إنّ الحكومة الإسرائيليّة، بقيادة بنيامين نتنياهو، لن تجري مباحثات حول اتفاق لوقف إطلاق النار، كما تفكر في إنهاء الحملة العسكرية من جانب واحد على أساس الهدوء مقابل الهدوء، وذلك في محاولة منها للتنصل من استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار مع فصائل المقاومة الفلسطينية، والاتجاه لإعلان وقف إطلاق نار من جانب واحد، حسبما نشر موقع (WALLA) الإخباريّ العبريّ، نقلا عن مسؤول إسرائيليّ وصفه بأنّه رفيع المستوى. وأوضح الموقع فى تقرير نشره ، اليوم الآحد، نقلاً عن المصادر نفسها، أنّ جلسة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية (الكابينيت) بحثت يوم أمس إمكانية وقف إطلاق النار من جانب واحد. في السياق ذاته، قالت صحيفة (هآرتس)، نقلاً عن مصدر إسرائيليّ وصفته بالمطلع جدًا قوله إنّ الدولة العبريّة لا تعتزم إرسال وفد مفاوضات إلى القاهرة في الوقت الراهن. مُشدّدًا على أنّه ليس ثمة جدوى من إجراء تسوية في الوقت الراهن، نحن ندرس تأسيس نهاية الحملة العسكرية على الردع وليس على الحسم، بحسب تعبيره. وكان المعلق الإسرائيلي، يوسي فارتر، قد أشار في مقالة نشرها في صحيفة (هآرتس)، أمس، إلى أنّ نتنياهو يعمل على تخفيض المخاطر المُحدّقة به، وأضاف قائلا إن التخبط داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن العدوان على غزة وصل إلى ذروته، لافتا إلى أن حكومة نتنياهو ليس لديها أي فكرة إلى أين تتجه، هل تتقدم إلى داخل قطاع غزة أم تلتف ونعود إلى الوراء؟ وبأية شروط؟ وبأية طريقة؟ على حدّ تعبيره. وزاد فارتر قائلا إن رئيس الوزراء يتحرق لوقف القتال في الجنوب، ولكن الظروف السياسيّة لم تنضج بعد، ومن جهة أخرى، فهو يواجه انتقادات حادة علنية من وزراء في حزبه وفي حكومته بشأن إدارته للأمور، ويواصل رؤساء السلطات المحلية في مستوطنات الجنوب حثه على تعميق الدخول إلى قطاع غزة، في حين قال ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي إنّه حان الوقت لكي يقرر المستوى السياسي إلى أين يتجه الجيش في المعركة. علاوة على ذلك، لفت المُحلل الإسرائيليّ إلى أنّ الحقيقة التي تقلق نتانياهو هي أن إنهاء القتال بشكل يعتبره الجمهور الإسرائيلي ضعفًا وتنازلاً وإرهاقًا قد يكون ثمنه سلطته، حيث إن الاستطلاعات تشير إلى دعم شعبي لمواصلة الحرب. وأضاف أن نتانياهو قد يخرج من الحرب من غزة كمن لم يحقق المطلوب، سواء من الناحية الأمنيّة أو من الناحية السياسيّة. في السياق ذاته، شنّ مُحلل الشؤون الأمنيّة في الصحيفة، أمير أورن، هجومًا لاذعًا ضدّ جهاز الأمن العام (الشاباك)، وقال في مقالٍ نشره اليوم الأحد في (هآرتس)، إنّ الشاباك فشل فشلاً ذريعا في العدوان الأخير على قطاع غزّة، ولم يتمكّن من تزويد الجيش بالمعلومات. وأضاف أنّ الشاباك، الذي يتبع مباشرةً لنتنياهو، يتحمّل هو ورئيس الوزراء مسؤولية هذا الفشل، على حدّ تعبيره. وخلُص المُحلل إلى القول إنّ الأسباب التي أدّت إلى هذا الفشل، مردّها أنّ هذا الجهاز لم يفهم التحولات التي طرأت على قطاع غزّة بين الأعوام 2005 حتى 2007، ولم يعرف كيف يتعامل مع الواقع الجديد الذي تمثّل في انسحاب الجيش الإسرائيليّ في العام 2005، فوز حماس في الانتخابات للبرلمان الفلسطينيّ في العام 2006، وسيطرة حماس على الحكم في قطاع غزّة في العام 2007، على حدّ قوله. ومن جانب آخر، قال المحلل السياسي “آري شبيط” إن عمليّة الجرف الصامد تعرضت للهزيمة، ومقاتلو حماس ما زالوا يطلقون النار، ويتسللون داخل المستوطنات، ويقتلون ويصيبون العشرات من الجنود، لأنّ الجيش لم يستعد بجديّة للحرب، وحماس فجرت الفقاعة في وجهه،وكبدته خسائر فادحة من القوات العسكريّة والبنى التحتيّة، لأنّ المعنى الإستراتيجي للسيادة انتُهكت، والجيش لا يمتلك القدرة لاحراز حسم واضح بمعارك التماس، وقوة إسرائيل الإقليميّة لم تنجح بالتغلب بصورة حاسمة على حماس التي نجحت بتعريض إسرائيل لتهديد حقيقي منذ 4 عقود. وجاء في افتتاحية صحيفة “هآرتس” اليوم: “القتال الحاصل في غزة يكشف مواضع خلل مقلقة بالجيش،في الاستعداد للمعركة وشكل إدارتها، لكن مواجهة عدو مصمم وقليل الميزانيّة كحماس، جعله يطور قياداته العسكرية رداً على التفوق الجوي والاستخبارات المتطورة لإسرائيل، وحرم الجيش من الحيل والمفاجآت، واستند فقط لسلاح الجو، وإهماله للقوات البريّة والوحدات الخاصة، وهناك إخفاق استخباري باكتشاف منظومة القيادة والتحكم لدى حماس، والعثور على مكان قادتها في ضوء أنّ كتائب القسّام ما زالت تواصل التحكم بقواتها، وإطلاق الصواريخ على إسرائيل والهجوم على القوات، وفي ظل غياب المعطيات الاستخبارية، اختار الجيش استخدام النيران الكثيفة ضد المناطق المأهولة وتعريض المدنيين للقتل والتشريد”.