للأسى والأسف انضمت الكاتبة سناء البيسى إلى طابور الإعلاميين الذين يسخروا من المقاومة فى غزة، فكتبت ساخرة تحت عنوان " متقدرشى " مشبهة صواريخ المقاومة ببمب الأطفال، وأن رجال المقاومة مثل الشخص الذى يقع تحت آخر أقوى منه ألف مرة ومرة، ويقول له " قوم من فوقى وأنا أوريك "، أو مثل المشهد المعروف فى مسرحية الفنان محمد صبحى بحمل رجل ضخم لشخص ضعيف وهزيل، فإذا بالضعيف يقول له "متقدرشى". هذه السخرية ليست فنًّا من أصناف الكتابة، بل هى نوع من الانهزامية، ولا نعرف كيف لكاتبة كبيرة لم تقرأ حتى اعترافات العدو الإسرائيلى نفسه بما تكبده من خسائر ومقتل عدد من ضباطه وجنوده لم يخسر مثلهم فى حروب كثيرة، وأنه فوجىء بالعتاد الفلسطينى. وكيف لا تعلم "البيسى" أن ميزان القوى لا يقاس بالعتاد وحده، بل أيضا بموازين أخرى، وأهمها الشجاعة والروح والعقيدة القتالية. نفهم أن يقال أن العدو الإسرائيلى يلجأ إلى القتل العشوائى والتدمير الشامل فتضيع أرواح الأبرياء من النساء والأطفال، وأنه يمكن العمل على حقن الدماء، ولكن حتى هذا التعاطف ضاع من البيسى وأمثالها بفعل الشماتة والسخرية.
ولا نعرف ماذا لو كانت البيسى تكتب وقت خوض مصر لحرب الاستنزاف لمجابهة العدو الصهيونى بأسلحة أقل ألف مرة بعد أن دمرت كل أسلحتنا فى حرب 67، وكان العدو الهمجى يلقى بقنابله على الأطفال والأبرياء مثلما فعل فى بحر البقر وأبو زعبل، هل كانت البيسى ستكتب " متقدرشى "، وتدعو للسلامة وترك المحتل يعبث فى أرضنا ؟ إن خيار المقاومة مفروض على الشعوب المستعمرة أو المعتدى عليها، فهل تظن وأمثالها أن العدو الصهيونى من حقه هذه الأراضى أم تعتقد أن الفلسطينيين هم الذين احتلوا الأراضى الإسرائيلية ؟! هناك نظرية طريفة كان يقولها أستاذ الصحافة جلال الحمماصى أطلق عليها " هبتل فى الزفة "، وهى بالتعبير العامى أن صحفى لا يكون لديه رؤية كافية " فيهبل " فى الكلام، فحرف الهاء فى "هبتل " تعنى " هلهلى " أى أن الصحفى يكتب بدون رؤية، والباء تعنى " برم " أى الادعاء بالفهم السريع وبالبلدى " يفهمها وهى طايرة " أو قبل ما تطير، مثل حالة (البيسى وعكاشة ولميس جابر)، وغيرهم ،والتاء تعنى " التائة " سواء ينتظر التعليمات أو " يخبط "، وهو وحظه، واللام تعنى " لكاك " أى يحشو المضمون بتوهيمات ليس لها قيمة. وهناك نظرية أخرى اسمها إعلام ال " إف . بى . آى "، وهو الإعلام الذى يتبنى استخدام مصطلحات معينة ويظل يرددها حتى تتحول بمرور الوقت إلى صورة ذهنية راسخة عند المتلقى، ومع ترديد السخرية الانهزامية يرسخ فى الذهن أن الأفضل، هو الاستسلام والتفريط وفقا لنظرية " عيش جبان تموت مستور " ونحن نربأ بسناء البيسى أن تنحدر إلى هذا المستوى
فالبيسى كاتبة مشهود لها بالثقافة الواسعة والأسلوب الجميل، ولكن يبدو أنها عندما تخرج من إطار الكتابة الثقافية، وتكتب فى السياسة تصاب بحالة " هبتل "، وهى أفضل حالا من إذا كانت تعمل هذا عن عمد، لترسيخ صورة ذهنية لدى المتلقى، وتكون فى حالة الكتابة عن المقاومة تهدف إلى الاستسلام والانهزام، وفقا لنظرية إعلام ال " إف . بى . آى "، ولذا ننصحها الاكتفاء بالكتابة الثقافية، وإذا كان ما تكتبه لا يكفِ المساحة المخصصة، فمن الأفضل ترك المساحة بيضاء. فالمقاومة قدرت، والعدو الإسرائيلى يلقى بقنابله على الأبرياء؛ لأنه خسيس، وغير قادر على مجابة المقاومة . . واسألى الصهاينة يا سناء ؟