"نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نموت.. ولا تظن أنها النهاية.. سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم، والأجيال التى تليه.. أما أنا فإن حياتى ستكون أطول من حياة شانقى". بهذه الكلمات الخالدة سطر شيخ المجاهدين، وأسد الصحراء عمر المختار أروع البطولات، وضرب أروع الأمثلة فى تاريخ تحرر الشعوب وتخليصها من الاحتلال الأجنبى الغاشم. ومن المعروف أن قليلا من الزعماء الملهمين الموهوبين فى العقد الأول والثانى من القرن العشرين هم الذين قادو حركة التحرر الوطنى من الاحتلال الأجنبى بعد "سايكس بيكو". وكان فى طليعته هؤلاء القادة، القائد والزعيم العربى الليبى والشيخ المجاهد "عُمر بن مختار بن عُمر المنفى الهلالى" زعيم المقاومة الشعبية فى برقة، والعدو اللدود لقادة حكومة موسيلينى فى روما. الشهيد المناضل الليبى عمر المختار ولد فى 20 أغسطس عام 1858، واستشهد على يد الاستعمار الإيطالى فى 16 سبتمبر 1931. قاد عمر المختار النضال ضد الاستعمار مبكرًا بعد أن تم حفظ القرآن فى مطلع حياته، وتلقى علوم الشريعة فى الكُتاب ليشتغل بعلوم القرآن والشريعة وتعليمها للنشئ الذى تربى على يده فى كتابه، ليتحولوا إلى علماء مجاهدين ويساهمون بقوة فى تحرير ليبيا من الاستعمار الإيطالى بقيادة أسد الصحراء. أشعلت المجموعات القتالية التى دربها "المختار" بمساعدة "قادة السنوسية" المقاومة الشعبية ضد المحتل منذ دخوله أرض ليبيا فى عام 1911، حيث حارب الإيطاليين وهو يبلغ من العمر 53 عامًا لأكثر من عشرين عامًا، وخاض عددًا كبيرًا من المعارك، إلى أن قُبض عليه من قِبل الجنود الإيطاليين. وأجريت له محاكمة صوريّة انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقًا، فنُفذت فيه العقوبة على الرغم من أنه كان كبيرًا عليلًا، حيث إنه كان يبلغ حينها 73 عامًا حتى قال شوقى راثيا له: ركزوا رفاتك فى الرمال لواء *** يستهض الوادى صباح مساء يا ويحهم ركزوا منارًا من دم *** يوحى إلى جيل الغد البغضاء وبعد أن أعدم شيخ المجاهدين "عمر المختار" على يد الطليان لم يتوقف نضال الشعب الليبى ضد المستعمر، بل على العكس فإن استشهاد المختار أشعله أكثر وأكثر، حيث واصل مؤيديه وطلابه النضال حتى رحيل المحتل عن أراضى ليبيا. وكان قادة الاحتلال الإيطالى يقدرون المختار ونضاله رغم العداء الذى كانو يناصبونه إياه، فقد اعترف له جنرالات الحرب الإيطالية بالحنكة والنضال، وحزنو كثيرًا على قرار المحكمة العسكرية بإعدامه فى نهاية عام 1931. وصار الشهيد عمر المختار بعد استشهاده رمزًا لكل منابر النضال الوطنى من أجل التحرر فى العالم العربى والإسلامى، وأصبح مثلا يدرس فى فنون القيادة العسكرية، فأحبه خلق كثير، خاصة بعد أن جسد تاريخ ونضال المختار فى عمل فيلم تاريخى، من إخراج المخرج العالمى الراحل مصطفى العقاد عام 1981، وحمل الفيلم عنوان "أسد الصحراء"، وفيه جسد الممثل المكسيكى- الأمريكى أنطونى كوين دور عمر المختار. وبحسب مراقبين فإنه ما أشبه الليلة بالبارحة، فما فتئ أحرار ليبيا الأبطال أن يتخلصوا من المحتل الإيطالى الغاشم، إلا ووجدوا أنفسهم مضطرين لمواجة طاغية آخر يدعى "معمر القذافى" قبع على أنفاسهم أكثر من "40 عامًا"، وبعد سقوط هذا الطاغية وجد الليبيون أنفسهم فى مرحلة جديدة من النضال ولكن هذه المرة ضد مؤامرات عليه تريد الانقضاض على ثورتهم، ويقود تلك المؤامرة دولة الإمارات العربية بالتعاون مع قادة الانقلاب العسكرى فى مصر.