قبل بضعة أعوام". باسم (23 عامًا) أحد ممارسي الشذوذ، ويفضل أن ينادي عليه ب "بسيمة"، قال: إن " ثلاثة من أقرب أصدقائي قتلوا خلال الأسبوعين الماضيين في مدينة الصدر (التي يقيم فيها مليونا نسمة، وكانت تحت سيطرة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وميلشيات جيش المهدي التابعة له)". وأضاف الشاب الذي يعمل مصفف شعر: أنه وزملاءه "كانوا يخططون للذهاب إلى مقهى بعيدا عن مدينة الصدر؛ لأنهم لا يشعرون بالأمان في المدينة، وبالفعل ذهب عدد منهم، لكنهم قتلوا في الطريق أثناء ذهابهم.. ولكنه لحسن حظه لم يكن معهم". وقال باسم الذي يضع على وجهه المساحيق، ويسدل شعره حتى أسفل أذنه، بطريقة غير معهودة للشباب العراقيين: إنه "يعرف ما لا يقل عن 20 شابا يمارسون الشذوذ اختفوا من مدينة الصدر مؤخرا"، مضيفا أنه "علم لاحقا بأنهم قتلوا". وشهدت الأشهر الأخيرة مقتل نحو 25 شابا ورجلا يشتبه في ممارستهم الشذوذ في مدينة الصدر بالعراق، على أيدي مسلحين، وذلك بعد أن تبرأت منهم قبائلهم، فقررت التخلص منهم وإحراق المقاهي التي يتجمعون فيها. وقالت الشرطة: إن جثث هؤلاء توجد في الطرقات وعليها آثار إطلاق نار، ويرفق بالعديد منها ورقة مكتوب عليها كلمة "منحرف"، بحسب نيويورك تايمز. وتقول الشرطة العراقية: "ليست فرق الموت الشيعية فقط هي التي تستهدف الشواذ، لكن أيضا أفراد العائلات والقبائل، تفعل ذلك"، مشيرة إلى أن المسلحين يستهدفون بشكل كبير الشواذ من الرجال. شعب متدين وفي إطار التصدي لهذه الظاهرة تقوم الشرطة بحملة واسعة لتعقب الشواذ، وذلك بالتزامن مع جهود توجيهية من علماء في مدينة الصدر تهدف لاستئصال شأفة الشذوذ من المجتمع. وفي هذا الصدد قال المثنى سعد، ضابط شرطة في حي الكرادة وسط بغداد، والذي أصبح معروفا بانتشار الشذوذ فيه: إن "اللواط مخالف للقانون، وهو أمر يثير الاشمئزاز". وأضاف المثنى سعد: أن "الأشهر الأربعة الماضية شهدت حملة، شارك فيها الضباط لتطهير الحي من هؤلاء الشواذ"، مشيرا إلى أن قوات الأمن "لا تملك القبض على أي شخص إلا إذا كان متلبسا بممارسة هذا الفعل". وبرغم تزايد أعداد الشواذ في العراق بحسب الصحيفة فإنها تؤكد أن الشعب العراقي في الجملة "متدين"، ومحاربة الشذوذ من بين أهداف العلماء الشيعة والسنة، لكن أعمال العنف وعمليات القتل قد غطت على الجهود التي يبذلونها في مواجهة هذا الأمر. ففي عام 2005، أصدر المرجع الشيعي، علي السيستاني، فتوى بمعاقبة الشواذ جنسيا عن طريق القتل، قائلا: "إنهم لابد أن يقتلوا شر قتلة"، بحسب الصحيفة الأمريكية. من جهته قال الشيخ إبراهيم الغراوي، عضو في مكتب التيار الصدري: إن "الشذوذ الجنسي أصبح أكثر انتشارا منذ أن فقد جيش المهدي السيطرة على مدينة الصدر، وكذلك بسبب انتشار الأفلام الجنسية، والقنوات الفضائية، وغياب الرقابة الحكومية". ويشير تقرير للأمم المتحدة، صَدر نهاية عام 2006، إلى أن عناصر بعض التنظيمات المسلحة تبعث برسائل لعائلات الشواذ تهددهم فيها باستهداف أفراد من العائلة، إذا لم يتم تسليم الشاذ إليها أو تصفيته.